السودان: مسار العلاقة بين القوات النظامية والمليشيات وتأثيرات النفوذ السياسي «1»
السودان: مسار العلاقة بين القوات النظامية والمليشيات وتأثيرات النفوذ السياسي «1»
محمد بدوي
المقدمة
ظللت أتابع قبل كارثة الحرب في 15 أبريل 2023، في البدء ألف رحمة ونور للقتلى وشفاء عاجل للمصابين ووقف فوري للحرب والاقتتال، فالسودان لم يكن وطناً للسودانيات والسودانيين وحدهم بل لشعوب كثيرة ارتبطت به وجوداً في أراضيه وجواراً ظل يتفاعل مع الأزمات فيها، رغم بؤس الحال لكن لابد من تقصي أسباب ما حدث لنحاول بتفاؤل باستقرار قريب في التعامل بمنهج مع الأسباب.
وصول الأزمة إلى مرحلة الانفجار ظل رهن إرادة طرفي الصراع المؤجلة، التي ارتفعت إلى ملامسة نقطة الصفر حينما بدأت الجهود المرتبطة بالإصلاح الأمني والعسكري والمقترحات المختلفة التي ظلت تدفع من الأطراف بما فيها تحالف الحرية والتغيير، ولعل كل هذه الجهود في تقديري ظلت تغفل الحالة الأساسية التي ارتبطت بالوضع العسكري والأمني والنظر إليه من منطلق الجيش والدعم السريع بينما يتطلب الأمر حصر المليشيات والجيوش الموازية من ناحية، ثم منهجاً يجيب على ماذا حدث للقوات النظامية “الجيش والشرطة والأمن”؟ ومتى بدأ الأمر؟ ثم الاجابة على السؤال الفني سواء حول التناسب بين القوات والتعداد السكاني، بناء عليه يمكن تحديد الهياكل التي تتناسب مع العدد المطلوب للقوات النظامية والرتب العليا والوسيطة وقوام رتب الضباط والصف، هذا يقود إلى معرفة اولية بالعدد الذي سيخرج من العملية بما يستوجب الخطة التأهيلية للعود للحياة المدنية، مع الأخذ في الاعتبار أن مراعاة الحالة التي اعادت المهام إلى القوات التي تناسبها مثل إعادة الإستخبارات إلى القوات المسلحة وتحويل جهاز الامن إلى الأمن الداخلي، اذن الحالة تشمل القوات المعرفة في الوثيقة الدستورية الجيش، الشرطة، الدعم السريع، الأمن الوطني، بالإضافة إلى الدفاع الشعبي، حرس الحدود، الإحتياط المركزي، وهنا لابد من فصل كل من هيئة العمليات، الاحتياط المركزي من تبعيتها للأمن والشرطة باعتبارها صارت أقرب للقوات المستقلة، من تلك الأجسام يمكن ملاحظة عدم الإشارة إلى الأمن الشعبي وبقية المليشيات، لأن الأول يخضع للحل والمحاسبة أما بقية المليشيات فوجودها مرتبط بالاستقرار السياسي والاقتصادي حيث أنها مثلت ظاهرة غياب دور الدولة.
تطورات العلاقة بين القوات النظامية والمليشيات
يمثل واقع الدعم السريع مرحلة من مراحل التطور في العلاقة بين القوات المسلحة والمليشيات تاريخيا، وهذه العلاقة عكسية فنمو المليشيات يقابله تراجع لتطور الجيش، ففي 1984 برزت العلاقة بمليشيات المراحيل في الشريط الحدودي بين اقليم جنوب السودان ودارفور وكردفان، وهي مليشيات اوكل اليها حماية قطار اويل بدلا من الكتيبة الاستراتيجية، في السياق الزمني لتدشين الحركة الشعبية لتحرير السودان نشاطها في 1983، امتد الحال إلى مليشيات النوير والمنداري المتحالفة مع الخرطوم ثم المرحلين 2 في الفترة 1984 إلى 1985، ثم تطور الأمر إلى عسكرة حياه العديد من المجموعات السكانية للقيام بواجبات تخص الجيش واحيانا قوات الشرطة حتى وصل الأمر إلى سقوط اقتراح قوات الدفاع الشعبي في البرلمان في 1987، في العام 1989 تم تنفيذ فكرة قوات الدفاع الشعبي، وبرزت عدة اشكال من المليشيات المرتبطة بالنظام السياسي بل لم يقف الامر عند هذا الحد بل تم استغلال فكرة الاحتياط او الخدمة العسكرية الوطنية لإجبار الرافضين ضميريا للقتال في الحرب الاهلية في مواجهة الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى جانب المجموعات الاخرى، كل هذا شكل سياقا لنمو قوات موازية للجيش تقوم بأدوار قتالية اصيلة بديلا عنه، لا اود الخوض في كافة سجل المليشيات لضيق الحيز لكن تجدر الإشارة إلى أن وصل الأمر إلى مليشيات فيالق الجمال التي تكونت من المقبوض عليهم بموجب قانون الطوارئ من المشتبه بهم في الانخراط في عصابات النهب المسلح في 2001 في شمال دارفور بعد اخراجهم من سجن شالا لتوكل اليهم مهمة شرطية وهي محاربة عصابات النهب المسلح لاحقا صاروا نواة لمليشيات الجنجويد التي اطلق عليها اسم استخبارات الحدود في 2004م حرس الحدود في 2005 ووضعت تحت اشراف القوات المسلحة بموجب مرسوم دستوري في مايو 2004 والتي قامت بالمشاركة الى جانب القوات المسلحة في حرب دارفور، ثم في 2013 تم انتقاء جزء منها تحت قيادة العميد آنذاك محمد حمدان دقلو ليتم تدريبها في معسكرات تخص القوات المسلحة، قبل تغيير اسمها إلى الدعم السريع في 2014 والدفع بها إلى غرب وجنوب كردفان ثم النيل الازرق للقيام بدور القوات المسلحة في قتال الحركة الشعبية قطاع الشمال، خلال هذه الفترة استضافت الخرطوم مليشيات كمال لوما التابعة للنوير بالنيل الازرق وقامت بتدريبها، ثم البدء في تدريب قوات الدكتور رياك مشار في معسكرات بالنيل الابيض وذات مراكز التدريب التي تلقت فيها قوات حميدتى التدريب بالخرطوم، بل في 2016 اوكل اليها مهمة وحدة الحدود بالقوات المسلحة بمحاربة الهجرة غير الشرعية بموجب اتفاق بين الخرطوم والاتحاد الأوروبي، اذن على مدار 39 عاما ظلت العلاقة بين الجيش والمليشيات مترابطة في علاقتها العكسية.
** اعتمدت الحركة الاسلامية جهاز الأمن والمخابرات الوطني ناهيك عن حداثة تكوينه وطبيعته التي جعلت الانتماء اليه يرتبط بعضوية الحركة الاسلامية من ناحية والالزام بالعضوية للمنتسبين عقب التكوين بالإضافة إلى جسم الأمن الشعبي الحزبي والمليشيات الرديفة من قوام العضوية والتي تعرف بكتائب الظل، بل نقلت اليه مهام العمل الاستخباراتي التابعة للجيش والتي خلال التراكم تميزت على المستوي الاقليمي، بل لاحقا تم تكوين وحدة هيئة العمليات كقوى ضاربة والتي أستقطب لها من الشريط النيلي شمالا في عسكرة لأجيال من مجموعات سكانية واستغلال لحالة البطالة الناتجة مع التوسع في التعليم العالي، وبلوغ سياسة التمكين الحزبي القبض على مفاصل الوظائف المهنية، فشكلت المعادلة العكسية بينها ودور الجيش للمرة الثانية.
المليشيات الأيدلوجية
مليشيات الدفاع الشعبي التي بدأت بعضوية الحركة الاسلامية قبل أن تعمم قبليا ويخضع لها الطلاب الملتحقين بالمعاهد والجامعات ثم الموظفين بالخدمة المدنية، إلى قوات الاحتياط “الخدمة الوطنية”، هي المجموعات التي اخضع لها المدنيين في سن شرط الخدمة بما شمل حالات عبر الحملات التي جابت الشوارع، حيث اصبحت لاحقا تمثل دائرة مكملة للالتحاق بجهاز الامن وقوات الشرطة للمتعثرين في الالتحاق بالدراسة الجامعية، وهذه مثلت مجموعة ذات عقيدة ايدلوجية دينية اسلامية ارتبطت بتديين الحرب الاهلية تحت التعبئة للجهاد الإسلامي، تأثير هذه المجموعة انها دفعت بأعداد كبيرة إلى صفوف الضباط بالقوات المسلحة لاحقا دون المرور بالكلية الحربية واستيفاء شروط الالتحاق، حيث صار الخصم هنا من البنية المهنية للجيش مضافا اليه التحول الايدلوجي في العقيدة القتالية للجيش التي كانت مرتبكة اصلا لكونها ظلت مرتبطة بحالة القتال الداخلي في الحروب السياسية منذ 1955 إلى دينية اسلامية مرتبطة بالحركة الاسلامية.
في 1986 مع تنامي ظاهرة النهب المسلح الناتجة من ظروف اقتصادية تم تكوين شرطة مكافحة النهب المسلح في تحويل إلى دور معالجة نتاج الظواهر الاقتصادية باستخدام السلاح، فبدأت عقيدتها في التأثر بالانتهاكات لحقوق المقبوض عليهم وممارسة العنف المفرط والمميت، في العام 1991 جاءت المرحلة الثانية حيث اخضعت لذات الهندسة الايدلوجية، فألحقت بها الشرطة الشعبية فبرز التحول في تفويضها المرتبط بتنفيذ القانون والأمن الداخلي تحت شعار الشرطة في خدمة الشعب إلى اعادة صياغة الانسان السوداني، في 1995 بدأ ظهور شرطة النظام العام الرديف لفكرة شرطة الآداب الايرانية، كرافعة سياسية تمارس القهر في الفضاء العام وتفرض انساق سلوك للحركة والحياة من فهرس الاسلام السياسي، بالإضافة إلى استخدامها كترمومتر لقياس مقاومة السياسات، ثم الحقت بها الشرطة الظاعنة التي أنشئت لحماية المراحيل إلى الدفع بها لنزال الحركات المسلحة التي دشنت نشاطها بدارفور، إلى جانب تسكين بعض مجموعات الجنجويد في 2003 ثم 2006 تحت قوات الاحتياط المركزي الشرطية، يبرز ذلك في منح علي عبد الرحمن كوشيب الماثل امام المحكمة الجنائية الدولية رتبة المساعد بالاحتياط المركزي الشرطية في 2006 العام الذي شهد وضع مليشيات قبلية من شرق دارفور تحت ذات الوحدة، اذن اخضاع الشرطة للقيام بأدوار سياسية مثل احداث التحول الثقافي في الهوية المرتبطة بالحياة في الفضاء العام مثل التضييق على الازياء دفعا بها إلى نسق اسلامي بشكل واخر جاء خصما على معادلة تفويضها الاساسية وعلاقتها بالأمن الداخلي.
ما بعد الحرب الأهلية
انتهت الحرب الاهلية بموجب اتفاق السلام الشامل 2005 لكن قاد انفصال جنوب السودان في العام 2011 إلى تسريح لقوام كبير من المنتمين للقوات النظامية اغلبها من الجيش من المنحدرة اصولهم من جنوب السودان فشكل فراغا بعد وقت قصير حيث اندلعت الحرب الثانية في ذات العام في جبال النوبة والنيل الازرق، وحينها خبأت الدعاية للحرب الدينية، قاد اتفاق السلام لأول مرة لاختبار حالة السلم في مناطق مثل جبال النوبة، وحين حاولت الخرطوم الحرب بذات القوام مرة اخرى لم تنتبه للتحولات التي قادت إلى انضمام اعداد من المقاتلين إلى الحركة الشعبية لأسباب بديهية بأنها لا غبينة لها في الحرب مرة اخرى مع ذات الطرف، بل استطاع خطاب الحركة الشعبية استغلال عنصر الارض وعدم الرغبة في القتال مرة اخرى تم تحفيزه بخطاب موازٍ شكل عقيدة للحرب في مواجهة الجيش فأثر هذا في هزيمة القوات المسلحة في 2012 إلى 2017 بالرغم من تكوين الخرطوم مليشيات لمساندة الجيش لكن غياب العقيدة والدافع جعل التفوق للحركة، لأن الحروب الداخلية التحولات فيها ترتبط بالمصلحة والخطاب، وهذا يقود إلى ان التغيرات الانثربلوجية التي حدثت فاذا نظرنا إلى ما نتج عن انتصارات الحركة وتحول اثنيات إلى صفوفها، نجد ان هذه الاثنيات برز دورها في سياق الحراك الثوري بما جعلت بعض الضواحي التي تشكل مراكز سكانية لهم ايقونات في الحراك، بالمقابل انتبهت السلطات الانقلابية فعملت على الحد من توسع دائرة التغيير داخل تلك المجموعات لأنها لا تزال تشكل جزء من قوام الجيش وشرطة الاحتياط المركزي فدفعت بعض هذه المجموعات في صراعات قبلية تم ترسيمها وتحريكها بدأت من مايو 2019 من ولاية نهر النيل إلى ولايات شرق السودان ثم انتقلت الى غرب كردفان، بالمقابل فإن التأثير الجغرافي لقوام هيئة العمليات ارتبط بعقيدة ايدلوجية التصقت بفلسفة الحركة الاسلامية، فتكاد تكون المناطق التي انحدر قوامهم منها ظلت بعيدة عن حراك الثورة والتغيير، ارتباط الوجود بالنظام السياسي عرض هيئة العمليات للحل عقب سقوط البشير، لكن فعليا توزع قوامها بين الدعم السريع والجيش لأنها مثلت الامتداد المرتبط بالحالة.
إذن هنالك مسار للتحولات للقوات على اساس فكرة الاستقلالية والقومية والمهنية مقابل الايدلوجيا والاستغلال والاستقطاب الجغرافي.
الصراعات المسلحة السياسية ومهنية القوات النظامية
في حرب دارفور تم استبدال كافة المنحدرة اصولهم من الاقليم بقوام من مناطق اخرى مع الاستعانة بالمليشيات وسلاح الجو، وهيئة العمليات، اغلب القوام ممن شارك في الحرب الاهلية، هذا قاد إلى سؤال الجيش والحروب الداخلية والعقيدة ، ظل هذا السؤال قائما حتى 2018، وهو سؤال له تفرعات اخرى مرتبطة بالتمييز الذي اكتسبته المليشيات الموازية سواء على مستوى الخطاب الرسمي “خطابات البشير” ام الامتيازات التي تعززت بدخول الموارد الجديدة مثل الذهب والمشاركات السياسية في القتال خارج البلاد وهنا برزت قمة التحول في العلاقة ببلوغها منعطف الخصم الرئيسي من الجيش لكن كان يمكن ان يتم معادلة الحال بأن الجيش مؤسسة له اسلحة ووحدات لا تضاهيها مليشيا لكن وقف التجنيد للجيش لفترات طويلة، فإذا كان خطاب البشير يشير إلى طلب الف مقاتل من حميدتى في 2014 الا انه احضر 6000 الف فالراهن يشير إلى انه خلال 9 سنوات بلغت قوات الدعم السريع 100 الف. بعضها جاء خصما من القوات المسلحة وهيئة العمليات وبعضهم ممن شاركوا في قمع المدنيين بدارفور وهذا يوضح اكتمال سيناريو انتقال نمط الحرب إلى الخرطوم واكتمال دور الانتهاكات النوعية لتشمل كل السودان في تراتبية زمنية ارتبطت بحركة العلاقة العكسية بين الجيش والدعم السريع، وتحول المنفذين للحرب في مناطق النزاعات إلى قادة للسلطة كورثة للمؤتمر الوطني المحلول، وهو ما يكشف الصراع بين الدعم السريع من جانب والهجوم على القائد الأعلى للجيش من قادة المؤتمر الوطني الذي يحاول تغيير حركة السياق مرة اخرى ليغير من المواقع ويعود إلى القيادة السياسية متناسيا انها حالة مشابهة لما حدث في 1999 حينما حاول العراب حسن الترابي الصعود إلى المركز السياسي واقصاء من صعدوا اليها ففشل الأمر لأن تحولات السلطة لا يمكن اخضاعها عكسا سواء بشرعية تنظيمية او بالانقضاض.
الايدلوجيا وعقيدة القوات النظامية
قد يثور سؤال حول بروز عدد من ضباط القوات المسلحة مساندين للمحتجين سلميا في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم في ابريل 2019، بالنظر إلى الرتب نجدها اغلبها من الوسيطة، والسبب انه عقب اتفاق السلام الشامل وبعده تراخت قبضة التمكين السياسي في اخضاع الالتحاق بالكلية الحربية لشرط الانتماء الحركي او الحزبي كنتيجة مباشرة للاتفاق، فبرزت العلاقات الاجتماعية والاثنية التي وجدت مناخ لتنمو داخل الحزب الحاكم كنتيجة لصراعات السلطة التي برزت في حدتها في 1999 لكن قمعت، عادت مرة اخرى مستندة على تنافس القيادات حول الرئاسة للحركة الاسلامية، الحزب ورئاسة الجمهورية، ففتحت الباب لمن هم خارج التنظيم بأجنحته إلى الالتحاق بمرافق كثيرة من الكلية الحربية، السلطة القضائية، النيابة العامة، والوزارات الاخرى في حركة ظلت متصاعدة إلى ان وصلت إلى العمق الأسري كسند للالتحاق. وهنا تراجعت الايدلوجيا وصعد نمط المصالح والتحالفات فغير في النسق السابق الذي نتج منه تغيير عقيدة الجيش من قبل الحركة الاسلامية، والتمكين الذي صارت معه الرتب مقرونة بالولاء السياسي وليس التدخل العسكري، انتداب ضباط الجيش للعمل بالدعم السريع، حصول الدعم السريع على ادوات تعقب في سياق مهام الهجرة غير الشرعية، ضم ضباط من القوات المسلحة من المحالين خارج الخدمة لأسباب غير مرتبطة بنهاية سن الخدمة او اسباب قانونية، احدثت نقله لأسباب سياسية في الدعم السريع تطورت في سياق ارتباط بعلاقة الجيش والانقلابات العسكرية إلى ادخال علاقة السلطة في مسار الدعم السريع ولا سيما ان الادارة المشتركة للقتال باليمن ادخلت عنصر العلاقات الخارجية كرافع له تأثيرات مختلفة.
المصالح وبنية القوات النظامية
الاهمال الذي واجهه الجيش في بنية المقاتلين والتي بدراسة حالتها مرتبطة بواقع دور الدولة والخدمات في دولة ما بعد الاستقلال بمعنى انها لم تصل مرحلة الوظيفة الطوعية بقدر ما هي وظيفة متاحة تحفز عليها الواقع المرتبط بالعسكرة للمجتمعات وتراجع دور الدولة في الخدمات الاساسية بشكل غالب خارج مركز السلطة السياسية او ادارة الدولة
في ظل الواقع اعلاه مؤشر الصراع السياسي والفساد برز مؤشره في التحولات للإشراف على الدعم السريع من الجيش إلى مظلة جهاز الأمن إلى مظلة الجيش مره اخرى قبل اصدار قانون خاص بها في 2017 ارتبطت بالتحولات التي احدثتها الحركة الاسلامية في البنية الامنية والعسكرية من جانب ومن جانب اخر الصراعات المرتبطة بالسلطة داخل الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني المحلول في حالة صعود الفريق طه الحسين ليصبح مديرا لمكاتب رئيس الجمهورية المخلوع وفريق بالأمن وسفيرا بالخارجية تمكن الدعم السريع من اختبار بيئات مختلفة عسكرية وامنيه وسياسية.
تحولات التمكين من الحزب الحاكم إلى الدعم السريع
في 2019 وصل الدعم السريع إلى انه لا غبينة لفض الاعتصام عندما طلب البشير ذلك واسند الدكتور عبد الحي يوسف الأمر بفتوى دينية لذات الاسباب التي يفتقر فيها القتال الى الغبينة ولأسباب عدم رغبة خوض حرب ثانية بعد دارفور وجميعها سياسية الدوافع تصب في مصلحة ان يسيطر طرفا في السلطة، من ناحية ثانية صراعات السلطة داخل المؤتمر الوطني استطاعت ان تحدث فرزا حيث مال الدعم السريع إلى جانب الفريق طه الحسين المدير السابق لمكاتب المخلوع، كما ان ذات الصراعات جعلت البشير في مفترق طرق في الثقة في القوات المختلفة لأنها جزء من مسرح امتداد الصراع، فاعتمد على المليشيات الحزبية في الفترة من 6 إلى 11 ابريل 2019 فشلت فتم اللجوء للخطة البديلة بقيادة بن عوف الذي غادر رئاسة المجلس العسكري بعد ساعات، ليمضي الحال إلى صعود البرهان وحميدتى وسلسلة محاولات العودة للسلطة عبر عده محاولات انقلابية، عقب احداث فض الاعتصام التي شكلت بداية مسار انعدام الثقة بين الجنرالين لتبدأ حرب صامتة ظل اندلاعها يؤجل إلى ان وحدا مصيرهما بانقلاب 25 اكتوبر 2021، ما ان مضى اقل من عام تكشف المسرح عن محاولات عودة الكيزان عقب القرارات التي اعادت لهم المناصب والاموال المنهوبة، فلجأ حميدتى داعما للاتفاق الإطاري ليقف إلى جانب تحالف الحرية والتغيير، وحتى ذاك الحين المجتمعين الدولي والاقليمي ينظران إلى رأس جبل الجليد محصورا في مشهد الجنرالات ومواقفهم مع استمرار بقاء النار تحت الرماد ليمثل 15 ابريل 2023 استدعاء لما برزت ملامحه في 21 سبتمبر 2021.
المصدر: صحيفة التغيير