اخبار السودان

السلام المثقوب أفضل من الحرب العادلة «1»

صلاح جلال

السلام المثقوب أفضل من الحرب العادلة “1”

صلاح جلال

💎 قضية الحرب والسلام من الموضوعات التى شغلت الفسلفة منذ العصور القديمة ، فقد إعتبرها سقراط فعل ضرورى لتجديد الحياة وتبعه أفلاطون وزمها كانط باعتبارها فعل للجانب الشرير فى الإنسان ورفضها هيجل لإعتباره السلام هو أصل طبيعة الإجتماع البشرى وهدفه فى الحياة ، يتداول البعض حديث عن الحرب العادلة *هل توجد حرب عادلة بالفعل*؟ نتذكر أن الفيلسوف الأول الذي تحدث عن «الحرب العادلة» كان أرسطو في كتابه السياسة (الكتاب السابع الفصل 14) بالنسبة له الحرب العادلة هى التى يجب أن يكون هدفها إستقامة ميزان العدل وتحقيق السلام الدائم والحرب الشريرة هى التى يقصد بها إذلال الشعوب وقهرها وإستعبادها مثالها ما حدث لبعض الأمم فى الحقبة الإستعمارية لقد رفض أفلاطون المؤيد لمبدأ حرب الضرورة الحروب الأهلية بين الشعب الواحد على الإطلاق وإعتبرها *قصور فى أدوات السياسة* تجلى ذلك فى مفردات ملاحم الأليازة والأوديسا .

(٢)
💎 لم تغفل الفلسفة قوانين الحرب فقسمتها لحرب أخلاقية برمزها أكتيوس وحرب قذرة ورمزها أخيل أوصانا الرسول الكريم فى «الحروب» قائلاً: «لا تقطعوا شجرة.ولا تقتلوا إمرأة ولا صبياً ولا وليداً ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا تمثلوا بالجثث وأحسنوا معاملة الأسرى ولا تسرفوا فى القتل ، وقد صار هذا التوصيف هو الأساس للقانون الإنسانى الدولى لأخلاق الحرب ، الذى إعتمدته الأمم المتحدة كآلية قانونية لتنظيم العنف بغرض حفظ الحقوق الإنسانية للمحاربين من علاج الجرحى ومعاملة الأسرى وحماية السكان والأعيان المدنية من الدمار يا ياسر العطا بتاع هدم البيوت والجهلول الفاجر ذو الرتبة الرفيعة الذى تأسف لعدم قتل المدنيين جميعاً.

(٣)
💎 قديماً قالت العرب الحرب أولها كلام ، بمعنى تصعيد خطاب التحدى والمواجهة والتبرج بالقوة، كما شاهدنا ذلك فى خطابات إفطارات رمضان للحزب المخلول وقياداته المعروفة وإعلانهم بلا مواربة إستخدام القوة لإسقاط الإتفاق الإطارى ، فقد أكملوا دائرة الحرب الشريرة فى عقولهم وأعلنتها ألسنتهم بالكلام ولحقت بها القوة الصلبة للتنفيذ وتوريط القوات المسلحة ، والآن يرفضون السلام لصالح خيار الحرب الأهلية المفتوحة أمام المبادرات السلمية الوطنية والإقليمية والدولية ، ويعتبرون أنفسهم العاقل الوحيد وسط عالم من المجانين وهم يعارضون السلام بعبارات هلامية (بل بس ) ، السلام هو مبتغى الحُكماء وفردوس الأديان وجوهر الرسالات والأنبياء لذلك إختاره الله إسماً له وأعلى درجات جنانه، فالسلام حتى إن جاء ناقصاً فهو أفضل من الحرب مهما كانت عدالتها المزعومة التى يلوح بها الجهلاء والقونات عاطلى المعرفة والمواهب الساقطين فى مادة الإنسانية ، لمن يعتبرون الإسلام مرجعيتهم فقد وافق الرسول الكريم على صلح الحديبية رغم معارضة أغلبية الصحابة له لإيمانهم بعدالة مسعاهم لزيارة البيت الحرام ، والسلام الذى وافق عليه لينين فى الحرب العالمية الأولى فيما عرفت تاريخياً بإتفاقية (برست للسلام) فقد كانت شروطها مُجحفة لروسيا ولكن زعيمها لينين أعلن فى شجاعة نادرة *أن السلام المثقوب أفضل من الحرب العادلة* ، جماعة زفة الحرب وقارعى طبولها لايقرؤون التاريخ ، متمسكين بحبال واهية لتحقيق النصر على جثث المدنيين وهدم المنشآت وتخريب المدن مستعيدين فلسفة الحروب الرهيبة لملك إسبرطة التى لم يعود منها غير جندى واحد (بوليسيس) بعد أن كللته الهزيمة وجلله العار .

(٤)
إستعرت حمى المغالطات بين أصحاب الخيال الواسع والحلاقيم الكبيرة والمنجمين بالغيب *حول من أشعل الحرب ؟ وكيف يديرها ؟ وإلى أين المآلات والتوقعات*؟؟؟ ليعلم الجميع أن حرب ١٥ إبريل حدث زلزالى فى مسيرة شعبنا بكلفته العالية من الدماء والدمار وتهديده الوجودى للدولة ، معرفة حقيقة حدث بهذا العمق والتأثير ، لايجب أن يترك للملاسنات السياسية والترهات والمغالطات ، عليه يجب أن يكون فى مقدمة أولويات السلام القادم
*تشكيل لجنة تحقيق مشتركة ذات صلاحيات قضائية* تشمل شخصيات سودانية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة مع ممثلين للإتحاد الأفريقى والجامعة العربية والإتحاد الأوربى والأمم المتحدة ، لمعرفة من وكيف ولماذا إندلعت الحرب ؟؟؟ وتقديم كل من أجرم فى حق شعبنا وزج بقواتنا المسلحة فى هذه الكاشفة اللعينة المكلفة ، للقضاء العادل مهما كان فرد أو تنظيم شعبى أو داخل مؤسسات الدولة ، فالنقفل باب المزيدات والمغالطات الراهنة ونلتف حول مبدأ التحقيق القضائي العادل الذى لايجب تجاوزه وإعتماده فى مقدمة إتفاق السلام القادم مهما طال أمد الحرب ستنتهى لطاولة مفاوضات ، ولابد للشعب أن يعرف الحقيقة ولاشئ غير الحقيقة .

(٥)
💎💎ختامة
نؤكد مجدداً رفضنا للحرب وضرورة وقفها فوراً ، وتأييدنا ودعمنا لكل مباردات السلام الإقليمية والدولية ونخص بالدعم منبر جده الذى يرعاه الملك سلمان إبن عبدالعزيز وولى عهده محمد بن سلمان والولايات المتحدة الأمريكية ، ونعول عليه لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وبداية عملية سياسية شاملة، *ودعم تكوين جبهة مدنية واسعة تستعيد الإنتقال المدنى الديمقراطى* الذى هدمته الحرب المجنونة *التى قلبت العربات Derailing وتعمل لشيطنة وتهشيم القاطرة* من أجل مقايضة التحول الديمقراطى بمطلب تحقيق الأمن والأمان للتأسيس لشمولية ممتدة ثانية وإلغاء أهداف وقيم ثورة ديسمبر المجيدة هيهات هيهات لن يكون لم نسمع بعودة الموتى للحياة قبل النشور .

#لاللحرب
#لازم_تقيف

صلاح جلال
٢٧يوليو ٢٠٢٣

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *