اخبار السودان

القيم المهدرة .. والتناقض الوقح

عادل محجوب على

عادل محجوب على

• قيم الشعوب هى تمائم حفظ الأوطان ، من الوقوع فى متاهات التردى ، وشر الإنحطاط ..، تستمد جذوتها من الدين والأخلاق والعرف ، وتسرى فى النفوس كسريان الدم فى الشرايين والأوردة والكهرباء فى الأسلاك .
• والقيم الكريمة هى أساس الدين القيم يقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إن ما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق والدين المعاملة .
• فالنفاق والفتنة والشقاق وكل سىء الأخلاق جراثيم داء عضال أصابت مجتمعنا فى مقتل وسرت فى شرايين دولتنا وأصابت جسد الوطن بالوهن ، وضعف التيار الأخلاقي القويم عطل تدوير حركة النماء واستقامة صيرورة الحياة بالسودان
• ومصيبتنا الكبرى أننا جميعا ندرك ذلك وتلوكه الألسن ، وتعج به كتاباتنا ويقدم حتى فى مسميات وزاراتنا ، فكلمة التربية تسبق التعليم ، وفى هذا إقرار عظيم لكن ينقصه التطبيق العملى بواقعنا الأليم .
• وواجب الحكومات فى إصلاح شأن المجتمعات هو صميم عملها ، وهو ترمومتر قياس نجاحها وفشلها ، ويقول الحكماء أن القدوة الحسنة خير من الوصية وان حسن الخلق أحد مراكب النجاة ، حسن خلق الحكام قبل المحكومين .
• ومن الواضح أن فقدان وطننا على مر تاريخه المعاصر للحاكم القدوة ، والرئيس الملهم له دور كبير فى تخلف ركبه عن رصفائه بالمعمورة ، والذى يراه الحاكمين وكبار التنفيذيين بسفرهم الدائم بدول العالم بالمبانى والمعانى باديس ونيروبي وكيجالى وكمبالا دعك عن مدن دول الخليج والدول العربية الأخرى التى بلغت بالتقدم والرفاهية بكافة مناحى الحياة شأوا بعيدا ويبدو أن ما يشاهدونه ، بيوروهات ما أستقطع من عملة الشعب الحرة الشحيحة ، لم يثير فيهم حمية ولم يدفعهم إلى تجويد أداء بالشأن العام .
• حيث ظل الكثيرين منهم همه مصلحة الذات ، والحزب والنفخ فى أوردة غرورهما لأجل البقاء الأطول بالمنصب ، لذا يستغفلون البسطاء بالحشد وتبديد المال العام وإبتكار أساليب الفساد لتحويله لمال خاص ، مع هتاف السد السد الرد الرد ، كتجسيد حى للشوفونية المتعفنة ، والرياء الذى يحبط العمل ، والمغارز الخواء ..
• وقد أحدث التناقض الوقح المشاهد ، بين الأقوال والأفعال ، للحكام وقادة العمل العام بالسودان ، خلال العقود الاربعة الأخيرة ، والتى عاصرها جيلنا بكامل وعيه ربكة مدمرة للقيم ، ومسوح دين سمجة أحدثت شرخا عميقا فى الحياة العامة بالسودان ، تضميده يحتاج لجهود وعقود .
• فقد كان البون الشاسع بين نظرية المشروع الحضارى التى تستند على قيم الإسلام وتطبيق النقيض على أرض الواقع ، خلال سنوات حكم الإنقاذ وهى اكبر فترة حكم مرت بتاريخ السودان منذ الاستقلال ، توضحها الحقائق المجسمة التى تمشى بين الناس ، وتضج بها الحكايات ، وتبكى خطلها النكات المضحكات وهذا الأمر لايحتاج توضيحه للأسرار الكبرى التى بثتها القنوات ، ولا حديث عرابها د. الترابى وشهادته بقناة الجزيرة الفضائية ، ولا تنتطح فى ما أحدثته تجربتها بالحكم من تشويه كبير لقيم الاسلام الذى كانت تدعيه عنزان . من واقع ما طفح بالسطح من ممارسات الفساد والمحسوبية والظلم التى سادت وتعج بها المجلدات ووشمت بذاكرة السودانين . وكانت نتيجتها الفشل المريع بكافة المجالات ، والتى تضافرت مع الظلم والتخبطات العسكرية والأمنية والتهور السياسى وأحدثت الفجيعة الراهنة وأشعلت الحرب الطاحنة بينهم ووليد طموح حماية الذات الفانية ، وتطلعات النفوس المتباينة .
• وسعى قادة التجربة الإنقاذية للعودة للحكم على جثة الوطن ، رغم العوار البين الذى أصاب ممارستهم للحكم والثورة الشعبية التى إقتلعتهم ، محيرة وجديرة بالدراسة وستظل معضلة كبيرة أمام فكاك الوطن من براثن القعود ، ومثال حى لأسباب التردى الناتجة عن ضعف القيم الدينية الحقة والأخلاقية السوية .
• فحب الذات والتعصب للإنتماءات ، على حساب سلامة الوطن وإستقراره ، حتما يتناقض مع قيم الدين التى يدعون ، والتى تحرم الجلوس على كرسى حكم مغموس بالدماء وبين الأشلاء وفوق رماد الوطن وهذا الأمر تعافه النفوس السوية ، ومن يسعى إليه لاشك فى ما يعتريه من سوء الطوية .
• فعلى العقلاء من الحركة الإسلامية بالسودان بمسمياتها المختلفة وتنظيماتها وتشكيلاتها التى ظلت تتلون مثل الحرباء فى كل زمان ومكان ، وتقدم فى سبيل وصولها لغاياتها نماذج من المراوغة والمداهنة والنفاق والتدليس ما يدهش أبليس ، أن يتقوا الله فى حق هذا الوطن ، وان يراجعوا تجربة حكمهم الطويلة ، ويتركوا الوطن يرتاح قليلا من صراعهم العدمى على ظهره المدمر ، فهم يدركون أنهم قادة بكل أطراف الصراع ، ولن ينفع الخداع . فرفقا بشعب وصل قمة العذاب ووطن على وشك الضياع.
بتق رأس الشجرة القلعوا الشارع بقى رأسين تتصارع
والكل فلول يازول يا ضايع
والعين بتشوف بالضوء النابع
من نبضات القلب الخاشع
كل خبايا الزيف الطامع
وحزن الوطن إتمدد شاسع
هد مدارك العصب السابع .

 

[email protected]

 

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *