اخبار السودان

القوات المصرية في السودان.. عين على «الدعم السريع» وأخرى على اثيوبيا

الوجود العسكري والمخابراتي المصري في السودان ليس جديدا ولكن الجديد هو خطورة ودقة الظرف السياسي والأمني الذي جعل الشارع السوداني المقاوم يتوجس ويقلق على السلام والديمقراطية على خلفية التدخلات المصرية الخطيرة.

خاص: التغيير

أثار وجود القوات المصرية في مطار مروي بالولاية الشمالية شمالي السودان، لغطاً كبيراً، خاصة بعد أن لاحظ مواطنون بالمحلية أفراداً منها يجلسون بشكل دائم في متنزه مروي لاند.

قالت مصادر لـ«التغيير»، إن الطيران المصري ظل مرابطاً بمطار مروي منذ أن تم تنفيذ مناورات مشتركة بين سلاح الطيران المصري وسلاح الطيران السوداني «نسور النيل» في أبريل 2021 وحتى الآن.

وأكد شهود عيان، وجود عشرات الطائرات العسكرية المصرية في مطار مروي.

ونبهت مصادر إلى أن وجود القوات المصرية أصبح ظاهرة في السوق، حيث يعملون في التجارة بنقل «فول السليم» إلى مصر بكميات ضخمة عن طريق الشاحنات الكبيرة، مما أدى إلى ارتفاع سعر جوال الفول من «60» إلى «90» ألف جنيه.

الطيران المصري ظل مرابطاً بمطار مروي منذ أبريل 2021 وحتى الآن

وليس خافياً النشاط المصري الاستخباراتي وتدخله الواضح في تشكيل المشهد السوداني لصالح سيطرة الجيش بقيادة البرهان المدعوم من فصيل رئيسي من النظام البائد بقيادة علي كرتي رئيس الحركة الإسلامية.

السفارة المصرية بالعاصمة السودانية الخرطوم

تدريب وتبادل خبرات

هذا الوجود الظاهر للقوات المصرية في مطار مروي، وصفته جهات عديدة بأنه أحد أساليب التدخل المصري غير الحميد في الشأن السوداني، واعتبرته امتداداً لنظرة الجارة الشمالية للسودان على اعتباره حديقة خلفية، لا يجب أن يتمتع باستقلالية القرار والاستفادة من موارده بمعزل عن تدخل القاهرة، فضلاً عن حديث البعض عن إمكانية اتخاذ مصر للسودان كقاعدة لتوجيه ضربة إلى إثيوبيا حال حدوث مناوشات عسكرية.

لكن الجهات الرسمية ظلت تقلل من شأن هذا الوجود، وتصفه بأنه يندرج في إطار التدريب وتبادل الخبرات.
وفي هذا السياق، قال مصدر عسكري لـ«التغيير»، إن القوات المصرية الموجودة بمطار مروي متبقي من دورة نسور الجو «1 و2»، وأنهم عبارة عن مدربين مصريين يتم تبادل الخبرات معهم في الطيران الحربي.

الجهات الرسمية ظلت تقلل من شأن هذا الوجود، وتصفه بأنه يندرج في إطار التدريب

ونفى المصدر، سيطرة القوات المصرية على المطار وبرج المراقبة، وشدد على أن العمل محصور في تدريب الطيارين فقط، وقال: «طاقم التحكم والسيطرة فنياً سودانيين».

وأضاف: «الطاقم الموجود أكملوا فترة التدريب لمجموعة سعودية سودانية، ومن ثم واصلوا تدريب نسور الجو لتأهيل وتدريب نسور الجو بحسب الاتفاق مع الجيش».

وأكد المصدر أن المطار مدني، لكن عدم وجود ركاب بسبب طريق شريان الشمال الذي عرض شركات الطيران لخسائر، أدى إلى الاستفادة من المطار وأصبح يستغل حالياً مدني عسكري، خاصةً وأن المنطقة العسكرية موجودة في مروي وبها معسكرات تأهيل كوادر «عاصفة الحزم» المشاركة في حرب اليمن ضد الحوثيين.

وطمأن المصدر العسكري، بعدم خطورة الوجود المصري بمطار مروي، وقال: «مافي شئ مقلق من وجود المصريين» على حد تعبيره.

القوات المصرية في مطار مروي

خطورة واردة

فيما حذر خبراء عسكريون، من خطورة تسليم مطار مروي ليصبح تحت تصرف مصر للاستخدام العسكري، وأكدوا أن خطوة استحواذ النظام المصري على المطار لها ما بعدها في معادلة وحسابات وتشاورات سد النهضة الإثيوبي، فاختراق المصريين للأجواء الدفاعية والهجومية السودانية يربك كل حسابات الإثيوبين ويكشف ظهرهم.

خبراء عسكريون، يحذرون من خطورة تسليم مطار مروي ليصبح تحت تصرف مصر للاستخدام العسكري

ويرى خبراء أن الميزة الاستراتيجية لمطار مروي تضع سلاح الجو المصري في درجة ارتفاع متدنٍ يصعب على الرادارات الإثيوبية تغطية الخطر، وأشاروا إلى أن ضرب سد النهضة حال حدوثه يعد دماراً للسودان بالغرق الكامل.

ويحذر مراقبون من تورط السودان في حرب وكالة ضد اثيوبيا، لأن نتيجتها ستكون كارثية للسودان.

حذر مصدر عسكري من احتمال ضرب الدعم السريع بسلاح الطيران المصري حال نشوب مواجهة عسكرية بين البرهان وحميدتي، لا سيما وان هناك رصد لإحداثيات النقاط التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع.

القوات المصرية في مطار مروي

اتفاق سري

وتحدثت أنباء عن وجود اتفاق سري بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان والجيش المصري بأن يبقى مطار مروي قاعدة عسكرية مصرية.

ونوه خبراء عسكريون إلى أن المناورات الجوية هي الأقصر في المدة الزمنية ولا تتجاوز الساعات في كثير من الأحيان لخفة حركة الطيران والمرونة في التجميع أو الإخلاء، وأكدوا أن كل دول العالم تتفق على إنشاء القواعد العسكرية، ولكن لا تسمح بتحويل مرافق مدنية لأغراض عسكرية لتصبح قواعد عسكرية لدولة أخرى.

سيطرة سودانية

وكان مدير المطارات الولائية عبد المحمود عمر، أكد أن الوجود المصري داخل مطار مروي تحت سيطرة السلطات السودانية.

مدير المطارات الولائية: الوجود المصري داخل مطار مروي تحت سيطرة السلطات السودانية

وقال عمر في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية، إن الوجود المصري يتعلق بعمليات التدريب بين الجانبين رغم وجود مراقب مصري في برج المراقبة، إلا أن ذلك يتم في ظل السيطرة السودانية.

وأضاف: «ما راج خلال الأيام الماضية حول تحويل الرحلات الدولية إلى مطار مروي غير صحيح سيما وأن مطار مروي لم يتم تصديقه بصورة نهائية لاستقبال الرحلات الدولية».

وأشار إلى أن هذه الخدمة محصورة على مطاري بورتسودان والأبيض في حال حدوث أي أمر يستدعي تحويل الرحلات من مطار الخرطوم.

مطار مروي شمالي السودان

منع التصريحات

واتصلت «التغيير» بمدير المطارات الولائية عبد المحمود عمر، لتوضيح بعض الحقائق حول الأمر، إلا أنه اعتذر عن الحديث، وذكر أنه تم منعه من الحديث لوسائل الإعلام، وطلب التواصل مع الأمين العام.

جهات عليا منعت سلطة الطيران المدني من الحديث لوسائل الإعلام بشأن وجود القوات المصرية في مطار مروي

وتواصلت «التغيير» مع الأمين العام لسلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان، لمعرفة حقيقة الأمر إلا أنه اكتفى بالرد على التساؤلات بالقول: «ليست لي صفة التصريح».

وعلمت «التغيير»، أن جهات عليا منعت سلطة الطيران المدني من الحديث لوسائل الإعلام بشأن وجود القوات المصرية في مطار مروي، بعد تصريح مدير المطارات الولائية لوسائل الإعلام وإقراره بوجود أفراد من القوات المصرية في برج المراقبة بمطار مروي، بل وذهبت وسائل إعلام محلية الى ان برج المراقبة بمطار مروي تسيطر عليه القوات المصرية.

العدو الخارجي

بدوره، قلل الخبير العسكري والأمني خالد عبيد الله، من خطر وجود القوات المصرية بمطار مروي، وقال لـ«التغيير»، إن الأمن السوداني جزء من الأمن المصري، ولابد أن يضع الجيشان أياديهما مع بعض لمجابهة المخاطر التي تهدد البلدين.

وقائع التاريخ تؤكد ان التدخل العسكري المصري يمكن ان يكون موجها للداخل لقمع معارضي الأنظمة العسكرية

وأكد الخبير العسكري، أن الوجود المصري في السودان منذ تكوين الجيش السوداني على يد القائد أحمد علي الجعلي، وتواصل التكامل في عهد الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، والراحل حسني مبارك، وحتى آخر أيام الرئيس عمر البشير الذي كون الدفاع المشترك.

وأشار إلى أن وجود القوات المصرية بمطار مروي ليس الغرض منها التوجه نحو عدو داخلي وإنما للعدو الخارجي.

قوات من الجيش السوداني بمقر سلاح المدرعات بالخرطوم

ولكن ليس هناك اجماعا سودانيا على اتفاقية الدفاع المشترك مع نظام نميري العسكري التي تحدث عنها عبيد الله والتي لغاها رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا وسط ترحيب شعبي.

ووقائع التاريخ المعاصر تؤكد ان التدخل العسكري المصري يمكن ان يكون موجها للداخل لقمع معارضي الأنظمة العسكرية كما تم في عهد نميري من ضرب الجزيرة أبا بالطيران المصري.

تهديدات مشتركة

وأوضح عبيد الله، أن المهددات التي حدثت في القرن الأفريقي والتدخل الروسي على الشريط في أفريقيا الوسطى وتشاد، جعل المهددات متزايدة على الأمن القومي السوداني والمصري، ولذلك لابد أن تظل هذه التمارين مستمرة حتى يكون القادة ملمين بطبيعة الأرض المحتمل أن تخاض فيها المعركة سواء للسودان أو مصر.

مصدر سياسي: ما هي طبيعة المعركة التي سيخوضها السودان بمساعدة مصرية؟!

وعرضنا ما قاله عبيد الله على مصدر سياسي فضل حجب هويته فتساءل عن طبيعة المعركة التي سيخوضها السودان بمساعدة مصرية فيما يتعلق بافريقيا الوسطى وتشاد، وأكد ان خطة النظام البائد المسنودة مصريا في القضاء على حميدتي هي تجنيد مقاتلين مناوئين لحميدتي في دارفور موالين لفرنسا التي تخوض حربا ضد الحكومة المدعومة هناك من روسيا، واستدراج قوات الدعم السريع للقتال هناك الى جانب قوات فاغنر الروسية وبعد ذلك ينشب الصراع بين الدعم السريع وقوات مناوئة له وتحديدا قوات موسى هلال.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”

يذكر ان قائد قوات الدعم السريع اتهم في خطاب مسجل تداولته المواقع الإلكترونية جهات لم يسمها بالسعي لتوريطه في صراع أفريقيا الوسطى لدرجة توزيع الزي الذي تترتديه قوات الدعم السريع لقوات اخرى لتشارك في القتال للاطاحة بحكومة بانغي، وتوعد حميدتي من دبروا ذلك بالملاحقة في ذات التسجيل المنشور.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *