العنف ضد النساء في تركيا.. “قوانين لا تطبق بشكل كافٍ”
طعنت مهتيرم إفسيل حتى الموت على يد زوجها المنفصل عنها في مكان عملها في إسطنبول، بعدما تحرش بها مرارا وتكرارا في خرق لأمر تقييدي، وفي اليوم السابق للجريمة، احتجزته السلطات لانتهاكه الأمر، لكنها أطلقت سراحه بعد استجوابه.
وبعد أكثر من عقد من الزمان من مقتلها، تعتقد شقيقتها أن إفسيل كانت ستظل على قيد الحياة إذا طبقت السلطات قوانين حماية النساء وسجنته.
وقالت سيغدم كوزي: “طالما لم تتحقق العدالة ووضع الرجال دائما في المقدمة، فإن النساء في هذا البلد ستبكين دائما”.
وتسبب مقتل إفسيل في عام 2013 في دعوة حاشدة لتوفير حماية أكبر للنساء في تركيا، لكن نشطاء يقولون إن البلاد لم تحرز تقدما يذكر في حماية النساء من القتل. ويقولون إن القوانين لحماية المرأة لا تطبق بشكل كاف ولا يحاكم المعتدون.
وقتل ما لا يقل عن 403 امرأة في تركيا العام الماضي، معظمهن على يد أزواج حاليين أو سابقين ورجال آخرين مقربين منهن، وفقا لمنصة “سنوقف قتل الإناث”، وهي مجموعة تتعقب عمليات القتل المرتبطة بالنوع الاجتماعي وتقدم الدعم لضحايا العنف.
وحتى الآن هذا العام، قتلت 71 امرأة في تركيا، بما في ذلك سبع نساء في 27 فبراير، وهو أعلى عدد معروف من عمليات القتل المماثلة في يوم واحد. وعزت الأمينة العامة للمنصة فيدان أتاسليم عمليات القتل إلى التقاليد الأبوية العميقة في الدولة ذات الأغلبية المسلمة وإلى عدد أكبر من النساء الراغبات في التخلص من العلاقات المضطربة، ورغبة آخريات في العمل خارج المنزل.
وتضيف “تريد النساء في تركيا العيش بحرية أكبر ومساواة. لقد تغيرت النساء وتقدمن كثيرا بالمعنى الإيجابي. لا يمكن للرجال قبول ذلك، وهم يحاولون بعنف قمع تقدم المرأة”.
وكانت تركيا أول دولة توقع وتصادق على معاهدة أوروبية لمنع العنف ضد المرأة، المعروفة باسم اتفاقية إسطنبول، في عام 2011. لكن الرئيس رجب طيب إردوغان سحب تركيا منها بعد 10 سنوات، مما أثار احتجاجات.
وجاء قرار الرئيس بعد ضغوط من جماعات إسلامية وبعض المسؤولين من حزب إردوغان ذي التوجه الإسلامي. وجادلوا بأن المعاهدة لا تتفق مع القيم المحافظة، وتسبب تآكل وحدة الأسرة التقليدية وتشجع الطلاق. وقال إردوغان إنه يعتقد أن الرجال والنساء لم يخلقوا بيولوجيا على قدم المساواة وأن أولوية المرأة يجب أن تكون أسرتها.
ويصر الرئيس على أن تركيا لا تحتاج إلى اتفاقية إسطنبول، وتعهد “برفع المستوى باستمرار” في منع العنف ضد المرأة. وفي العام الماضي، عززت حكومته التشريعات من خلال جعل التعقب المستمر جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عامين.
وتقول ماهينور أوزديمير غوكتاش، وزيرة شؤون الأسرة، إنها جعلت حماية المرأة أولوية وتتابع المحاكمات شخصيا”. حتى لو تخلت الضحايا عن الشكاوي، فإننا نواصل متابعتهم”.
وقالت أتاسليم إن اتفاقية اسطنبول كانت طبقة إضافية من الحماية للنساء وتضغط من أجل العودة إلى المعاهدة. كما تدعو مجموعتها إلى إنشاء خط هاتفي ساخن للنساء اللواتي يواجهن العنف وفتح المزيد من ملاجئ النساء، قائلة إن العدد الحالي بعيد كل البعد عن تلبية الطلب. وتضيف “الأهم من ذلك كله، ينبغي تطبيق التدابير القائمة بشكل كاف”.
ويزعم النشطاء أن المحاكم متساهلة مع المعتدين الذكور الذين يزعمون أنهم تعرضوا للاستفزاز أو يعبرون عن ندمهم أو يظهرون سلوكا جيدا أثناء المحاكمات. ويقول النشطاء إن أوامر التقييد غالبا ما تكون قصيرة جدا ولا يتم احتجاز من ينتهكونها، مما يعرض النساء للخطر”.
وتقول أتاسليم “نعتقد أن كل حالة من حالات قتل الإناث كانت وفيات يمكن تجنبها”.
وفي كل عام، تخرج الناشطات في تركيا إلى الشوارع في اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس وفي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر، للمطالبة بحماية أكبر للمرأة وعودة تركيا إلى المعاهدة. وتحظر السلطات التركية بانتظام مثل هذه التجمعات لأسباب تتعلق بالأمن والنظام العام. وغالبا ما يحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “لا أريد أن أموت”، وهي الكلمات الأخيرة التي قالتها أمينة بولوت، التي توفيت في مقهى في كيريكالي في وسط تركيا بعد أن ذبحها زوجها أمام ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات. وصدمت وفاتها في عام 2019 الأمة.
وقالت كوزي إن شقيقتها إيفسيل التي قتلت في صالون حيث كانت تعمل كأخصائية تجميل أظافر تعرضت لإيذاء جسدي وعقلي بعد هروبها في سن 18 عاما للزواج من زوجها الذي يقضي حاليا حكما بالسجن مدى الحياة.
وقررت إيفسيل تركه بعد 13 عاما من الزواج. ووصفت كوزي أختها بأنها امرأة لطيفة “تبتسم حتى عندما تكون تبكي في الداخل”. وقد أسمت السلطات حديقة في اسطنبول باسمها تخليدا لذكرها”. آمل ألا تختبر بناتنا ما مررنا به وأن تأتي العدالة إلى هذا البلد، تقول شقيقتها.
المصدر: صحيفة الراكوبة