القوى والواجهات المدنية للنظام العسكري في السودان (2019م 2024م) : قراءة في معالم المشهد السياسي
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة .
تم إعداد هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT4 .
منذ أبريل 2019م ، دخل السودان مرحلة جديدة من الحكم العسكري الذي ارتدى في بعض الأحيان قناع الواجهة المدنية وفي أحيان أخرى كانت القيادة المدنية فعلية ولكنها محدودة النفوذ . هذه المرحلة كانت حاسمة في تشكيل ملامح الصراع السياسي والاجتماعي في البلاد ، وأدت إلى تهيئة المسرح لاندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023م. نحاول في هذا السياق تسليط الضوء على كيفية استغلال النظام العسكري للواجهات المدنية وتحجيمه للقوى المدنية الحقيقية ، والدور الذي لعبته هذه الواجهات في تعزيز السلطة العسكرية وتهميش القوى المدنية الفعلية.
#### 1. **الحكومة الانتقالية ذات الطابع المدني**
في محاولة لتهدئة المجتمع الدولي والحصول على الدعم المالي ، قام الجيش بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. وعلى الرغم من أن هذه الحكومة بدت في الظاهر مدنية ، إلا أنها كانت في الواقع تحت سيطرة الجيش بشكل كبير . فقد كان الجيش يحتفظ بالسلطة الفعلية في القرارات الرئيسية والسياسات الكبرى ، بينما كان المدنيون يشاركون في الحكومة بنفوذ محدود.
هذا الوضع خلق حالة من الغموض حول من يتحكم فعليًا في السودان، مما أدى إلى تصاعد الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية.
#### 2. **الدور المحوري للمجلس السيادي**
تم تشكيل المجلس السيادي ليكون الهيئة الرمزية العليا للحكم في السودان خلال الفترة الانتقالية . هذا المجلس ضم ممثلين من العسكريين والمدنيين ، لكن مع مرور الوقت، اتضح أن المجلس كان أقوى أجهزة الحكم ، وأصبح يعمل كأداة بيد الجيش للسيطرة على السلطة . فقد كان العسكريون يحتفظون بالكلمة الأخيرة في القرارات المهمة ، مما جعل المدنيين في المجلس مجرد واجهة لتحسين صورة النظام .
#### 3. **التحالفات الهشة مع القوى المدنية**
بعد انقلاب أكتوبر 2021م أصبح من الضروري للنظام العسكري تأمين نوع من الشرعية على الصعيدين المحلي والدولي . لتحقيق هذا الهدف ، لجأ النظام إلى تشكيل تحالفات هشة مع بعض القوى التقليدية التي شملت إدارات أهلية وزعامات قبلية وشيوخ طرق صوفية ، بالإضافة إلى بعض القوى المدنية الحديثة التي غالبًا ما كانت تتكون من أحزاب سياسية صغيرة ، وأيضًا بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام. كانت هذه القوى والحركات ، بسبب ضعفها وسعيها للحصول على دور في المشهد السياسي ، عرضة للاستقطاب من قبل النظام العسكري . ومع ذلك كانت هذه التحالفات سطحية في جوهرها ، حيث ظلت القوات المسلحة تتحكم في زمام الأمور ، بينما كانت هذه القوى المدنية والحركات المسلحة تلعب دورًا محدودًا وواجهات لا تأثير لها على القرارات الاستراتيجية الحقيقية.
#### 4. **التلاعب بالمطالب الشعبية**
اعتمد النظام العسكري على استغلال المطالب الشعبية لتحقيق مكاسب سياسية على المدى القصير . في حين كانت الجماهير تطالب بالتحول الديمقراطي وتحسين الأوضاع المعيشية ، قدم الجيش وعودًا فارغة بتحقيق هذه المطالب من خلال الواجهات المدنية التي أنشأها . ولكن في الحقيقة ، كانت هذه الوعود تهدف إلى كسب الوقت واحتواء الاحتجاجات دون نية حقيقية لإجراء أي إصلاحات جوهرية . هذا الأسلوب من التلاعب بالمطالب الشعبية ساهم في تعميق الفجوة بين الجيش والشعب ، مما زاد من حدة التوتر والصراع في البلاد.
#### 5. **تهيئة الأجواء للحرب الأهلية**
أدت السياسات العسكرية التي تم تنفيذها تحت غطاء الواجهات المدنية إلى تأجيج الصراعات الداخلية ، حيث شعرت العديد من الفصائل بأنها مستبعدة من العملية السياسية وأن مصالحها قد تم تهميشها . هذا الشعور بالإقصاء ، بالإضافة إلى الفشل المستمر في تحقيق توافق وطني حقيقي ، أدى إلى تصاعد التوترات بين مختلف الأطراف ، مما خلق بيئة ملائمة لانفجار الوضع إلى حرب أهلية في أبريل 2023م . هذه الحرب كانت النتيجة الحتمية لسلسلة من السياسات الفاشلة التي اتبعتها القيادة العسكرية في محاولتها للاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن عبر استخدام الواجهات المدنية كستار.
### الخلاصة
من الضروري الإقرار بأن الفترة الانتقالية التي تلت ثورة ديسمبر 2018م في السودان ، رغم مزاعم القيادة المدنية ، كانت في جوهرها فترة حكم عسكري بدرجة كبيرة. استخدم الجيش القوى والواجهات المدنية لإضفاء شرعية على حكمه ، دون أن يمنح تلك القوى والواجهات أي نفوذ حقيقي في اتخاذ القرارات الكبيرة . هذه الديناميكية بين القوى العسكرية والمدنية ، ومحاولات الجيش المستمرة للسيطرة على المشهد السياسي عبر تلك الواجهات ، كانت السبب الرئيسي في تعقيد الأزمة السياسية في السودان ، وهيأت الظروف لاندلاع الحرب الأهلية الأخيرة.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة