بسم الله الرحمن الرحيم
رائد مهندس محمد احمد ادريس جبارة
روى مسلم ( 2865 ) عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ ) .حديث شريف… أي : لا عقل له يزبره ، ويمنعه مما لا ينبغى وهو موضوع الشاهد هنا.
يقصد بالكائنات الفضائية هنا روساء الاندية الكبيرة ( خاصة هلال مريخ) الذى يهبط فى مقعد رئيس النادى من غير تدرج عهده الناس فى المؤسسات الكبيرة . فحسن ابو العائلة ، محمدالياس محجوب ،الطيب عبدالله، احمد عبدالرحمن الشيخ ،أحمد دولة ، كمال شداد، وعصام الحاج وغيرهم تدرجوا فى الادارة عبر الزمن عبر مراحل عركوا فيها تفاصيل العمل الرياضى كيف يدار وكيف يتطور …اما الفضائين فهم شئ مختلف.. كانت دائما خلف هولاء الفضائين جهات تمدهم بالمال وفق اهداف . ونعرض فى هذا المقام لعدد من الفضائين وتاثيرهم .
الفضائي المحلى الاول …جاء ظهور هذا الفضائي بعد حادث مؤسف والسودان مقبل على سلام بعد حرب طويلة …فتقبله الناس واقبل على الناس يغدق الاموال بكرم …كانت الجهة التى تمده بالمال هى التى تضع له العراقيل فى الخفاء فمكث عقد من الزمان ونصفه تعلم فيه الادارة وسبر اغوار المجتمع الرياضى وعرف عجره وبجره. حتى اذا اشتد عوده وعرف المداخل والمخارج انقلب عليه صانعه فما زال يتعقبه حتى قام من البلد ولى .هناك فضائين محليين كانت مدة مكثهم قليلة وتاثيرهم ضعيف لذا اعرضنا عن ذكرهم.
الفضائي الخليجى الاول…ظهر هذا الفضائى الى السطح فى ذات الفترة الزمنية التى ظهر فيها الفضائي المحلى الاول وبينهما نسب وان كان الخليجى اسن فقد تقدم المحلى فى الظهور لان المحلى وجد الطريق سالك والدار خلا …فان الخليجى وجد منافسة من فضائي السافل الذين لم يصمدوا كثيرا وانفكت جبارتهم وتشتت شملهم وحار دليلهم فى معركة انتخابية استفادت منها العامة فحشو جيوبهم من سلب الفريقين .استمر الفضائي الخليجى الاول نصف عقد من الزمان بعده وضع الكفيل قدميه فى القيود ( ومن وجد الاحسان قيدا تقيدا).
بعد نصف عقد دونه عام من اختفاء الفضائي الخليجى الاول ظهر الفضائي المحلى الثانى ..فضائى مرهف الحس ينشد الاغانى …من غير ميعاد ظهر واللقيا اجمل شئ …لم يعش كثيرا مثل اسلافه …فقد استهلك الوعود سريعا والحكمة القائلة (عرسوهم بالكذب وعيشوهم بالصح)…اثاره فى المبانى مدهشة وحكايته فى المعانى مضحكة …تحسس محفظته فادرك ان المال تلته ولا كتلته فعرد.
ثم ظهر دجل الفضائى الرياضى ..الكل كان يعرف حقيقته لكن احدا لم يستطع منعه وايقافه لا حكومة السودان ولا حكومة العالم (الفيفا ) اللطيفة… حير صناع الفضائين فى الفضاء فقد استطاع ان يضرب السماء جير ويقد التعريفة (ما بجيب اسمه الهوا بقسمه). باع السمك فى الماء وكل كاسات النادى واللاعبين الاساسين والاحتياطى واورث النادى ديون من خياله..ومازال يدور حول النادى ينتظر فرصة اخرى . لعله يعيد الكرة .
الفضائي الهجين الاول…محلى مقيم فى الخارجى شئ يشبه (HYBIRD) يشبه الفضائي المحلى الثانى انهما لم تكن ثمة جهة تقف خلفهما…الدافع الذاتى وحاضنتهما احلامهما والمرضعة (تدين وتبين…الاصل معروف …والدين فى الكتوف)…اضطربت الاحوال من حوله نسبة لمناوشات الدجال الفضائى الرياضى وظهور الفضائي المحلى الثالث بقوة فانسلخ عنه الكثيرين بعد ان نضب معينه وقل مخزونه …فااثر الانسحاب !!!.
الفضائي المحلى الثالث…هذا الفضائي حالة تطور نادرة فقد كان منغمسا فى الوسط الرياضى يعرف دروبه الازقة والحوارى لكن فى الظل فهو لم يغشى لهيب العمل الادارى وحره …لم تحاصره الجماهير يوما ولم تهتف ضده او معه …فى يوما ما لبس فى راسه كدمول …فاحس براسه وجيبيه يتملان مالا فهبط فى النادى الذى طال ما عشقه ومشى فى عرصاته …كان من السهل ان يجمع حاشية فقد تعود المكان والناس …لكن مقامه لم يطل فالكل يعلم ماحل بالكدمول…
الفضائي الهجين الثانى فى الحقيقة هنا توجد ثنائية فقد كان هروب واختفاء الفضائي المحلى الثانى هو التمهيد لظهوره …وما زال محلقا .
الفضائي الخليجى الثانى ظهر فجاة ولا احد يعلم كيف ظهر …لم يسمع به احد من قبل …لم يكتب شعر ولم يلحن لم يكتب عمودا لم يسهم فى تسجيل لاعب وا دعم او نقد او حتى المشاركة فى قروب …ظهور الغوامض وغموض الظاهر صبغ كل شئ …اصبح اجتمع النجم تشتيتا …فى الفيزياء يقال ان الثقوب السوداء هى نجوم ماتت فاصبحت عالية الكثافة تبتلع كل شئ لا بل تزدرده من غير مضغ…مازالت مراصد الفلك ترصد وتتابع الحالات الفضائية الاخيرة .
عالم ماوراء الفضاء يضم المال والاعلام الحاشية والجمهور …المال هو اهم ادوات الفضائى لولوج عالم الكرة السودانية فلولا المال لظل الفضائي فى مقاعد المتفرجين فهو فى الغالب عارى من اى موهبة وعاطل من اى مقدرات استثنائية .بعض الفضائين غنا ولحن ورقص وعرض وكتب الشعر كل ذلك بماله مما جعل شاعر كبير مثل هاشم صديق يسخر من ذلك !!الفضاء فى ذلك يشبه روساء الدول الذين لم يعرف عنهم تذوق الشعر ناهيك عن كتابته لكن الناس تفجاوا بدواوين ضخمة لهم فى المكتبات!!
الفضائى يحتاج للاعلام لتلميع صورته كما يحتاج لبعض كبار المشجعين للمشى بين الناس بالترويج له والفضائي مقابل كل ذلك يدفع المال …وقد حكى لى المرحوم جعفر الكوارتى رحمه الله…ان ظروف محشية بالمال كانت تصل بعض كبار المشجعين ايام الصراع الادارى بين متنافسيين فضائين اداريين!!
اغلب الفضائين لا يهتم بتاسيس بنية تحتية مادية وبشرية تكون حجر الزاوية لعملية تطوير استراتيجى ذلك لان همه الاكبر الهاء الناس وشغلهم . وان قام بعمل ما فى البنية التحتية مثل الاستادات والملاعب تجده قام بذلك على شفا جرف من قديم تجاوزه الزمن وعجز عن متطلبات العصر والزمن فاستادات الهلال والمريخ رغم عملية التاهيل التحديث بعيدة عن اشتراطات الملاعب الحديثة من ناحية عدد المداخل وكراسى الاجلاس واشتراطات السلامة والامان …لان تصميمها كان اقرب للعشوائية!!!
اهتمام الدولة والمجتمع بالرياضة ليس كبير بدليل حال الملاعب وعدم وجود كليات ومعاهد متخصصة عدا فى جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا…وكان من الممكن ان تلعب العلاقات الدولية والدبلوماسية دورا فى ذلك …كما لا يوجد تاهيل متخصص للادارين الرياضين …فالامور ماشة بالبركة
الفضائي الرياضى غالبا هو نتاج تفاعل السياسة مع الرياضة …وحتى تتعافى الرياضة السودانية تحتاج الساحة السياسية ان تعافى ويصبح امر اهل السودان بيدهم …فيتم اجتذاب الشباب لمراكز تكوين رياضى وتربوى (اكاديميات) وقد كانت للصحافى صلاح حاج سعيد الله يرحمه تجربة فى محاولة انشاء اكاديمية رياضية مستفيدا من عمله فى كلية التربية الرياضية بجامعة السودان لكن التجربة لم ترى النور.
التراجع الحاد فى مستوى المدربيين السودانين انعكاس طبيعى لمستوى الللاعبين الاكاديمى فى العقود الاخيرة وعجزهم عن التطور والمواكبة ولك ان تقارنهم بمنصور رمضان رحمه الله وغيره من جيله.
اغلب اللاعبين الذين يحضرون الى السودان بمبالغ ضخمة هم من ذات الاعراق السودانية فقط الفارق هو البيئة والمحيط الرياضى والثقافى .فقد تبين ان الهلال صرف نحو اتنين مليون يورو على الاقل فى تسجيلات الاجانب حسب الارقام الموثقة ومثلها للمريخ وهى مبالغ كانت كافية لاقامة اكاديمية بمستوى مقبول…نسال الله ان يبرم للسودان امر رشد.
المجتمع الرياضى السودانى له خصوصيته وادبه وثقافته وتقاليده التى تشكلت عبر اجيال وعقود وهو يتعامل مع هجمات الفضائين بواقعية تقوم على الاذابة والامتصاص فهو غير قادر على صدهم فى ظل الحاجة الماسة لقدراتهم المالية مع قلة التجربة والخبرة التى تاتى بعامل الزمن فى حالة صبر الفضائى على عنت ولاواء العمل الرياضى فان الفضائين فى الغالب لا يصمدوا كثيرا بعد ان ينفد ما فى جيوبهم.
الانتخابات الرياضية فى الاندية لا تعبر عن ديمقراطية واهلية الحركة الرياضية انما تقوم على العضوية المستجلبة (اشبه بنواب الاشارة فى السياسة ) وهناك قصص كثيرة تحكى فى كومديا الانتخابات …اما انتخابات الاتحاد العام فالكلام عنها يطول وعلاقتها بالمال والسياسة .لكن مايميز الاتحاد العام انه لم يعرف اى فضائي فى جنباته.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة