محمد الصادق
الأصل في الأضحية أنها صدقة، تعطي للفقراء والمساكين، ويهدى منها للأهل والجيران والأصدقاء، ويطعم منها أهل بيت المضحي.
وقد قسمها العلماء ثلاثة أثلاث:
ثلث لأهل بيت المضحي،
وثلث للصدقات،
وثلث للهدايا:
¤ {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}
والأضحية كانت معروفة حتي قبل الإسلام فالعرب الجاهليون كان من عادتهم ذبح القرابين وتركها طعاما للفقراء وذلك تقليدا لإبراهيم الذي امتحنه الله بذبح ولده ففداه الله بذبح عظيم.
وكان الجاهليون يعتبرون انه لا يجوز الأكل من لحم الاضحية، فلما جاء في الإسلام اقرّ الأضحية لكنه أجاز الأكل منها والتصدق بالباقي علي الفقراء والبؤساء:
{فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ٱلۡبَاۤئسَ ٱلۡفَقِیرَ}
ولأن الأضحية صدقة يطعمها المضحي لربه :
(استطعمتك فلم تطعمني)
لذلك كان للأضحية شروط معينة :
فقد جاء في السنّة :
(لا يجوزُ منَ الضَّحايا أربعٌ العوراءُ البيِّنُ عورُها والعرجاءُ البيِّنُ عرجُها
والمريضةُ البيِّنُ مرضُها والعجفاءُ الَّتي لا تُنْقي)
والغريب أن الخطباء يذكرون الشروط
ويكررونها ولكن لا يذكرون أن هذه الشروط إنما لأنها قربان للمولي عز وجلّ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيب
فإذا لم يرد الذابح التصدق بها فلا مشكلة أن تكون الذبيحة عوراء أو عرجاء
كذلك .. ولأن الأضحية صدقة فإن ذبحها هو أفضل عمل يعمله المضحي يوم الأضحي
ولذلك يقع دمها عند الله قبل أن يقع علي الأرض وأن الذبيحة توزن له
في ميزان أعماله ويؤتي بها بقرونها واظلافها:
(ما عمِلَ ابنُ آدمَ يومَ النَّحرِ أحبُّ إلى اللَّهِ تعالى من إِهراقِ الدَّم وأنَّها لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأنَّ الدَّمَ ليقعُ منَ اللَّهِ بمَكانٍ قبلَ أن يقعَ إلى الأرضِ فطيبوا بِها نفسًا)
و(طيبوا بها نفسا)
أي تصدقوا بها عن طيب نفس.
¤▪¤▪¤
قال الشافعي
في أحد قوليه:
المستحب أن يأكل الثلث
ويتصدق بالثلث
ويهدي الثلث.
وقال في الآخر:
يأكل النصف
ويتصدق بالنصف.
وقال أحمد:
المستحب أن يأكل ثلثها
ويتصدق بثلثها
ويهدي ثلثها،
فالمستحب عند الحنفية والحنابلة
أن تكون نسبة التوزيع أثلاثاً،
فيأكل ثلث أضحيته،
ويهدي ثلثها لأقاربه وأصدقائه،
ويتصدق بثلثها على المساكين، ودليلهم عليه: قوله تعالى:
{فكلوا منها، وأطعموا القانع، والمعتر}
[الحج:36]،
{وأطعموا البائس الفقير}
[الحج:28]
وأوجب الحنابلة الإطعام عملاً بالآيتين؛
لأن الأمر يقتضي الوجوب.
ودليل نسبة التوزيع أثلاثا عند غير المالكية:
ما روى ابن عباس دفي صفة أضحية النبي:
(ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السُؤَّال بالثلث)
¤▪¤▪¤
جاء في القرآن
الطلب من الله تأخير الأجل فقط من أجل التصدق:
{لولا أخرتني إلي أجل قريب .. فأصّدّق..}
لأن الصدقة خير برهان علي تقوي الله:
☆ (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
☆ {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}
ثم أن الله وعد المتصدق بأن يخلف له
ما تصدق به بل بأضعاف مضاعفة
ولذلك فإن البخيل بالصدقة يفوت على نفسه الفرصة لمضاعفة امواله:
■ {ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه}؛
■ {ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡر وَیَأۡمُرُكُم [بِٱلۡفَحۡشَاۤء]
ِۖ وَٱللَّهُ یَعِدُكُم مَّغۡفِرَةࣰ مِّنۡهُ وَفَضۡلࣰاۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ}
الفحشاء هنا : البخل؛ وللأسف فإننا
افتقدنا القدوة وكما جاء في الأثر:
(لقدوة ومثال خير من ألف خطبة ومقال)
ولأن الناس علي دين ملوكهم فقد صار عيد الأضحي موسما للاستمتاع باللحوم يحتفظ بالذبائح بالثلاجات
لعدة ايام والناس لسان حالهم يقول:
(زيتنا في بيتنا):
{لا يؤتون الناس نقيرا}
لذلك ربما تجد عاملا أو موظفا
مرتبه الشهري ما يعادل ٣٠ دولار
يضطر لشراء ذبيحة بالاقساط
ثمنها ٢٠٠ دولار ويظل يدفع ثلثي مرتبه أقساط
حتي رمضان القادم
فما كان هذا المسكين
ليكلف نفسه ذلك لو أنه اعتاد أن تأتيه في يوم الاضحي لُحَيمة من هنا وعظْمة من هناك !!
ثم أن هذا المسكين يكلف نفسه فوق طاقتها وهو يفعل ذلك ظنا منه أن اهراق الدم .. الخ
وأن الذبيحة تأتي بقرونها .. الخ
وأن الدم قبل أن يقع علي الأرض …الخ
وما دري المسكين أنه ليس هو المقصود فقد جاء أن خليفتي رسول الله ابوبكر وعمر كانا لا يضحّيان
خوفا من أن يُظن أن الأضحية واجبة.
□■□■□■
نذكّر بالدعاء في كل حين
علي الذين أوقدوا نار الحرب
وأخرجوا الناس
من ديارهم بغير حق
وأخذوا حقوقهم
وساموهم سوء العذاب
فهو دعاء لا شك مستجاب
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة