استمرار النزاع في السودان مع غياب برامج المكافحة وضعف الرقابة قد يحول الأمراض المنتشرة إلى أزمة صحية أوسع وفق خبراء.

كمبالا: التغيير

تسببت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ابريل 2023م في كارثة إنسانية شاملة لم تقتصر على الدمار والنزوح فحسب بل امتدت لتشمل الوضع الصحي الهش.

ومع تفاقم المجاعة ونقص الغذاء والدواء برزت مخاوف من انتشار أمراض مرتبطة بسوء التغذية وعلى رأسها السل الرئوي الذي أصبح تهديداً إضافياً لحياة آلاف المدنيين العالقين وسط النزاع.

ويعد السل الرئوي واحداً من أخطر الأمراض المعدية التي تنتشر بسرعة في البيئات الهشة والمتأثرة بالحروب، فالنزوح الجماعي وفقدان المأوى إلى جانب التكدس في مراكز الإيواء والمخيمات زاد من فرص انتقال العدوى بين الأفراد، كما أن سوء التغذية الناتج عن أزمة الغذاء المستفحلة أضعف جهاز المناعة لدى الآلاف.

تدهور الخدمات الصحية

ومع تراجع الخدمات الصحية وإغلاق عدد من المستشفيات والمراكز الطبية في مناطق العمليات العسكرية يواجه المرضى صعوبة في الحصول على التشخيص المبكر أو العلاج المنتظم الضروري للشفاء ومنع تفاقم العدوى.

وقالت الناشطة ميساء محمد لـ(التغيير)، إن السل موجود لكنه قليل ولا يوجد انتشار واسع في جنوب كردفان لكن توجد إسهالات مائية منتشرة جداً وفيها وفيات بنسبة 10%.

وأضافت أن السكان في كادقلي والدلنج حالتهم سيئة جداً ويعانون من الجوع والأغلبية لا تجد ما تأكله وحتى السلع الأساسية أصبحت نادرة وغالية جداً، وهناك من بدأ يأكل الأشجار والحشائش للبقاء على قيد الحياة.

ووصفت ميساء الوضع بأنه كارثي، وأي شخص في حالة خطيرة ويحتاج تحويلاً طبياً يواجه الموت لأن الطرق مغلقة ومن يحاول الوصول إلى الجنوب قد يصل بعد شهور.

شهادات ميدانية

ووصف الناشط (أ. س) في حديثه لـ(التغيير)، الأوضاع في كادقلي بأنها متدهورة جدا، وأكد أن هناك ظهور لحالات الكوليرا ووفيات يومية إلى جانب أمراض سوء التغذية، فضلاً عن نقص المحاليل الوريدية والأدوية الأساسية.

وقال إن النساء الحوامل يعانين نقصاً في جرعات التيتانوس وهناك تعثر في الولادة ولا توجد مراكز سل متوفرة في المنطقة.

وحسب مصادر أخرى تحدثت لـ(التغيير)، فإن المدن المرتبطة بالتعدين مثل أبوجبيهة، تلودي ورشاد قد تشهد ارتفاعاً في الأمراض المرتبطة بالبيئة الملوثة إذ إن هذه المناطق تعرضت لتدهور بيئي قد يسهم في انتشار الأمراض.

من جهته، قال الناشط والمتطوع (م. أ) لـ(التغيير)، إن مدينة الأبيض في شمال كردفان لا تسجل حالات واضحة من السل الرئوي غير أن الإسهالات المائية والكوليرا تنتشر بشكل لافت، في ظل تدهور الأوضاع الصحية في المدينة

مؤشرات

ورغم عدم وجود معلومات وأرقام واضحة حول تفشي السل الرئوي، إلا أن هناك مؤشرات وتصريحات ألمحت إلى وجود إصابات متزايدة.

وفي أواخر سبتمبر الماضي، لفت حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل إلى أن مستشفى النو بأم درمان استقبل حالات عديدة من المصابين بالسل الرئوي وسط ظروف صحية متدهورة في ظل نقص حاد في الأدوية.

وأكد مبارك الفاضل أن السل أصبح جزءاً من قائمة الأوبئة التي تجتاح السودان إلى جانب حمى الضنك والكوليرا، ونوه إلى أن استمرار الحرب أنهك النظام الصحي وأن تصريحات الحكومة لا تعكس الواقع المأساوي للناس.

مناشدات

وبحسب متابعات (التغيير)، تظهر يومياً مناشدات فردية عبر منصات التواصل الاجتماعي توضح حجم الأزمة الصحية مثل مناشدة أطلقتها الناشطة هنادي عبد اللطيف أغسطس الماضي لمريض سل رئوي عاجز عن توفير العلاج والمواد التموينية الأساسية.

وهذه الحالات تعكس واقعاً يتجاوز الفرد لتشير إلى العبء اليومي الذي تواجهه العائلات السودانية في ظل الحرب والأزمة الاقتصادية.

غياب البيانات الرسمية

وعلى الرغم من محاولات (التغيير) للتواصل مع مصادر ميدانية وحكومية للحصول على معلومات رسمية إلا أن الجهات الصحية لم تتعاون مما ترك الكثير من التساؤلات بلا إجابات مؤكدة.

ويؤكد خبراء في مجال الصحة، أن استمرار النزاع مع غياب برامج مكافحة السل وضعف الرقابة الصحية على الحدود والمخيمات قد يحول المرض إلى أزمة صحية أوسع لا تهدد السودان وحده، بل دول الجوار أيضاً.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.