السودان: الإصلاح الأمني والعسكري.. خطوة شائكة تسبق الإتفاق النهائي للعملية السياسية
مصدر عسكري رفيع نفى بصورة قاطعة امكانية موافقة “البرهان” على أن يتم دمج قوات الدعم السريع خلال هذه السنوات، مؤكدا أن الدمج لا يحتاج لكل هذا الوقت.
الخرطوم: التغيير: أمل محمد الحسن
يتوقف إكمال الاتفاق النهائي، الذي قال الناطق الرسمي للعملية السياسية خالد عمر يوسف، إنه سيكون في مطلع ابريل المقبل، على اكمال ورشة الاصلاح الأمني والعسكري.
ومن المؤمل أن تأتي الخطوة بعد صدور توصيات 4 ورش سابقة هي: (إزالة التمكين، الشرق، سلام جوبا، العدالة والعدالة الانتقالية).
فيما قال عضو المكتب التنفيذي لتحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي شريف محمد عثمان، إن الورشة ستنطلق نهاية الأسبوع الجاري.
في وقت كشف مصدر من التحالف عن نقاش كافة التفاصيل المهمة في الاجتماعات المغلقة التي ضمت قائدي الجيش والدعم السريع مع المكون المدني والآلية الثلاثية.
وأهم ما تم الإتفاق عليه وفق القيادي بالحرية والتغيير، شهاب الطيب، هو توحيد القيادة والتي مثلت عقدة خلافية كبيرة.
واعتبر “الطيب” حسم هذه النقطة بمثابة قطع نسبة 50% من عملية الاصلاح الأمني والعسكري.
سنوات دمج الدعم السريع
وكشف مصدر من الحرية والتغيير عن إتفاق بين الموقعين على الإطاري والمكونات العسكرية على (10) سنوات لدمج الدعم السريع في الجيش، والتي مثلت نقطة الخلاف الجوهرية بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
لكن مصدر عسكري رفيع نفى بصورة قاطعة امكانية موافقة “البرهان” على هذه السنوات، مؤكدا أن الدمج لا يحتاج لكل هذا الوقت.
مصدر عسكري آخر قال لـ (التغيير) إن الإتفاق تم على (3) سنوات يتم خلالها دمج الدعم السريع.
وأوضح الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل، أن الحركات المسلحة تم منحها فرصة (39) شهرا للدمج بموجب اتفاق جوبا.
مؤكداً أن قوات الدعم السريع أكثر عددا وتدريبا وانتشارا ايضا، ومن وجهة نظره الفنية يحتاج دمج الدعم السريع في أقل تقدير إلى (6) سنوات.
ولم ترد الآلية الثلاثية على سؤال النقاط الخلافية بين المكونين العسكريين، وقال ممثل الاتحاد الافريقي، السفير محمد بلعيش في لقاء قدمه الإعلامي شوقي عبد العظيم على منصة نوار، شاركت فيه (التغيير) ، قال إن هناك أشياء يجب الا يتم الحديث عنها، معترفا بوجود اختلاف كبير بين قائدي الجيش والدعم السريع.
مشاركة المدنيين
قطع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، بمشاركة المدنيين في ورشة الاصلاح الأمني والعسكري.
وقال في ذات لقاء منصة “نوار” إنه لا يوجد مدنيون كثر لديهم خبرات في المجالات العسكرية، لكن مع ذلك تظل مشاركتهم ضرورية.
وأيد “بلعيش” حديث “بيرتس” قائلا إن الجيش سيصبح تحت قيادة مدنية في وقت قريب، ومن المهم أن يشترك المدنيون في ورشة الاصلاح الأمني والعسكري.
اعتراضات عسكرية
اعترض الخبير العسكري، أمين إسماعيل، على اشتراك المدنيين في عملية الإصلاح، وقال: “دخولهم في عملية الاصلاح العسكري تعني اضعاف الجيش والوطن”.
واستدرك أنه صحيح سيكون الجيش تحت امرة المدنيين، وربما تكون وزيرة الدفاع سيدة، لكن الآن لا يمكن أن يتدخل المدنيون في اصلاح المؤسسة العسكرية بغرض تطهيرها من الاسلاميين.
وأضاف: “هذا سيشبه اجتثاث البعث من الجيش العراقي ما أدى إلى نهايته وتحول إلى مليشيات”.
وأوضح “إسماعيل” أن الخدمة داخل الجيش تختلف عن المؤسسات المدنية، ضاربا مثلا برتبة العقيد التي قال إنه يحتاج لتأهيل لمدة 15 عاماً ولا يمكن أن يتم التخلي عنهم فقط لتعاطفهم أو انتمائهم للإسلاميين.
وأضاف: “يجب أن يتم التعامل وفق قوانين المؤسسة العسكرية، حيث تتم مراقبة السلوك وكل من خالف الأوامر العسكرية تتم محاسبته”.
وحذر اللواء أمين اسماعيل من تكرار تجربة أبريل 1985 التي تم فيها حل جهاز أمن الدولة بهدف التطهير، مشيرا إلى أن الدولة فقدت جهاز أمنها وصارت مستباحة.
وقال الخبير العسكري لـ (التغيير) إن مصطلح الإصلاح يعني تغيير القوانين والتدريب والانتشار، وتقليص المهام أو تعديلها.
أما ما تريد القوى السياسية من وجهة نظره فهو احالة المنتمين للنظام السابق للمعاش، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إعادة التمكين من كيانات حزبية جديدة وفق الخبير العسكري.
عملية سياسية
اختلف القيادي بالحرية والتغيير شهاب الطيب مع الخبير العسكري على رفض منسوبي الجيش لتدخل المدنيين، واصفا عملية الاصلاح بـ”السياسية” مشيرا إلى أن تسليح الجيش، على سبيل المثال، هو مدخل للعلاقات الخارجية، فتسليح الجيش من حلف الناتو سيجعل الدولة تميل نحو الشق الأوروبي، أما تسليح الجيش من روسيا أو الصين سيغير اتجاه العلاقات الخارجية والتجارية.
وأضاف: “تقلبات الأنظمة السياسية أثرت على المؤسسة العسكرية وحتى دوافع أفرادها تحولت إلى “سلطوية” ما يتطلب الاصلاح الكامل خاصة في ظل تعدد الجيوش”.
ورفض القيادي بالحرية والتغيير استخدام قضية الإصلاح بصورة تكتيكية، أو ضمن الخطابات السياسية التعبوية، قاطعا بأن تدخل السياسيين في عملية الاصلاح بعيدا عن الشق الفني الذي سيترك بالكامل للعسكريين.
الصياغة الأخيرة
بنهاية ورشة الاصلاح الأمني والعسكري سيتم وضع الصياغة الأخيرة للاتفاق النهائي، والتي قال عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير شريف محمد عثمان، إنها بدأت أعمالها بالفعل الاربعاء، وستنتظر فقط مخرجات الورشة الأخيرة.
وينتظر أن يتم الاتفاق النهائي وفق الجداول الزمنية التي أعلنها الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير خالد عمر يوسف، والتي قطع لها مطلع ابريل المقبل.
لكن موجة من عدم الارتياح الغير معلن تعم أرواح الأطراف المختلفة، وينتظر الجميع اكمال العملية السياسية، بدون أن تحدث مفاجآت تعرقلها.
المصدر: صحيفة التغيير