اخبار السودان

الكواكب تهوى تباعا السودانية , اخبار السودان

د. وجدي كامل

 

الكواكب تهوى تباعا

وجدي كامل

مثلما مضى كثر من مبدعين وكتاب ومثقفين سودانيين اثناء هذه الحرب، مضى الساحر، ورحلت الاسطورة الفنية والموسيقية النادرة. رحل الصوت الذي لطالما علمنا سماع الغناء الآخر. الغناء المتجاوز، الغناء الذكي،الرصين. رحل انسان صديق واخ جميل جمعتني به الحياة عن قرب فعرفت فيه انبل الصفات واقوى مشاعر الاخلاص والحب للناس والبلد الذي لم يرجع له ولم يدفن تحت تراب عشقه ايما عشق وغنى له اجمل الاغنيات والاناشيد.

الموسيقار محمد الأمين

جاء ليتفرد ويخلد فصعد سلم الموسيقى والغناء من اسفله عندما حضر من عاصمة الجزيرة ود مدني حتى تربع على عرش الغناء بعد معاناة لا يتحملها الا ذوي النفوس الكبيرة. راى في اكتوبر ثورته وفاتنته ومخلصته من القهر الشخصي والعام فخرج للناس وتحول الى ايقونة للاناشيد الوطنية والثورية التي ورثها السودان الحديث جيلا بعد جيل. حاضرا ومتابعا كان لكل التفاصيل السياسية والاجتماعية واحوال الاصدقاء والمبدعين حيث شارك معنا في الصندوق الاهلي لدعم المبدعين وواتسابه فكان سباقا في السؤال عن احوالهم. وكم كان يجهش بالبكاء عند سماع مرض احدهم او موته. لا انسى حار بكائه يوم ان هاتفني وانا بالدوحة في رحيل مبارك بشير ومحمد طه القدال حتى اشفقت عليه من الحزن ومرارة الفقد. يوم وفاة القدال وبعد ما لاحظته من انهيار عليه اقترحت له ان يخرج في الحال من منزله ويذهب لاستقبال الجثمان في المطار وان يكون في مقدمة المستقبلين وكنت اتابع عن طريق قناة النيل الازرق وصول الجثمان لمطار الخرطوم فرايته بالفعل تحت سلم الطائرة وبحانب رئيس الوزراء ( انذاك) عبد الله حمدوك. محمد وبقدر ما كان ساخرا وفكها وصاحب طرفة كان حنينا قريبة دمعته الى العين. غاب العبقرى، وحيث لا تزال النكبة حاضرة، والاحزان تخيم، والسودان تحت النيران وفي اكف عفاريت، وسلطة اوغاد، وتوقيت حرب طاحنه وظالمة حرب تجرد حتى من اغلى الرموز الوطنية الفخمة والباسلة. بموته تنطوي حقبة من الموسيقي والغناء المتفرد والمواهب العظيمة التي نادرا ما تتكرر في تاريخ الشعوب. وداعا محمد الامين حمد النيل الطاهر الازيرق، والتعازي لزوجته الاستاذة سعاد مالك وابنائه معز وغسان وياسر، والتعازي لكل شعوب السودان في فقدها الجلل ولا نقول الا ما كتب الله لنا وانا لله وانا اليه راجعون.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *