تأمُلات

الكوزة زعلانة من سفيرنا ليه!!

كمال الهِدَي

الحاقاً بمقال كتبته قبل يومين بعنوان ”  العودة الطوعية لمصلحة من؟”، استمعت بالأمس إلى رسالة صوتية تناولت الموضوع ذاته، وكان لزاماً علي أن أُعلق عليها.

بدا واضحاً من نبرة صوت صاحبة الرسالة أنها موجوعة بسبب اختطاف مبادرتهم، التي قالت في رسالتها أنها دُشنت منذ شهور لأجل مساعدة بعض السودانيين المتعثرين بسلطنة عمان في العودة للبلد، قبل أن يتم الاستيلاء عليها من قِبل مجموعة جديدة.

وعلى الرغم من أن صاحبة الرسالة دكتورة، فقد بدا لي واضحاً أنها، كحال الكثيرين، تعاملت مع الأمر بعاطفة أكثر من التفكير العميق والتأمل.

فمن الطبيعي جداً أن يعمد  الكيزان إلى اختطاف مبادرات صغيرة كهذه وتغيير مسارها، فهم قوم اختطفوا وطناً كاملاً منذ عقود خلت.

فلو تأملت الدكتورة هذا الجانب بعمق، لما عرضت نفسها لهذا الضرر النفسي الذي بدا جلياً بين سطور كلماتها، وإن لم تُصرح به مباشرة، ولو نظرت بشيء من التمعن، لأدركت أن الزخم الذي حظيت به فكرة المبادرة لم يكن عفوياً، بل كان عملاً مقصوداً لا علاقة له في جوهره بمساعدة الناس، كما قد يبدو في الظاهر، وهو ما كنت قد أشرت له في المقال السابق.

فمن أراد إعانتك،  كان عليه أن يقف إلى جانبك حين كنت مُهدداً بالموت،  لا أن يضاعف أسعار التذاكر كما فعلت شركتا بدر وتاركو ثم، وبعد أن يقرر التنظيم الذي يقف خلفهما ما يشاء،  يخرج مسؤولو الشركتين ومع كيزان آخرون ليزعموا أنهم بصدد مساعدة السودانيين المتعثرين على العودة إلى وطنٍ تفتقر كثير من مدنه إلى نعمة الأمن والسلام وبعض أبسط مقومات الحياة، بدليل أن الحكومة نفسها لا تزال تواصل عملها من بورتسودان.

وفي هذا السياق، يصدق على على كثير من أهلنا الطيبين بما في ذلك بعض المثقفين والمستنيرين وصف ” المغفل النافع” ، إذ نُسهم، دون وعي، في تحقيق أهداف خصومنا، ونلحق الأذى بأحبتنا  تحت وهم أننا نمد لهم يد العون.

من الطبيعي جداً، يا أختي الدكتورة، أن يكذب بعضهم و يعلنوا عن تقديم  خدمة مجانية ما، بينما يكون بعض المستفيدين قد دفعوا من حر أموالهم في الخفاء، وفي مثل هذه الحالات، يُلام المواطن الذي يجهل حقوقه ولا يرفض استغلاله في عمل يُراد به الظهور الإعلامي أو نيل الثناء من مسؤول يتوهم أنه أهل للاحترام والتبجيل.

 وبدت لي طيبة صاحبة الرسالة من جزعها من التهم أُلصِقت   بها،  مثل وصفها بالقحاتية ، ولا أدري ما المشكلة في ذلك؟ هل هؤلاء القحاتة لم يعودوا من أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ أم هل يوجد في هذا الكون من هم أشر وأجرم من الكيزان حتى تتخوفين من وصفهم لكِ بالقحاتية؟!

 وضمن نفس السياق أثار سخريتي منشوراً للكوزة داليا الياس تناولت فيه الموضوع ذاته، هاجمت فيه سفير السودان بالسلطنة، وظهرت في صورة من تتدثر بثوب الرحمة، حاملة هموم البسطاء والمتعثرين، وكأن الناس قد نسوا  أنها ذات (الداليا) التي شاهدوا فيديوهات  حياة البذخ التي عاشتها مع بعض صويحباتها في القاهرة خلال هذه الحرب.

وقد غاب عنها، أو تجاهلت عمداً، أن من يدعمون الحروب والقتل ودمار الأوطان لا يحق لهم التحدث عن معاناة  البسطاء.

. والأعجب من ذلك أنها فرت إلى مصر التي تضم أسوأ سفارات السودان من ناحية فرض الإتاوات وإهانة المواطنين وإلحاق الضرر بهم، لكنها أغفلت كل هذا، وبدلاً من نقد ما عايشته هناك، وجهت سهامها نحو سفير السودان بمسقط، فيما بدا وكأنه خلاف داخل البيت الواحد لا يعنينا في شيء، بل ربما كُتب منشورها بتحريض من أطراف معينة، على عادة كثير من الأقلام الرخيصة التي تُستخدم لتصفية الحسابات.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.