يشهد الواقع البيئي في السودان أزمة حادة نتيجة الصيد الجائر للحياة البرية، حيث تتفاقم هذه الظاهرة بفعل النزاعات المسلحة المستمرة وانهيار سلطة القانون.

تقرير: التغيير

تشير تقارير المنظمات المحلية والدولية إلى أن الخسائر البيئية أصبحت توازي، وأحيانًا تتجاوز، الخسائر البشرية والاقتصادية، لتطال الثروة الحيوانية والنباتية على حد سواء.

وتسببت الحرب المستمرة في نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات البرية، لا سيما في المحميات الطبيعية. وتأثرت محمية الدندر الوطنية بشكل كبير، وهي واحدة من أكبر المحميات في البلاد.

خسائر كبرى

تشير تقديرات منظمة “وايلد لايف ووتش” لعام 2023 إلى فقدان السودان نحو 30% من أعداد الغزلان والظباء خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفضت أعداد الفيلة من آلاف منتصف القرن الماضي إلى بضع مئات فقط.

ويقول خبراء بيئيون إن غياب القانون في مناطق النزاع وسقوط الأجهزة الأمنية المختصة بحماية الحياة البرية جعلا المحميات الطبيعية مناطق مفتوحة للاستغلال. ويضيفون أن انتشار الأسلحة النارية الحديثة وارتفاع حالات الصيد الأهلي غير المنضبط في المناطق المتأثرة بالنزاع أسهم في زيادة وتيرة الصيد غير القانوني وقتل الحيوانات النادرة، ما يفاقم من أزمة التنوع البيولوجي.

ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة للجريمة البيئية العالمية 2024: “تسهم النزاعات المسلحة بشكل كبير في زيادة الصيد الجائر، حيث تُستخدم الأسلحة الصغيرة والخفيفة في عمليات الصيد غير المشروع، مما يؤدي إلى تدهور التنوع البيولوجي وتدمير المواطن الطبيعية للحيوانات البرية.”

كما أشار تقرير بعنوان “أثر الحرب على التنوع البيولوجي في السودان”: إلى أن الحرب المستمرة في السودان أدت إلى تدمير المحميات الطبيعية وفقدان المواطن البيئية، مما ساهم في انخفاض أعداد الحيوانات البرية وزيادة الصيد الجائر.

ظروف اقتصادية

إضافة إلى ذلك، أدت الظروف الاقتصادية الصعبة إلى لجوء كثير من السكان إلى الصيد غير المشروع كمصدر دخل أساسي. وتشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى انخفاض متوسط صيد الأسماك في السودان بنسبة 15% خلال العقد الأخير، نتيجة الصيد الجائر وتغير المناخ.

ويُعتبر الصيد التجاري للطيور المهاجرة والأسماك في نهر النيل تهديدًا إضافيًا للثروة السمكية، في حين يساهم الصيد الأهلي العشوائي في تدمير المواطن الطبيعية وتفاقم التدهور البيئي.

وتتأثر النظم البيئية في السودان بشكل أكبر بفعل الصراعات المسلحة، حيث يؤدي القصف وإزالة الغابات لأغراض عسكرية إلى تدمير المواطن الطبيعية للحيوانات وتسريع عملية التصحر. وتشير التقديرات إلى أن البلاد تفقد نحو 1.5% من غاباتها سنويًا، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للتنوع البيولوجي ويزيد من خطر انقراض بعض الأنواع.

جهود ومبادرات

ورغم هذه التحديات، تبذل جهود محلية ودولية للحد من الصيد الجائر. وتشمل هذه المبادرات حملات توعية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى دعم فني ولوجستي من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، الذي يعمل على إدراج بعض الأنواع السودانية المهددة بالانقراض في القائمة الحمراء.

ومع ذلك، يرى محللون أن هذه المبادرات تحتاج إلى دعم أوسع لضمان فاعليتها، خصوصًا في مناطق النزاع حيث يغيب القانون ويكثر السلاح.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.