اخبار السودان

السيناريوهات الأسوأ تحاصر السودانيين السودانية , اخبار السودان

 

تقرير: خالد فضل

بالفعل يتكرر اطلاق مسمى السلام  والوحدة في السودان بشكل لافت, هناك أحياء في مدن العاصمة الثلاث تحمل اسم (دار السلام), وفي الخرطوم والخرطوم بحري نجد اسم الوحدة , بينما محلية كاملة في دارفور  تنعت بمحلية السلام , وكانت في الجنوب سابقا ولاية (الوحدة) , وفي ولاية الجزيرة قرية الوحدة , بينما جامعة غرب كردفان سميت بجامعة السلام  , وفي بعض الجامعات هناك مراكز بحثية تعنى بقضايا السلام , وكثرة تكرار مصطلحي السلام والوحدة  واطلاقهما على المسميات لم يحقق في الواقع السلام أو الوحدة , فقد ظلت الحروب الداخلية هي خبرة السنين المتطاولة منذ فجر الاستقلال فبل ما يقارب 70عاما , بينما انفصل جنوب السودان مكونا دولته المستقلة منذ العام 2011م , والآن تهدد بقية السودان نذر التقسيم والتفتيت بإندلاع واستمرار حرب الخامس عشر من أبريل 2023م .

انهيار السودان

يقول عمار أمون الأمين العام للحركة الشعبية /قيادة الحلو , في حوار مع راديو دبنقا مؤخرا , السودان يمضي بخطى متسارعة  نحو الإنهيار الشامل (إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن فإننا قد نصبح ولا نجد دولة اسمها السودان في الخريطة ) ,  تتفق هذه الرؤية مع ما طرحه المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بريلو في مقابلة مع مجلة فورن بوليسي الأمريكية , حول امكانية تحول الحرب الأهلية  في السودان إلى صراع إقليمي أو أن يؤدي إلى تحول السودان إلى دولة فاشلة ,وبحسب موقع التغيير الالكتروني , 6/6/2024م  أنه في غياب اتفاق سلام دائم ومسار نحو انتقال سياسي إلى حكومة يقودها مدنيون ؛ فإن السيتاريو الأسوأ هو نسخة من الصومال لمدة 20_25سنة , خاصة مع انزلاق الصراع بسرعة من حرب بين طرفين إلى حرب متعددة الأطراف .

وقد كتب البروفسير مهدي أمين التوم مقالا نشره موقع الراكوبة الالكتروني قبل بضعة أسابيع  بعنوان أدركوا السودان قبل فوات الأوان , يطلب فيه بأن يدع السودانيون المكابرة والتعنت والتوجه مباشرة لطلب الوصاية الدولية بوساطة الأمم المتحدة , إنّ الوصاية أو الإدارة الدولية المؤقتة قد تكون فعلا فكرة مجنونة ومربكة للكثيرين بيد أن الوطن محتاج إلى جمّة مؤقتة من أبنائه, ويتطلع إلى آلية قوية وفاعلة لفرض وقف فوري  للحرب اللعينة القائمة الآن , ولإعادة ترتيب البلاد دستوريا وأمنيا وإداريا وهذا لن نقدر عليه وحدنا لظروف داخلية وتاريخية وسياسية بعضها من صنعنا وبعضها فرضته علينا ظروف خارجية , ووصف بروف مهدي التدخل الإختياري المؤقت للأمم المتحدة بأنه ليس استعمارا , وانهى كلمته بالتحذير متفقا مع ما طرحه السيدان بريلو وأمون من تحول بلادنا بالإرهاصات الماثلة , إلى كنتونات قبلية أو جهوية متصارعة ومتناحرة . وأن يصبح السودان كله أرضا مشاعة تتآكل أطرافها من كل إتجاه نتيجة أطماع إقليمية تنتظر الظروف المواتية  دون إعفاء أحد من الجيران في الجهات الأربع .  وهو الرأي الذي يسير عليه حسين أركو مناوي في مقال له على موقع سودان تريبيون (يونيو2022م) بقوله : السودان دولة في طور الطفولة أي التكوين ويعاني من تمزّق رهيب في الولاءات , ولا يوجد له مثيل من حيث التنوع  بين دول الجوار , منوها إلى أن هذا الوضع يتطلب من الشعب التوافق حول مشتركات الحد الأدنى كأولوية نحو تأسيس الدولة , دون محاولة تنميط فئة سودانية من خلال الشك في سودانيتها , فإما أن تنشأ الدولة الوطنية على أسس المواطنة المتساوية وتحقيق الوحدة بالتراضي وإما تجربة جنوب السودان _ يعني ممارسة حق تقرير المصير , واختيار الانفصال وتكوين دولة مستقلة.

في هذا الاتجاه يمضي السيد عمار أمون بأنّ المخرج من الأزمة هو القبول بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة وألا يكون محددا للهوية القومية إسوة بالعروبة , وأي مكابرة أو تعنت سيدفع شعوب السودان لاستخدام حق تقرير المصير , مضيفا بضرورة تضمين الدستور لما أسماها المبادئ فوق الدستورية التي ( لا تلغى أو تعدّل أو تجمّد) وهي العلمانية , والحقوق الأساسية , ورفض الإنقلابات العسكرية ).

إبادة جماعية

في الأثناء تورد فورن بوليسي _بحسب المصدر المار ذكره_ أنّ المشرعين في مجلس النواب الأمريكي يعكفون على إعداد قرار يعترف بوقوع إبادة جماعية  في السودان في محاولة لجذب مزيد من الإهتمام للصراع والضغط على إدارة بايدن لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع.

ودالنورة

وفي تطورات ميدانية , تتمدد مأساة السودانيين في ظل الحرب , وآخرها وقوع مجزرة بشرية في قرية  ود النورة  بمحلية 24القرشي غربي الجزيرة راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل ومئات الجرحى  على أقل التقديرات إثر هجوم قوات الدعم السريع على المنطقتين  بحسب بيان لجان مقاومة ود مدني , وبيان المجلس السيادي الذي طالب بتقديم الجناة للمحاسبة الدولية . وقد تكررت هذه الممارسات الوحشية والإنتهاكات الجسيمة في قرى الجزيرة خلال الشهر الفائت  ومطلع هذا الشهر , فيما قال بيان للدعم السريع أنها تهاجم معسكرات للجيش و جماعات المستنفرين , لكن الشواهد والإفادات المتطابقة للفارين من تلك القرى تؤكد أن الممارسات الفظيعة تأخذ شكلا ممنهجا يفضي إلى تهجير المواطنين وتدمير البنى التحتية في القرى ونهب كل ممتلكاتهم , وقد لقي الصحفي  بوكالة السودان للأنباء (سونا) مكاوي محمد أحمد  مصرعه ضمن ضحايا ود النورة , وقبله بيوم قتل الصحفي معاوية عبدالرزاق في منزل بالدروشاب مع ثلاثة  آخرين من أفراد عائلته  وأتهمت نقابة الصحفيين السودانيين الدعم السريع بارتكاب الجريمة , مطالبة بمحاسبة مرتكبيها , فيما ردت الأخيرة بأن عملية الإغتيال تمت بوساطة ما تسمى بوحدات العمل الخاص التابعة للجيش السوداني الذي يسيطر على المنطقة التي تمت فيها التصفية .

تأتي كل هذه الوقائع المؤلمة وسط تزايد المخاطر بحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة ربما تقضي على ملايين السودانيين جوعا  وخاصة الأطفال في حال استمرار النزاع المسلح في بلد تسببت الحرب فيه في نزوح ولجوء حوالي 10ملايين مواطن فيما تجاوز عدد القتلى المدنيين 15ألف ,  بحسب تقارير  وكالات ومنظمات أممية ودولية  ذات مصداقية.

 

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *