صدى الوطن

آدم أبكر عيسي

في تلكَ الأرضِ البعيدةِ، حيثُ تتعالى صرخاتُ الصمودِ، وتتشابكُ خيوطُ المؤامراتِ، تبدو الأقدارُ تتجهُ نحو لحظةٍ فارقةٍ. غيابُ الرؤيةِ الواضحةِ لحلِّ الأزمةِ وفكِّ الحصارِ عن الفاشرِ، يُشيرُ إلى أنَّ الخطوةَ الأخيرةَ لإنقاذِ السودانِ كدولةٍ موحدةٍ، قد تكونُ في تحريرِ هذهِ المدينةِ الحيويةِ، وتحريكِ القواتِ الاستراتيجيِّ لحمايةِ وحدةِ الترابِ الوطنيِّ. إنَّ أيَّ تأخيرٍ قد يُلزمُنا بمواجهةِ واقعٍ جديدٍ، يصعبُ تغييرهُ، وتقلباتٍ أمنيةٍ وسياسيةٍ لا تُبشّرُ بالخيرِ.

يعتقدُ البعضُ بسذاجةٍ أنَّ فكرةَ “الشرقِ الأوسطِ الكبيرِ” وتقسيمَ السودانِ ستنتهي بـِ “تشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ”، لكنَّ الحقيقةَ أعمقُ وأكثرُ تعقيداً. إنَّ المؤامرةَ لا تقتصرُ على مجردِ تغييرِ الوجوهِ، بل تتعداها إلى “تفتيتِ البلادِ والسيطرةِ عليها بالكاملِ”. هذا الواقعُ يتطلبُ منا “عقليةً جديدةً”، تتجاوزُ القوالبَ الصارمةَ، وتتبنى أساليبَ حديثةً في المناورةِ وقيادةِ العملياتِ، معَ التركيزِ على “الحفاظِ على القوى البشريةِ” وتحقيقِ “الانتصاراتِ” ليسَ فقط العسكريةَ، بل السياسيةَ والإنسانيةَ ودبلوماسيا أيضاً.

*الدبلوماسيةُ المفقودةُ وذراعُ الوطنِ الخارجيُّ.*

إنَّ “تنشيطَ الدبلوماسيةِ” لتحريكِ الجمودِ الذي أصابَ العملَ الخارجيَّ باتَ أمراً ملحاً. نُدركُ الآنَ أنَّ “أضعفَ حلقةٍ في هذهِ الحربِ الحاليةِ هي الذراعُ الخارجيُّ”. ولولا الجهودُ الدبلوماسيةُ لـِ “بعثةِ السودانِ في الأممِ المتحدةِ”، وجهودُ نائبِ الرئيسِ الجنرالِ مالكِ عقارٍ الساعيةِ إلى “تغييرِ ميزانِ القوةِ والثروةِ في السودانِ”، لكانَ الوضعُ أسوأَ بكثيرٍ.

فالصراعُ الحقيقيُّ هنا يدورُ حولَ “القوةِ”، لكنَّ هذا الصراعَ يجبُ أن يُصاحبَهُ “آفاقٌ جديدةٌ لقيادةِ معركةِ الكرامةِ”، واستعادةِ “الاعتبارِ للإنسانِ السودانيِّ”، و”صونِ سيادتهِ”، و”فرضِ أجندتهِ الوطنيةِ” دونَ أن تتأثرَ بـِ “أجنداتٍ أخرى” خارجيةٍ. إنَّ الفاشرَ تقفُ على حافةِ الهاويةِ، لكنها قد تكونُ أيضاً بوابةَ الغدِ، إذا ما أدركنا حجمَ التحدي، وحركنا كلَّ أطرافِ المعادلةِ، السياسيةِ، العسكريةِ، والدبلوماسيةِ، نحو هدفٍ واحدٍ: الحفاظُ على السودانِ.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.