اخبار السودان

السلطان باقي مابقيت سلطنة الفور

 زكريا ادم علي عبدالرسول

ماذكرت سلطنة الفور إلا وذكر معها اسم سليلها واعظم سلاطنيها في العصر الحديث ، وهو السلطان علي دينار ، وماذكر اسم السلطان علي دينار بين  شعبة وقومه  الا وسبقتها الدعوات المشهوره بالنصر المؤزر لجلالة السلطان : (سيدي الله ينصرك).
لم يكن السلطان علي دينار ومن سبقة من السلاطين الافذاذ سلاطينا  للفور فقط وانما هم سلاطين وملوك علي تلك البقعة الجغرافيه من دولة السودان الحالية التي توسعت جغرافيتها لتشمل جزءا من كردفان .فديار حمر التي استحقت تلك الحاكورة بوثيقة من سلاطين الفور هي خير دليل علي ذلك .واضمحلت

في بعض الاحيان لتكون اصالتها في الجزء الغربي من السودان .
ظل الفور ولاكثر من اربعة قرون ، علي راس هرم سلطنة الفور وقد تعاقب عليها سلالة الكيرا  التي احسنت إدارتها واحكمت قبضتها علي السلطنة بالتوارث  وقد وضعت لذلك اسس واعراف وقوانين منظمة لطريقة اختيار السلطان حتي سقوط السلطنة في العام ١٩١٦م . وفي العام ١٩١٧م تم ضم سلطنة الفور الي سلطة الحاكم العام في السودان ورفع العلم الانجليزي المصري علي عاصمتها الفاشر .
منذ ذلك التاريخ لم يكن هناك سلطانا للفور علي دارفور . وعندما نقول سلطانا للفور فهذا لايعني  ان السلطان هو احد تراتيب الادارة الاهلية للفور  وانما جاءت كلمة فور هنا في صياغ الدولة او السلطنة .
في تسعينيات القرن الماضي رتب الفور امرهم  وطالبوا الدولة رسميا بتعيين سلطانا لدارفور  ووافقت السلطات علي تعيين من اختاره الفور  سلطانا علي دارفور وقد وقع الاختيار علي السلطان/ حسين ايوب علي دينار علي ذات الطريقة التي يتم بها اختيار السلاطين السابقين.
بعد وفاة السلطان حسين ايوب علي دينار توافق الفور علي تكليف المقدوم صلاح الدين محمد الفضل رجال لتسيير شؤون السلطنة الي ان تتمكن أسرة دينار من ترتيب اوضاعها وتتوافق علي مرشحا للاسرة يكون خلفا  للسلطان حسين ايوب  ويعرض علي الادارات الاهلية للموافقة عليه او رفضه .. في هذه الاثناء  هناك همس بين بعض ابناء الفور النافذين وقيادات دارفور للتوافق علي تثبيت السلطان المكلف المقدوم صلاح محمد الفضل  رجال. ولكن التدخل القاطع للمقدوم الكبير / عبدالرحمن رجال قد قطع الطريق امام ذلك الهمس والطموح في الصعود الي عرش السلطنة علي غير النهج المتعارف عليه في طريقة اختيار السلطان . فلا اظن ان المقدوم صلاح وما عرف به من زهد ورجاحة ،يتناسي تلك الوصية الغاليه من المقدوم الاكبر  ويقبل بتسنم هرم السلطنة في هذا التوقيت الحرج ليكون له قصب السبق في شق الوحدة  التي نبتت بذورها في حقبة السلطان احمد دينار ….. ادعوك اخي المقدوم صلاح الدين للجلوس مع  النفس قليلا.
بعد ذلك توافقت اسرة السلطان دينار  علي ترشيح السيد ابراهيم يوسف علي دينار خلفا للراحل السلطان حسين ايوب . وقد شهدت فترته أسوأ كارثه تمر بها دارفور  فقد شملت الحرب معظم ارجاء دارفور واصبح معظم سكان القري  نازحين في معسكرات حول المدن ولم تتمكن السلطنة من معالجة قضايا الحرب والنزوح رغم مساهماتها في اجراء بعض المصالحات ومشاركاتها في الجهود التي بذلتها الدول  من اجل السلام وجهود السلطان ابراهيم يوسف في الجمع بين الفرقاء .
بعد وفاة السلطان علي دينار أنه من الافضل ان يتم ترشيح السلطان هذه المرة من احفاد  علي دينار الذين يقطنون في مدينة الفاشر  ليكون السلطان قريبا  من اهله يعيش همهم ويكون مدركا لما يدور بدارفور عن قرب … ولكن  كما ذكرت فإن  اسرة السلطان  ووفقا للعرف هي لها حق ترشيح السلطان ، والادارات الاهلية لها حق الموافقه او الرفض … وهذا ما حدث عندما تم اختيار السلطان احمد حسين ايوب علي دينار ليكون خلفا للسلطان المرحوم ابراهيم يوسف علي دينار.
من خلال هذا السرد التاريخي  ينبغي ان نتعلم من التاريخ في كيفية اختيار السلطان وبطريقة فيها كامل الرضي والقبول حتي لا نقع في أخطاء مميتة ولا تغتفر خاصة واننا نتباهي بنظام حكم استمر لاكثر من اربعة قرون شهد لها العالم  بنجاعته ورشده ، فنظام الادارة الاهلية لسلطنة الفور هي من الانظمة التي تدرس في بعض الجامعات العالمية …. فلماذا نضع كل هذا الارث جانبا ونترك سبيل الرشاد ، ونسلك الطرق الآنية التي لا تزيدنا الا تفريقا اكثر مما نحن عليه . هذه السبل هي تراعي فقط متطلبات سالكيها ضاربة عرض الحائط بكل هذه الاعراف والقوانين التي وضعها الاسلاف وحافظت علي بنية نظام السلطنة  وتماسك المجتمع.
ووفقا لهذه الاعراف سيظل السلطان باقيا في منصبة إلي ان يقرر شعب الفور  في شأنه ولا شك انه هو صاحب القرار الفيصل في مثل هكذا امور . وهذا لاينفي ان طريقة آدارة السلطان احمد للسلطنه  فيها بعض الهنات ولكنها بلاشك مقدور عليها  ويمكن معالجتها بالشوري والتوافق. وليس بالنشوذ والتراشق .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *