اخبار السودان

السودان: الانتهاكات الإنسانية في «الجنينة» تستدعي مخاوف التفكك والانفصال وعودة الفصل السابع

سلسلة الانتهاكات الإنسانية التي عانى منها إقليم دارفور تمددت لتشمل اغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر، ونشر الفيديو الذي تم تصويره بعد مقتله ليتم بثه عبر كل القنوات العالمية.

الخرطوم: التغيير: أمل محمد الحسن

“القتل والانتهاكات الإنسانية ما تزال مستمرة في الجنينة التي حدثت فيها مجازر بشرية أودت بحياة آلاف النساء والشباب والأطفال، وأجبرت 80% من الناجين على الفرار واللجوء وفق تصريحات لسلطان عموم المساليت، سعد عبد الرحمن لقناة الحدث.

فصل دار مساليت

لاحقا أصدر السلطان بيانا قال فيه إنهم يراجعون اتفاقية (قلاني)، في إشارة واضحة لرغبتهم في فصل أرض دار مساليت عن السودان.

وقتل أكثر من 5 آلاف شخص بالاقليم، وأصيب ما لايقل عن 8 آلاف آخرين، وفر مئات الآلاف وفق تقرير لسلطنة دار مساليت حصر خسائر حاضرة ولاية غرب دارفور الجنينة حتى تاريخ 12 يونيو.

الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير: تصريح “السلطان سعد” يحمل درجة عالية من الخطورة

وشهدت المدينة أسوأ الفظائع الإنسانية من حرق لكافة دور إيواء النازحين البالغة 86 وموت جميع مرضى الفشل الكلوي.

تصريح “السلطان سعد” الذي فقد في الحرب أخيه الأكبر وعدد من أبناء أسرته، اعتبرته قوى سياسية يحمل درجة عالية من الخطورة، وفق الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير، شريف محمد عثمان.

وأكد “عثمان” أن استمرار الحرب ينمي النزعات الانفصالية والمطالبة بحق تقرير المصير لدى جهات عديدة. وأضاف: “ما يحدث يهدد وحدة السودان وأمنه واستقراره”.

وقال “عثمان” لـ (التغيير) إن استصحاب الهشاشة الاجتماعية والتوترات القبلية ستؤدي إلى تحويل الحرب لحرب أهلية شاملة بأسرع ما يمكن.

تاريخ أسود

“ما يحدث في الجنينة هو تطهير عرقي وإبادة جماعية” هذا ما قطع به رئيس هيئة محامي دارفور، صالح محمود.

وحمل” محمود” طرفي الحرب وحلفائهم ممن وصفهم بـ”المليشيات القبلية” المسؤولية الكاملة لما حدث خلال الحرب التي اندلعت في ابريل.

رئيس هيئة محامي دارفور: ما يحدث في الجنينة هو تطهير عرقي وإبادة جماعية

لكن رئيس هيئة محامي دارفور أكد أن ما يحدث الآن في الجنينة ما هو إلا امتداد لسياسات حكومة “البشير” التي بدأها منذ العام 2003.

وقال: “طوال 30 عاماً واصل البشير في سياسة التطهير العرقي الذي استخدم فيه المليشيات بمشاركة الجيش”.

صالح محمود

الأوضاع في ولاية غرب دارفور تختلف عن بقية السودان، فالاقليم الذي بدأت فيه جرائم حرب دارفور مطلع العام 2003 تنفجر فيه الحروب المسلحة لأقل الأسباب.

وشهدت الجنينة بعد إنقلاب الجيش في اكتوبر من العام 2021 أحداث مأساوية راح ضحيتها 200 شخصاً دون أن تصل لجان التحقيق لنتيجة واضحة أو يتم تحميل المسؤولية لجهة أو أشخاص معينين.

جريمة بشعة

سلسلة الانتهاكات الإنسانية التي عانى منها الإقليم تمددت لتشمل اغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر، ونشر الفيديو الذي تم تصويره بعد مقتله ليتم بثه عبر كل القنوات العالمية.

خميس عبد الله أبكر

وكان الوالي قد تمت استضافته على شاشة قناة الحدث متحدثا عن الأوضاع الكارثية والهجوم على المدنيين، حيث أكد عدم تدخل قوات الجيش لحماية المدنيين مشيرا إلى وجودهم على بعد 7 كيلومترات فقط من الموقع الذي يتحدث منه.

من جانبه اعتبر الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي شريف محمد عثمان، مؤشر اغتيال الوالي بـ”المهدد” الكبير لاستمرار الحرب وجنوحها نحو الحرب الأهلية الشاملة، مشيرا إلى كونها لفتت أنظار العالم على الإقليم والشرور التي تحيط به نتيجة استمرار هذه الحرب.

إلى جانب مقتل الوالي؛ تم قتل عدد من رموز المجتمع المدني منهم عضو هيئة محامي دارفور ورئيس لجنة التحقيق في أحداث (كريندق) كما تم قتل مفوض العون الإنساني.

ووفق البيان السابق للسلطان فإن هناك عمليات استهداف واضحة لمعظم الرموز المجتمع المدني من الأطباء واستاذة الجامعات.

وكانت (التغيير) قد تحدثت مع أحد سكان الجنينة الذي أكد وجود عمليات اختطاف للكوادر الطبية ونهب للمؤسسات الصحية بالكامل.

الفصل السابع

مر إقليم دارفور بتجربة الفصل السابع الذي نُشرت بموجبه قوات تتبع للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي (يوناميد) في الإقليم لعدة سنوات قبل أن تستبدلها حكومة رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك، بالفصل السادس الذي جاء بالبعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس).

لكن رئيس هيئة محامي دارفور، اعتبر أن تعاطي المجتمع الدولي مع جرائم التطهير العرقي التي تجري في الجنينة تتسم بـ”البطء”

وقال: “لابد أن يجبر المجتمع الدولي طرفي الصراع في اتجاه وقف القتال”.

وقطع رئيس هيئة محامي دارفور، باستمرار سريان مفعول الفصل السابع، مطالبا بإعادة تطبيقه فورا.

خبير استراتيجي: التدخل الدولي عبر الفصل السابع مسألة وقت

من جانبه يرى الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي، أن التدخل الدولي عبر الفصل السابع” مسألة وقت” لأن العالم لن يتحمل أثر البعد الانساني. مشيرا إلى أن مسرحه لن يحصر في مدينة الجنينة فقط، بل في جميع المناطق التي يشملها الصراع.

وقال “كباشي” لـ”التغيير” إن المراهنة على منبر جدة لم تعد مجدية مع إصرار الطرفين على الحسم العسكري، محذرا من أن استمرار الصراع يتناسب طرديا مع تردي الأوضاع الإنسانية.

ونبه الخبير الاستراتيجي إلى عدم جدوى اعتماد الطرفين على “الفيتو” الروسي أو الصيني، معللا ذلك بتحسن العلاقات الصينية الأمريكية من جهة، وموقف روسيا من تجديد بعثة (يونيتامس) .

وأضاف: “أقصى ما يمكن أن تفعله روسيا هو الامتناع عن التصويت، لكن مباركتها لتجديد البعثة كان بمثابة الإختبار الحقيقي لموقفها من طرفي الصراع”.

وزاد “كباشي”: “مسألة التدخل الأممي عبر الفصل السابع تبقى مسألة وقت في ظل السلوك العسكري الموجود”.

الاستجابة للتفاوض

اعتبر القيادي بالحرية والتغيير شريف محمد عثمان، أن من الأفضل للسودانيين أن يستجيب قائدي الجيش والدعم السريع لنداءات العقل والمنطق والجلوس لطاولة التفاوض وإجراء نقاش جاد من أجل انهاء هذه الحرب.

وتابع:” لابد من معالجة جذور الأزمة واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي” .

شريف محمد عثمان

وقال عثمان لـ”التغيير” إن التفاوض يحصن السودان ضد القرارات التي يمكن أن تتخذها الأمم المتحدة، بل ويفضل أن يشترك السودانيون في خيارات التدخل.

ونوه إلى أن هناك سابقة في الفترة الانتقالية عندما تم سحب قوات (يوناميد) وتكوين بعثة (يونتامس).

وأكد” عثمان” أن الانتهاكات الإنسانية التي تحدث في الجنينة وخلال الحرب ستُجبر المجتمع الدولي على أن يصدر قرارا تحت الفصل السابع بتدخل عسكري لحماية المدنيين.

وأشار إلى أن جميع المهددات سببها الرئيس استمرار الحرب وايقافها سيحصن السودان من دخول الجماعات الارهابية خاصة داعش، التي كانت لها علاقات وطيدة مع الجماعات الإسلامية خصوصا مع فترة حكمها الطويل للسودان.

وحذر الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي من الخطورة المحدقة بالسودان ووحده وسلامته من جهة، وسلامة الإقليم من جهة اخرى، وتمنى استجابة قيادة الجيش والدعم السريع لنداءات وقف الحرب لحماية السودان والسودانيين من شرور استمرارها.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *