السودان… حرب وعنف رقمي يتعاظم ضد النساء
منتدى الإعلام السوداني
ملاك بلة
الخرطوم، 19 يوليو 2025 (شبكة إعلاميات)
منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، تواجه النساء على اختلاف خلفياتهن تحديات متزايدة وانتهاكات متعددة، أبرزها تفشي خطاب الكراهية الممنهج، الذي بات أداة خطيرة تُستخدم لتشويه صورة المرأة وتهميش دورها في الفضاءين العام والرقمي.
في خضم الصراع، تحولت الحملات الإلكترونية إلى سلاحٍ فتاك، تقودها جهات منظمة تعمل في غرف مغلقة مخصصة لنشر التضليل والتحريض، خصوصا ضد النساء الناشطات والفاعلات في مجالات السياسة، الإعلام، والمجتمع المدني. هؤلاء النسوة يتعرضن لحملات تشهير ممنهجة، وحرمان من حقوق المواطنة الكاملة، فقط لأنهن عبرن عن مواقف مناهضة للحرب أو حاولن المساهمة في صناعة السلام.
تشويه السمعة
تقول نجود، وهي مدافعة عن حقوق الإنسان، إن خطاب الكراهية الموجه ضد النساء ساهم بشكل كبير في تعقيد المشهد السوداني. وتوضح أن كثيرات من السياسيات والنسويات والصحفيات تعرضن لتشويه السمعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حملات استهدفت سمعتهن الشخصية والمهنية، ما دفع العديد منهن للانسحاب من المجال العام تحت ضغط نفسي بالغ.
تمييز وإقصاء
تؤكد مي عبد القادر، الصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان، أن النساء المدافعات والناشطات الحزبيات أصبحن عرضة لانتهاكات مضاعفة. وتضيف: “تعرضت بعض النساء للتمييز والإقصاء لمجرد انتمائهن السياسي أو نشاطهن الإعلامي، حتى أن بعضهن مُنعن من تجديد جوازات سفرهن، رغم أن ذلك حق قانوني مكفول للجميع”.
وتقول الناشطة محاسن أتيم إن الاستقطاب الحاد والتعبئة ضد المعارضين السياسيين، خاصة النساء، زاد من انتشار خطاب الكراهية، الذي أدى بدوره إلى تهميش النساء سياسيا واجتماعيا، وإضعاف شعورهن بالأمان، مما ينعكس سلبا على صحتهن النفسية وسلامتهن الشخصية.
في مواجهة هذا الواقع، تدعو محاسن إلى تعزيز التوعية المجتمعية بمخاطر خطاب الكراهية، وتقديم الدعم القانوني للنساء المتضررات، إضافة إلى ضرورة تضامن المجتمع، وتفعيل دور الإعلام في نشر ثقافة التسامح والاحترام والمساواة.
أما نجود، فترى أن الحل يكمن في بناء خطاب مضاد إيجابي يعيد الاعتبار لدور النساء في بناء السلام والمجتمع، إلى جانب إنشاء شبكات دعم مجتمعية وتبني تشريعات صارمة ضد خطاب الكراهية والعنف الرقمي.
الحرب تغذي خطاب الكراهية
وتعرّف مي عبد القادر خطاب الكراهية بأنه “أي نوع من التواصل يستخدم لغة مهينة أو تمييزية تجاه فرد أو مجموعة على أساس الهوية، الجنس، العرق، أو الانتماء السياسي، ويتضمن التحريض على العنف والوصم المجتمعي”.
تختم مي حديثها قائلة: “الحرب تغذي خطاب الكراهية، والدولة نفسها تدعمه أحيانا عبر قوانين غير منصفة. يجب أن نقف معا، نساء ورجالا، لمحاربة هذا الخطاب قبل أن يتحول إلى سلاح يهدد وجودنا المشترك”.
اتفقت كل من النشاطات والمدافعات، ريم محمد حسين وتيسير صالح، على أن خطاب الكراهية رائج داخل السودان منذ زمن بعيد، وعند حرب 15 أبريل تزايد بصورة كبيرة ومخيفة جدا ووصل به الحد إلى تجريم النساء وحرمانهن من ممارسة العمل السياسي والعمل العام، وأحدث شرخا في المجتمع النسائي وسبب انقسام جزء منهن وانضمامهن إلي طرفي الصراع، ووضع جزء منهن في وضع الحياد وهذا قد يكون مهدد كبير، وأكدن أن الحل يكمن في الحد من خطاب الكراهية عبر رسائل الفن والمسرح والدراما عموما، وأيضا دور الإعلام مهم للحد من خطاب الكراهية تجاه النساء.
تختتم محاسن أتيم حديثها قائلة إن الحرب أثرت على النساء بشكل كبير، سواء كان جسديا أو نفسيا. النساء أصبحن عرضة للعنف الجسدي والجنسي، والاغتصاب، والإيذاء النفسي. وهذا يؤثر على صحتهن الجسدية والنفسية، ويجعلهن عرضة للاكتئاب والقلق والخوف.
وكذالك الحرب أثرت على دور النساء في المجتمع، فبعض النساء أصبحن مسؤولات عن عائلاتهن بعد فقدان الأزواج أو الآباء، وذلك يزيد من العبء عليهن ويجعل حياتهن أكثر صعوبة.
بعد الحرب، النساء أصبحن في حاجة ماسة للدعم النفسي والصحي، ليستطعن تجاوز الصدمات التي مررن بها . وهذا الدعم يمكن أن يشمل العلاج النفسي، والرعاية الصحية، والدعم الاجتماعي.
وأضافت محاسن قائلة: “لابد من إعادة بناء المجتمع وإعادة تأهيل النساء، لكي يتمكن من الرجوع والمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال”.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد (شبكة إعلاميات) لتحذر من مغبة تفشي خطاب الكراهية والتمييز الموجه ضد النساء، وتنبهنا المستطلعات في المادة إلى ضرورة كبح العنف الرقمي المصاحب للحرب وكيف أن تبعاته تهدد مستقبل المجتمع. (يوجد فيديو مصاحب).
المصدر: صحيفة التغيير