يستعيد السودانيون ذكرى ثورة 21 أكتوبر 1964 التي أسقطت أول حكم عسكري، بينما يعيشون اليوم حربًا مدمّرة بين الجيش والدعم السريع، أعادت سؤال الحرية والسلام إلى الواجهة..
التغيير: كمبالا
تمرّ على السودانيين اليوم ذكرى ثورة 21 أكتوبر 1964، الثورة الشعبية التي أسقطت أول نظام عسكري في البلاد عبر الهتاف والإرادة الجماهيرية، وأرست مبدأ أن قوة الشعب تفوق سطوة الدبابة.
لكن الذكرى تحلّ هذا العام وسط واقع مختلف تمامًا؛ فالسودان يعيش حربًا مدمّرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسببت في تشريد الملايين وأغرقت المواطنين في دوامة الخوف واليأس، لتعود ذكرى أكتوبر هذا العام محمّلة بمشاعر الحنين إلى الحرية المفقودة، والتساؤل عن مستقبل وطن أنهكته الصراعات.
تفاعل واسع
وعلى الرغم من ذلك لم تغيب روح الثورة عن ذاكرة السودانيين إذ شهدت مواقع التواصل الإجتماعي تفاعلا واسعا في هذه الذكرى التي أعادت إلى الأذهان شعارات الحرية و السلام و العدالة مؤكدة أن الحرب ستتوقف و أن ثورة ديسمبر ما زالت مستمرة بروحها و إن غابت عن الشوارع و الميادين .
وكتب الناشط محمد عوض في تدوينة بمناسبة الذكرى قائلاً إن هذه المناسبة “تاريخية وتمثل نضالاً مستمرًا وتواصلاً لتضحيات أبناء ديسمبر الذين استُشهدوا في الحرب وقبلها”.
وأضاف عوض أن “كل شهيد سال دمه في هذه البلاد كان يحلم برؤية السودان متقدمًا وخاليًا من النظام البائد والانتهازيين”، مؤكدًا أن “ديسمبر هي الصح”، على حد تعبيره.
أما محمد خليل، فكتب في تدوينة أخرى أن “الثورة لا تكتمل إلا حين تتحول إلى مؤسسات تحمي الناس وتضمن العدالة”، موضحًا أن 21 أكتوبر في بعده الرمزي يمثل تذكيرًا بقدرة الشعب على الانتفاض، لكنه في الوقت ذاته “إنذار بأن الانتفاض وحده غير كافٍ”، مضيفًا: “لابد من بناء عقد اجتماعي جديد ينقلنا من لحظة الثورة إلى أفق الدولة، من الهتاف الجماهيري إلى مؤسسات تحصّن العدالة وتضمن الحرية، ومن دون ذلك ستظل أكتوبر وأخواتها علامات مضيئة في الذاكرة، لكنها عاجزة عن كسر ليل العنف الطويل.”
ومن جانبه، عبّر محمد أبو البشير عن غضبه من سيطرة العسكر، قائلاً إن ذكرى 21 أكتوبر تعيد إلى الأذهان «انقلاب من أسماهم بعسكر اللجنة الأمنية لنظام البشير على الثورة»، في إشارة إلى تقويض الانتقال المدني واستمرار قبضة العسكريين على السلطة.
في ذكرى أكتوبر.. دعوات لنبذ العنف واعتماد الحوار سبيلاً للسلام
وفي المقابل، دعا يوسف داؤود إلى نبذ العنف واعتماد الحوار سبيلاً للسلام، مؤكداً أن «السلام لا يولد من فوهات البنادق، بل من الحوار، ومن شجاعة العفو، ومن الإيمان بأن المستقبل لا يُبنى على الكراهية». وأضاف أن «السلام ليس ضعفاً، بل هو قوة العقل والحكمة، وانتصار للإنسانية على العنف».
وكتب عبدالرحمن محمد محتفيًا بذكرى أكتوبر رغم أجواء الحرب، قائلاً: «في ذكرى أكتوبر المجيدة نستعيد الثورة التي علّمت العالم أن الشعب السوداني لا يُهزم مهما اشتدت عليه الخطوب، واليوم، في زمن الحرب والدمار، نجدد العهد على قيم الحرية والسلام والعدالة، ونؤكد أن صوت الشعب سيظل هو البوصلة التي تهدي طريق الخلاص. رغم الحرب، ينهض السودانيون من تحت الركام حاملين راية السلام، مؤمنين أن لا خلاص إلا بإنهاء الحرب وعودة الوطن إلى أبنائه».
أما محمد عبدالمجيد فكتب مؤكدًا على استمرارية النضال، قائلاً إن «الذكرى الحادية والستين لأول ثورة خرجت فيها جموع السودانيين رفضًا لتسلّط العسكر والحكم الدكتاتوري، نجدد فيها الولاء لاستمرار ثورة ديسمبر المجيدة حتى تتحقق أهدافها: حرية، سلام، وعدالة».
شمس الحرية
وفي السياق نفسه، دوّن محمد حسين قائلاً: «في هذه الذكرى، الثورة مستمرة حتى نراها شمس الحرية تشرق في ربوع الوطن السودان».
وكتب باسل الأمين قائلاً: «نستعيد اليوم ذكرى انتفاضة الشعب السوداني الخالدة في 21 أكتوبر 1964، حين خرجت الجماهير تهتف من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية، لتسطر أول ثورة شعبية تُسقط نظاماً عسكرياً بالهتاف والإرادة السلمية. في هذا اليوم نتذكر تضحيات الطلاب والعمال والمزارعين والنساء والشباب الذين تقدموا الصفوف دفاعاً عن الوطن، ونجدد العهد على المضي في دربهم حتى يتحقق حلم السودان الحرّ العادل، دولة القانون والسلام والمواطنة المتساوية».
أما الشاب دربكة، فقد استعاد الأغاني الخالدة التي وثّقت لروح أكتوبر، قائلاً: «تأتينا ذكرى 21 أكتوبر المجيد، فنادى له وردي: باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني، وردّ عليه ود الأمين: أكتوبر 21 يا صحو الشعب الجبّار يا لهب الثورة العملاقة، ثم لبّى النداء الشاعر حميد قائلاً: ما جف ساق أبريل.. أكتوبر الأخضر يا شيمة ليهو تشيل، كل ما الرياح تكتر.. فرعو الهطيط بيميل.
ونرددها نحن الآن: الشعب يفعل ما يريد.. تسقط “كتائب الجنجويد”. هكذا كنا، وعلى العهد باقون، نروي للأحفاد تاريخ الأجداد، وسنظل منارة إشعاعٍ للحرية والديمقراطية».
جذوة لا تنطفئ
كما كتب حسن الحسين قائلاً: «يصادف اليوم 21 أكتوبر ذكرى ثورة أكتوبر 1964، التي تُعدّ أمَّ ثورات الانعتاق في السودان من أجل الحرية والديمقراطية والسلام. التحية لكل الشهداء، ولكل من أعطى بغير حساب من أجل وطنٍ مستقلٍّ، مستقرٍّ، ديمقراطيٍّ وآمن».
وهكذا تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى ساحات رقمية لإحياء ذكرى أكتوبر، حيث تلاقى الغضب بالأمل، والحزن بالعزيمة، وبين أصوات الحرب والسلام يؤكد السودانيون أن أكتوبر لم يكن يوماً حدثاً عابراً، بل جذوة متقدة لا تنطفئ، وأن الحرية ستظل الكلمة التي توحّدهم.
المصدر: صحيفة التغيير