العودة للخرطوم .. وكسر حاجز الخوف

محمد الصادق
“أعلن مجلس الوزراء السوداني
قرار بعودة الحكومة الاتحادية
إلى الخرطوم العاصمة (الأصلية)
التي ظلت بعيدة عن مؤسسات الدولة
منذ اندلاع حرب الكرامة …
وهو قرارٌ في ظاهره عودةٌ للرمزية الوطنية، واستعادةٌ لعافية الدولة،
وفي باطنه تحديات ومخاوف
لا يمكن تجاهلها.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة :
على أي دراسة أو تقييم ميداني
استند هذا القرار المصيري؟
هل تم تشخيص الواقع الخدمي والأمني والوظيفي في الخرطوم بما يكفي قبل إصدار قرار بهذا الثقل؟
لا شك أن للقرار وجه مشرق،
يعكس عزيمة الدولة وإرادتها
في استرداد العاصمة، وكسر حاجز الخوف، وبث رسالة صمود
وثقة في النفس بأن الخرطوم لا تزال
قلب السودان النابض وأنها خطوة
تحمل أبعادًا معنوية ورمزية كبيرة،
وتدل على أن الدولة مصممة على بسط هيبتها في وجه التمرد والتخريب.
لكن في المقابل، الواقع يفرض منطقه
فالخرطوم اليوم لا تزال تعاني
من انعدام الكهرباء والمياه
في معظم الأحياء، والمقار الحكومية
مدمرة أو منهوبة، والكوادر الوظيفية إما نازحة أو خارج الخدمة.
فمن سيدير الدولة في ظل هذه الظروف؟
وهل عودة الحكومة دون بنية تحتية
ودون حد أدنى من الخدمات
تمثل عودة فعلية أم مجرد مشهد رمزي؟
إن القرار، رغم دلالاته الوطنية،
يظل محفوفًا بالمخاطر،
إن لم يُتبع بخطة طوارئ عاجلة
لإعادة تأهيل العاصمة، وتوفير الحد الأدنى من ظروف العمل،
وضمان سلامة الموظفين،
وتيسير الحياة المدنية.
فالعزيمة وحدها لا تكفي،
ولا بد من أن تُسند بالإمكانات،
وأن تُبنى على واقع ملموس.
إن عودة الحكومة إلى الخرطوم،
إن كُتبت لها الجدية، يجب ألا تكون
مجرد قرار سياسي، بل بداية حقيقية
لإعادة الإعمار، وتثبيت أركان الدولة،
وترميم الجرح الذي تسببت فيه الحرب.
نعم،
الخرطوم ليست كما كانت .. لكنها لا تزال العاصمة التي تُلهم،
وتُقاوم، وتنتظر من يعيد بناءها
بحب ووطنية.
إن قرار العودة إليها، رغم ما يحيط به من تحديات، يمكن أن يتحول إلى نقطة انطلاق تاريخية إن أحسنّا إدارته،
وإن صدقت النوايا وتكاملت الجهود.
لا نريد عودة شكلية، بل نريد عودة
تكتب فجرًا جديدًا لعاصمة عانت بما يكفي.
الخرطوم لا تُستعاد بالقرارات فقط،
بل تُستعاد بالإرادة والعمل، بالتخطيط والمواجهة، بالشباب والمهنيين،
بالجرافات والملفات، بالأمن والخدمات.
…
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام الرأي العام السوداني، هل كان هذا هو التوقيت المناسب؟
أم أن القرار استبق الاستعداد؟”
▪▪▪▪▪
من مقال بعنوان :
(العودة إلى الخرطوم بين إرادة الدولة
ومخاطر الواقع)
للدكتور إسماعيل الحكيم
[نقلا عن صفحة:
خرطوم نيوز]
□■□■□■
نذكّر الناس ..
بالدعاء علي الظالمين
فهو دعاء لا شك مستجاب
الذين أخرجوا الناس
من ديارهم بغير حق
وسفكوا الدماء
وهتكوا الأعراض
ونهبوا الحقوق
وساموا الناس سوء العذاب
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة