سيف الدين خواجة

في وصول بيراميدز في سنوات قليلة إلى المباراة النهائية في البطولة الأفريقية، والتي أتمنى أن ينالها، وهو الأقرب إليها، لكن علينا ننظر في هذه التجربة المفيدة، ونأخذ العبر والدروس، ونحن الذين ظللنا لعقود نلهث خلف البطولات بلا طائل، وأنفقنا من المال ما يبني دولا من العدم.

ولعل أول ملاحظة تكمن في الفرق بين دولة لها جذور قوية، وتعيش على مشروع حياتي، وتاريخ وشعب ضغطه التاريخ فبنى شخصيته من تلك التجربة، وعرف معنى معاناة الحياة، وكيفية التغلب عليها بالذكاء والحيلة والعمل المتواصل، وبين شعب رعوي ودولة حتى اليوم تتلمس خطاها في طريق معتم غير واضح لغياب مشروع الحياة، وشعب بسيط لا يعرف معنى الوطن والدولة، وليس لديه ثقافة في هذا الجانب متغلغلة في الممارسات اليومية، وهذا أول فرق بين بيراميدز وهلاريخ أي فريقي الهلال والمريخ معا، وهذا ينسحب على بقية الأنشطة بدليل أن مصر كانت ولا زالت هي سقفنا الكروي في التقدم فكل من احترف سابقا قبل السنوات الأخيرة احترف في مصر، فحسب إحصائية أن الذين احترفوا في مصر بلغ عددهم 74 لاعبا قبل هجرة اللاعبين من السودان بعد الرياضة الجماهيرية التي للاسف توضح مدي ضعفنا، ونعتبر ذلك من أسباب وكستنا، وقد مرت أكثر من خمسة عقود، ولم نعد لما كنا عليه.

أمر آخر، فتجربة بيراميدز تؤكد الاستثمار بالافكار والمال في حين أنفق في هلاريخ أموالا طائلة كلها ذهبت هباء منثورا دون أن تحقق أي مردود، والسبب غياب التخطيط والأهداف والآليات المحققة، أضف إلى ذلك عدم الاستقرار

السياسي، وهو أحد من كوارثتا وأورثنا تبعات أقعدتنا كثيرا في لجاجة ذهبت مع الريح، ولم نحل أي مشكلة منذ أن مات المشروع الإنجليزي للرياضة الذي تربت عليه أجيالنا عندما كانت دولتنا فتية في بدايات عهد الاستقلال مما أسميناه الزمن

الجميل، وكان هو أقرب للحمل الكاذب، والوهم المخملي الذي نلوك فيه الآن بحسرة وألم للاسف بدل أن نفكر في كيفية الخروج من النفق، ما لم تتطور فكريا

وإداريا بتخطيط واستراتيجية بخطط تفصيلية بأزمان محددة لن تقوم لنا قائمة وسنهدر المزيد من المال فيما لا يجدي.
وهناك أشياء أخرى مثل عدم التأسيس للأندية على أسس اجتماعية، فأصغر نادي في مصر في درجات المظاليم ليلا عبارة عن خلية نحل من الأنشطة تدر دخلا يساعد في التسيير بانضباط سلوكي وأخلاقي، وتربوي في حين تذهب لأندية هلاريخ الآن، وحتى قبل الحرب ليلا تجدها قاعا صفصفا، والسبب في ذلك غياب الفكر والتنظيم، وقد نلاحظ أن مجالسنا الإدارية كحكوماتتا كلها تبدأ من الصفر
وليس بناء اللاحق على السابق لغياب ثقافة الوطن والدولة، والتي تعني تراكم عبر الأجيال، وأخيرا فإن أصدق وصف لحالنا ما قاله حكيم السودان مادبو الكبير
غداة خروج الإنجليز قال لهم: /نان ما ركبتونا في لوري لا نور ولا فرامل ولا بوري.

ومعنى هذا أننا نسير في متاهة، وستقع الحوادث، وأكبر دليل الحرب الأخيرة التي جعلت رجل من الخلا يأتي، ويطمع في الحكم لأنه أدرك أننا قبه ، من غير فكي وانظر
للحانب الآخر من الكوب الفارغ كيف رئيس الدولة يأتي بأمثال هذا لكي تنتهي
الدولة كما انتهت دولة سنار بين بادي وأبو لكيلك نفس الخطأ مع اختلاف الأزمنة إنه العقل الرعوي وموت دنيا!!!

هذا علي المستوى والإطار الكلي للدولة لكن على تفاصيل القطاع الرياضي عندنا هناك فوارق بيننا وبين مصر لا تحصى، ولا تعد، فمثلا في مصر مجالس تبني الاندية على التراكم، أما عندنا فالحال مثل حالنا في السياسة كل مجلس يبدأ من الصفر، وكأنهم جزر معزولة عن بعضها البعض، وأكبر دليل أننا ظللنا نطالب من السبعينات بعمل العضوية، ورغم التقدم التكنلوجي لم يتحرك هذا الأمر قيد أنملة، وظللنا كذلك نطالب ببناء أندية أسرية اجتماعية أيضا، لم يتم أي شيء حتى الآن، وأغرب ما في أمرنا أن كل الذين مارسوا الإدارة في الأندية هم من النخب الإدارية، والمالية، ورجال الأعمال، وكلهم بلا استثناء ناجحون في أعمالهم العامة، والخاصة ويبقي السؤال الملح لماذا يفشلون في إدارة الأندية !!!

يبقى فقط أن أنوه إلى أن في أندية هلاريخ كوارث باطنية تعمل كالسوس في تعطيل التطور، وكدليل علي ذلك، أنه عندما ترشح لمجلس الهلال الأخ محمد عثمان الكوارتي، وطرح برنامجا طموحا للاستثمار، والتطور، سأله المذيع في البرنامج: وهل يتركونك تنفذ ما تريد ؟؟؟ وكأن المذيع يعرف الأسرار الباطنية، فكان رده قويا حيث قال: سنكافح ضدهم عددا من السنوات أو يأخذهم الموت فنرتاح منهم، وكان في حدسي حينها إضافة على الأخ محمد عثمان الكوارتي بأن المسألة الباطنية أصبحت وراثة عبر الأجيال، ويومها صدق حدسي اذ قلت لمن حولي: أن الكوارتي لن يواصل أو أنه سيسقط بالضربة القاضية، وفعلا لم يترشح الكوارتي بسبب أن السوس عن طرق الأسرة مارس هوايته في الضغط حفاظا على مصالحه، ولآن حياته تتوقف على ما يقوم به، حياته.
فهل ندرك لماذا نتخلف هكذا !!!

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.