اخبار السودان

الكيزان لا يمثلون الإسلام

عبدالمنعم هلال

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

مصطلح (الكيزان) الشائع في السودان يشير إلى جماعة من السياسيين الذين ينتمون إلى الحركة الإسلامية التي حكمت البلاد لعقود بقيادة حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وكثيراً ما يثار جدل حول مدى ارتباط هؤلاء بالإسلام كدين وعن تمثيلهم الحقيقي له ولكن الحقيقة التي يجب توضيحها هي أن الكيزان لا يمثلون الإسلام وإنما يمثلون توجهاً سياسياً خاصاً بهم قد يختلف جذرياً عن تعاليم الدين الإسلامي الجوهرية.
الإسلام دين إلهي وشامل جاء برسالة أخلاقية وروحية تهدف إلى إصلاح الإنسان والمجتمع أسسه تقوم على العدل والمساواة والرحمة بين البشر هذه القيم ليست عرضة للتغيرات السياسية أو الحزبية بل هي قواعد ثابتة تصلح لكل زمان ومكان والإسلام يخاطب البشرية ككل ويوجهها نحو تحقيق العدل والإحسان في التعامل مع الآخرين دون تمييز أو تعصب.
الإسلام في جوهره لا يتعلق بالسلطة أو القوة السياسية بل هو نظام شامل يركز على العدل الاجتماعي والأخلاق الفردية والعلاقات الإنسانية.
الرسالة المحمدية كانت ولا تزال تدعو إلى الإصلاح الروحي والنفسي قبل الإصلاح السياسي أو الاقتصادي ولذا فإن الإسلام هو دين التسامح والرحمة، ويعزز قيم الحوار والتعايش مع الآخرين.
التنظيم الكيزاني يعتمد على مزيج من الأيديولوجيا الإسلامية والسياسية التي تهدف إلى إقامة نظام حكم سياسي إسلامي حسب مفهومهم الخاص لكن التحدي يكمن في أن رؤيتهم للإسلام غالباً ما تكون مشوهة ومحدودة بأفق سياسي ضيق وهو ما جعلهم يتبنون سلوكيات وممارسات بعيدة عن تعاليم الإسلام الحقيقية.
في السودان خلال فترة حكم الكيزان الطويلة شهدت البلاد انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وفساداً اقتصادياً وقمعاً سياسياً للمخالفين والمعارضين وهذه الممارسات تتعارض بشكل صارخ مع قيم العدل والشفافية والرحمة التي يدعو إليها الإسلام ولذلك فإن الكيزان في ممارساتهم السياسية لا يعبرون عن الإسلام بقدر ما يعبرون عن مصالحهم السياسية والاقتصادية والأيديولوجية.
المشكلة الكبرى التي تواجه الحركات الإسلامية السياسية بما في ذلك الكيزان هي تسييس الدين وتحويله إلى وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وهذا التسييس يؤدي غالباً إلى تشويه الرسالة الإسلامية وتحويلها من رسالة أخلاقية وروحية إلى وسيلة للسيطرة والتحكم في مصائر الناس.
الكيزان كمثال حي على هذا التوجه استخدموا الدين لتبرير ممارساتهم السياسية والاقتصادية مما أدى إلى نفور الكثيرين من الإسلام كدين وأساءوا إلى صورة الإسلام في عيون غير المسلمين وحتى المسلمين أنفسهم.
هذا التلاعب بالدين لأغراض سياسية ليس فقط أمراً خطيراً بل يتعارض مع جوهر الرسالة الإسلامية التي جاءت لتخدم الإنسان وتحرره من الظلم والاستبداد لا أن تستغل في خدمة أجندات سياسية ضيقة.
الإسلام أكبر من الكيزان والإسلام هو دين شامل لكل جوانب الحياة ويركز على تحقيق التوازن بين الروح والجسد بين الفرد والمجتمع وبين العدالة والرحمة هذا الدين العظيم لا يمكن أن يختزل في مجموعة من الأيديولوجيين أو السياسيين الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية أو الحزبية.
الكيزان أو أي جماعة سياسية أخرى قد تتبنى أفكاراً تستند إلى الإسلام أو تتظاهر بذلك ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعتبر تمثيلاً حصرياً للإسلام. الإسلام أوسع وأشمل من أي حركة أو تنظيم ويمثل منظومة أخلاقية وروحية تتجاوز كل الانقسامات السياسية والأيديولوجية.
الإسلام دين عالمي يدعو إلى العدل والمساواة والرحمة وهذه القيم الثابتة لا يمكن أن تتغير أو تتلون بأهواء الحركات السياسية والكيزان رغم تبنيهم لخطاب ديني لا يمثلون الإسلام وإنما يمثلون رؤية سياسية ضيقة استغلت الدين لأغراضها الخاصة.
الإسلام أكبر وأعظم من أن يحتكر أو يستغل من قبل أي مجموعة سياسية وأي محاولة لتسييسه تتناقض مع جوهره القيمي والأخلاقي.
الكيزان لا يمثلون الإسلام ومن خلال أفعالهم هم الأبعد عن الدين الإسلامي السمح.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *