اخبار السودان

السودان: مدير شركة أدوية يتنكر مع اللصوص ويشاهد بعينيه نهب ممتلكاته

شاهد بأم عينيه كيف سرق اللصوص شركته وكيف كسروا الخزائن الضخمة وافرغوا محتوياتها، كيف سطو على المكيفات،الكمبيوترات، الاثاثات، الأجهزة الكهربائية والالكترونية وبعثروا مخازن الأدوية.

الخرطوم:التغيير:سارة تاج السر

بدون تفكير وبلا تردد تنكر مدير شركة فارما التجارية لتوزيع الأدوية دكتور محمد فتحي، وسط اللصوص، كما يحدث في افلام السينما ، ودخل شركته معهم ليشهد على تلف ادويته ونهبها قبل أن يرحلوا بغنيمتهم مبتعدين.

ما رواه فتحي، يجسد واقع الحال في مدن  العاصمة الثلاث عقب اندلاع المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 ابريل الماضي، حيث تصاعدت أعمال النهب والسلب للبنوك  والسفارات والشركات والجامعات والأسواق و المحال التجارية. فضلاً عن اقتحام منازل مواطنين ومشاهير وقادة مجتمع وسياسيين، في ظل الغياب التام لأجهزة الشرطة

سطو ممنهج

على مدى أكثر من 3 أيام تعرضت شركة فارما التجارية للأدوية في المنطقة الصناعية_ ضاحية كافوري مربع2 بالخرطوم بحري للسطو والنهب والسرقة بالتزامن مع الاقتتال الدائر والذي أسفر عن سيولة أمنية.

اي خزنة لم يستطع الجناة فتحها اخذوها، اي سيارة لم يتمكنوا من قيادتها حرقوها حسب المدير العام لشركة فارما واردف قائلا في حديثه مع (التغيير) استباحوا كل شيء “.

مدير فارما للأدوية: استغث بالجيش والدعم السريع لإيقاف نهب شركتي.. فكانت اجابتهم “نحن في حالة حرب ولانخالف الأوامر”

لم يستطع فتحي، إنقاذ شركته رغم استنجاده بشكل شخصي بضباط من الشرطة، القوات المسلحة، وحتى ارتكازات قوات الدعم السريع التي تسيطر على تلك المنطقة، إلا أن الرد كان واحدا : “لانستطيع مخالفة الأوامر.. نحن في حالة حرب “

ولم يكن أمامه سوى التخفي بين الجناة ودخول مكاتب الشركة ليرى كيف ضاع مجهود السنين هباء، بنيتها التحتية وتشطيبها الذي تم بمواصفات و جودة عالية تراعي تخزين و توزيع الأدوية.

فتحي ذكر في حديثه معنا أن المجموعات المتفلتة التي داهمت شركته، مواطنين عاديين رجال ونساء وأطفال، أتوا من منطقة العزبة شرق بحري ولم يكن بينهم عسكريين، واعتبر أن ما جرى جريمة منظمة محمية بالسلاح والفنيين.

ضحايا

تضج منصات التواصل الاجتماعي، يوميا، بشكاوي المواطنين من التفلتات الأمنية ومقاطع الفيديو التي توثق اقتحام قوات الدعم السريع لمنازل مواطنين واجبارهم على مغادرتها.

وأكدت الفنانة ندي القلعة على صفحتها بالفيسبوك، ان عناصر من الدعم السريع ومجموعة متفلتين،  اقتحموا منزلها بحجة وجود قناصين قبل ان تتم سرقة المنزل تحت تهديد السلاح.

وذكرت أن مركزها التجميلي “ندى العنبر”، قد تمت مداهمته هو الآخر بحجة وجود أسلحة. وأوضحت ان سيارة اقلت 12 من أفراد الدعم السريع إلى جانب خمسة بزي مدني كان بحوزتهم ادوات لكسر الابواب والخزن.

وكشف الناشط الاجتماعي، عمر عُشاري، صاحب أكبر منتدي ثقافي بالعاصمة الخرطوم “رتينة” عن سرقة الأخيرة، للمرة الثالثة، برصاص الدعم السريع، ونهب ما تبقى بواسطة الجماعات التي  تواصل النهب في المناطق المفتوحة بعد اقتحامها من  الدعم او العصابات.

واشار عشاري إلى تعرض منزله في بحري للنهب للمرة الثالثة  أيضاً، كما سرقت  سيارة زوجته، رغم انزال كل اللساتك واخراج البطارية”.

غير أن قوات الدعم السريع نفت تورط قواتها في أي اعمال سلب واشارت أكثر من مرة انها تعمل على المحافظة على الأمن في مناطق سيطرتها وتقوم بحملات مكثفة للقبض على المتهمين، لكن شهادات متضررين أكدت تورطها.

اتساع الانتهاكات

تفاعلا مع نداءات المواطنين، أنشأ ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صفحات للتبليغ عن السيارات المفقودة والمسروقة. ووفقا لإحدى الصفحات فقد بلغ عدد السيارات المنهوبة والمعلنة في المجموعة 731 سيارة منها 167 سيارة هايلوكس (بوكس) وهي مثلت اكثر الماركات تعرضا للسرقة تلتها  78 سيارة توسان،  61 سيارة برادو، 55 سيارة  لاندكروزر: ، أما الافانتي/الانترا، فقد بلغتا 44 سيارة.

وتصدرت منطقة كافوري قائمة المناطق الأكثر تعرضاً للسرقة بعدد،  65 حالة سرقة، الصافية بعدد 59 حالات سرقة،  الرياض 51 حالة سرقة، شمبات، 39 حالة سرقة،  العمارات

31 حالة،  بيت المال 23 حالة،  بري: 23 حالة.

واشار مسئولو الصفحة إلى أن عدد كبير من السيارات المذكورة مسروقة عن طريق قوات الدعم السريع.

الهايلوكس اكثر السيارات تعرضا للسرقة بالعاصمة، تلتها التوسان ثم البرادو

الخبير الأمني والاستراتيجي أمين  إسماعيل مجذوب أشار في حديثه (للتغيير) ان عمليات السرقة في بداية المواجهات كانت بغرض التخريب مصوبا الاتهام لعناصر الدعم السريع وسكان بعض المناطق الطرفية، والنزلاء الذين فروا من السجون ، بيد انها تحولت في الوقت الراهن لتأمين الاحتياجات المعيشية.

تفلتات رغم الانتشار الشرطي

 تطمينات ارسلتها الشرطة في بيان لها بتاريخ 27 مايو الماضي، قالت انها رفدت غرفة عمليات الشرطة العملية الأمنية بولاية الخرطوم بتعزيزات لتوسيع الرقعة التأمينية لتشمل الأسواق والمناطق الحيوية والأحياء للقضاء على ظاهرة التفلتات الأمنية، وذلك في إطار  الترتيبات المنعية للجرائم والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، كما اكد البيان على  نشر ارتكازات بالمناطق الحاكمة بولاية الخرطوم بمشاركة إدارات الشرطة المختلفة.

إلا أن ذلك الانتشار لم يحد من عمليات النهب التي زادت وتيرتها بشكل غير مسبوق.

وحسب خبراء أمنيين، فإن جملة أسباب تحول دون قيام الشرطة بمهامها،  ابرزها انها جهاز مدني واقحامها في الصراع مجازفة غير مأمونة العواقب.

 “الجيش يتولي تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية إلى جانب المدنيين”، وفق ما ذكر الخبير الاستراتيجي امين مجذوب،  لافتا الى أن الأجهزة الشرطية الان تقوم بمهامها كما ينبغي.

خبير في الشؤون العسكرية: الدولة تعيش حالة من انسداد الأفق والعجز التام

بينما اعتبر الخبير  في الشؤون العسكرية عمر أرباب (للتغيير) ان نشر قوات الشرطة سيكون بمثابة انتحار ومجازفة بحياة عناصرها. وأوضح أن الشرطة جهاز مدني كان من الممكن أن يكون له دور بالتأمين  في حالات السلم ولكن لا يمكن الزج به في مثل هكذا اجواء.

واشار الى ان الدعم السريع يتمتع بكفاءة قتالية عالية لاتزال ترهق القوات المسلحة ناهيك عن أي قوات أخرى.

واكد أن الدولة تعيش في حالة  انسداد افق وعجز تام عن توفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين والأمن والأمان.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *