الكتابة والتدوين بعد دخول العرب السودان
ياسر زمراوي
بدات الكتابة في السودان : في العهود بعد دخول العرب والاسلام ، بكتابة القران ونقل الحديث ، الا ان الاثر الكبير كان للتدوين فيما يتعلق بالصوفية ، نشرا لكرامات الشيوخ واثرهم النفسي علي مريديهم ، وحتي نقل انساب وسلالات الشيوخ , تكونت القبايل وتفرعت ، وظهرت بعدها اللكنات واللهجات المحلية لكل القبايل الناطقة بالعربية بعدا او قربا من اللغة النوبية السايدة قبلها , ظهرت بعدها الثقافات المحلية واللغة البعيدة عن اللغة العربية كما كانت هي اي اللغة العربية في زمن الحبيب المصطفي عليه افضل الصلاة والسلام وبعده في زمني الدولة الاموية والعباسية اللتان شهدتا اوان تمدد اللغة العربية والاسلام في السودان .
شهد السودان زيارات من كتاب عرب كابن خلدون وابن بطوطة وخير الدين التونسي واصبح السودان وقتها ارضا محكية عنها وعن اجناس قبايله وليس حاكيا عن نفسه منتشرة ثقافة بين الناس , في تلك الفترة ظهر ما يعد اول كتاب سوداني منشور ومنتشر وهو كتاب طبقات ود ضيف الله , وهو كتاب يحكي عن سرد قصص شيوخ وطرق الصوفية في السودان في فترة دولة سنار في الفترة المماثلة للقرون الوسطي ورغما علي اعتماد الكتاب علي كرامات والافعال الخارقة المنسوبة للشيوخ الا انه شهد بداية للتشجبع وللتدوين وبداية لنقاش الفكر عن الشكل الاصيل للتدين وبداية علي الدعوة للانفكاك من شيوخ وعلماء السلطان كما دعا لذلك الشيخ والشاعر فرح ود تكتوك في قصيدته التي كان لها حظ ان تنتشر في بقايا الممالك العريية انذاك والتي بداها قولا
يا واقفا يومك علي ابواب السلاطين
ارفق بنفسك من هم وتحزين
انتشرت هذه الكتابات حتي اتي الشعر كديوان للكتابة السوانية في عهد الاستعمار التركي , وربما لم يعرف هذا الشعر ويجمع خارج السودان لكنه كان كشعر الشعراء العرب المقاومين للاستعمار التركي وصلفه وجباياتها وطرق الجباية المهلكة , واتي بعده الاستعمار الانجليزي الذي كان اكثر تركيزا في زيادة المدارس ومنها مدرسة كتشنر عام ۱۹۰۲م التي تحولت لاحقا عام ۱۹۲۰م الي جامعة تخرج منها المثقفين والمتعلمين الذين نهلوا من الادب والعلم العربيين والاوربي منه وكانت مجلة حضارة السودان عام ۱۹۲۳م التي انشاها امام
طائفة الانصار السيد عبدالرحمن المهدي وتراسها الاستاذ حسين شريف وفيها نشر الادب والشعر السوداني .
في تلك الفترة ظهر ناقدين يعدان من اوائل النقاد السودانيين خارج نقد الشفاهة واخوانيات النقد وهم الامين علي مدني بكتابه (اعراس وماتم) وحمزة الملك طمبل ، نقد الامين علي مدني في كتابه الادب الغنائي السوداني في تلك الفترة والتشبب بالمراة بدلا علي الانفتاح علي قضايا المجتمع وبدلا عن النظر للمراة كمساهم في المجتمع يجب ان يكون لها حق العمل والوظيفة والتعليم لا كمثل المراة الجالسة في خدرها يتغزل فيها الشعراء , هوجم الامين علي مدني لصراحته ولنقده الحاد المتسم بالسخرية والغضب حتي انه انعزل عن الناس لحين وفاته اما حمزة الملك طمبل فكانت دعوته لشعر سوداني بعيدا التشطير عن المنتشر انذاك وهو يبدا الشاعر قصيدته بابيات لشعر قديم جاهلي او عباسي او اموي ، وبعيدا عن التشبب بالمراة وبعيدا عن المعارضة وبدا القصيدة ايضا بذكر النسيب والاطلال ، وايضا دعا لبعد النص عن بنية الشعر العربي التقليدي ايضا هوجم حمزة الملك طمبل واعتزل الكتابة والناس لحين وفاته عام ١٩٦٠م , بعد ذلك الكتاب ظهر الشاعر قصير العمر التجاني يوسف بشير بشعره الداعي للتامل في الحقائق ومعرفة الله من داخل التامل في المسائل الكونية والخلق الالهي وليس تواترا كما هي العادة ونشر شعره الذي اتهم بعدها بالزندقة وكان ان هوجم هو ايضا وتوفي مريضا بالسل نتيجة عزلته وفقره عام ۱۹۲۷م في تلك الفترة ايضا ظهر معاوية محمد نور الداعي لكتابة سودانية تماثل الوقايع السودانية والثقافات السودانية والتعدد الاثني والثقافي والتباين الثقافي والاجتماعي بين مكونات المجتمع السوداني وكان ان سافر الي بيروت لينشر في صحفها معرفا القاري العربي بالكتابة السودانية وبالوقايع السودانية رافعا شعار السودان للسودانيين والشعر السوداني عن السودان اولا , الا انه عاد مصابا بلوثة عقلية لحين وفاته عام ١٩٤٧م وانتشرت الكتابة الصحفية والادبية بعدها وبعد انشاء مجلة الفجر بواسطة الاديبين عرفات محمد عبدالله ومعاوية محمد نور وعملا الاثنان علي فتح الابواب بمحبة للادب المترجم من اللغة الانجليزية بواسطة محمد عشري الصديق واخوته و غيرها وتمدنت الحياة في اغلب مدن السودان الكبيرة حيث عرف السودانيين القطارات بين المدن والترام داخل المدن وانتشرت المصانع للزيوت والمواد المعلبة وانتشرت محالج القطن ومصانع ومشاغل الملبوسات , كل ذلك انتج طبقة وسطي من السودانيين مثقفة كان لها الفضل في انتاج جماعات ثقافية وادبية تعمل علي اثراء الادب والادب المقاوم ضد الاستعمار فكانت جماع ابوروف وجماعة الفجر وجماعة اللواء الابيض والاخيرة تحالف بين صغار الضباط من العساكر والمثقفين والادباء والصحافيين السودانيين ونتج عن ذلك شعر قومي سوداني وجد ريادته عند محمد سعيد العباسي من قبل واستمر مؤثرا حتي علي الغناء العاطفي وقتذاك.
اسس النهضة الوطنية واتجاهاتها عند شعراء مدرسة الاحياء السودانية (قراءة في الاشعار والافكار)
ا. د. محمد الحسن علي الامين
كتاب طبقات ود ضيف الله ، محمد نور ود ضيف الله
كتاب اعراس وماتم ، الامين علي مدني الناشر الطابع السوداني 1974م
101 صفحة
مقالات متفرقة للناقد والكاتب عبدالمنعم عجب الفيا .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة