
نضال عبدالوهاب
٦ أغسطس ٢٠٢٥
في الوضع الآني الذي تمر به البلد ولأي مُشتغل بالسعي الجاد والدؤوب لحلول لها وللوضع “المُتأزم” الموجودة فيه البلاد يصبح فيه من الضروري ولكل حريص لوقف الحرب و الخروج بالبلاد لبر الأمان ومرحلة الإستقرار مع تقديم مصالحها “الكبري” وعلي رأسها وحدة البلاد ، وإنهاء مُعاناة جميّع مواطنيها ، والتداول السِلمي الديمُقراطي للسُلطة ، هذه الأهداف والمصالح العظيّمة للسودان وشعبه بالطبع تتقاطع ومصالح آخرين ، سواء داخلياً أو خارجياً ، وقد لايتفقون حول كُل تلك الأهداف معك ( كدولة وشعب ) ، وهذا في حد ذاته يُعتبر أحد أهمّ العوامل التي أخرت وعطلّت من التوصل لحل لأزمة إستمرار الحرب بكل تداعياتها وخطورتها الشديدة علي حاضر ومُستقبل السُودان والسُودانيين ، فالتعارض في المصالح جعل هنالك فئات داخل الصرّاع بشكل مُستمر ، داخلية وخارجية ، إما بدعمها للحرب وإستمرارها ، وإما بمحاولات رهن توقفها بسناريوهات محددة تخدم مصالحها في الأساس ، أو صرّاع مُباشر حول السُلطة وإحتكارها أو تقسيّمها والمرتبط للأسف أيضاً بذات التضاد في المصالح خارجياً وإقليمياً ، وهذا هو الواقع الذي يواجهه السُودان والسُودانيين الآن ، مع الوضع في الإعتبار الإنقسامات الحادثة بسبب الحرب ومُعسكريها ، حتي علي مستوي القوي السياسية وفاعليها وعموم الشعب السُوداني.
ومع هذا فأي حديث عن إستمرار الحرب يكون ضد مصالح الجميّع في تقديري ، ولكن يظل التحدي هو التوصل لحلول لانقول ترضي كافة الأطراف ولكن من المهم أن تتحقق بها المصالح الكُبري للسُودان والسُودانيين ، التي ذكرتها في بداية هذا المقال.
وهذه المصالح لن تأتي في ظل الواقع الحالي الذي لاتوجد به جبهة داخلية موحدة ومُتفقة علي هذه المصالح والأهداف ، ولها من القُدرة علي فرض هذا المسار في أي عمليات حلول أو تفاوض ، وبالتالي القبول بتقديم مصالح البلد وجميّع أهلها ، وفي هذا تُصبح أي محاولات للتواجد في مساحات لا تقبل بأن يتم أولاً تلاقي وطني “شامل” علي تلك الأهداف والمصالح ، وثانياً التنازل لمساحة الحوار بين المُختلفين سياسياً أو بين أطراف الحرب نفسها وداعميهم ، وثالثاً الإلتقاء مع المؤثرين في دعم الحرب والتفاوض معهم أيضاً لصالح وقفها وتحقيق مصالح الجميّع بذلك والتمسك بمصالح السودانين الكبري الأخري المتمثلة في و١/حدة البلاد ، و في ٢/وقف معاناتهم ثم ٣/دعم التحول الديمُقراطي والتبادل السلمي للسُلطة في السُودان ، وهذه الثلاثة أهداف لاتنازل عنها في أي عمليات تفاوض داخلية أو خارجية؟؟
ومن هذا يصبح السيّر في سكك وطرق الحل يقبل الإنفتاح الذي يسمح بتحقيقه علي الوجه الذي يحقق مصالحنا كدولة وشعب ، وهنا ليس مايمنع التفاوض والحوار مع إسلاميي المؤتمر الوطني داخل الجيش أو جناحهم السياسي ، وليس مُستبعداً للأطراف الساعية للحل أن تأتي لبورتسودان أو تذهب لأبوظبي؟؟ أو أن تتقابل في أرض أخري وتزور القاهرة أو أديس أو كمبالا أو كينيا أو جدة أو الدوحة وأنقرة ولندن وباريس أو واشنطن ؟؟؟ ، طالما أن الهدف هو مصلحة البلاد العُليا ومصالح شعبها وفي وقف الحرب بالأساس.
لا داعي لأي أمور “سرية” وغير مُعلنة في هذا الإتجاه ، سواء في تفاوض أو حوار مع أي طرف ، فهذا الشعب الذي يُحاصره الموت والجوع والنزوح وتتعرض بلاده لأسؤا مصيّر لن تفيده الخيارات الضيقة و السكك المُنغلقة ، ولن تجبره الصراعات ، ولا تعوزه الأمور التي تحدث في الخفاء بعيداً عنه ولأجله ؟؟ ، ومن المهم جداً إمتلاكنا لقرارنا السياسي الذي يجعلنا مُتمسكين بمصالح السُودان وشعبه وساعين علي الدوام لتحقيقها علي الأرض.
أي مجموعة سياسية سواء قوي حزبية أو تحالف سياسي أو فاعلين مدنيين يتجهون في طرق معزولة عن المسارات الصحيحة للحل ، أو مُنحازون فقط لخط سياسي يدعم أطراف الحرب ويُشرعن لوجودهم في السُلطة مع إقصاء الآخرين لن يُحقق وقف الحرب أو الإستقرار السياسي المنشود ويمضي للأهداف والمصالح الكُبري التي تحدثنا عنها.
ختاماً ، علي الجميّع وأعني “المُشتغلون” للتوصل لحلول جدّية ومُرتبطة بالواقع الحالي الذي توجد فيه البلاد والشعب السُوداني أن يسيروا في الطريق الذي أساسه الإنفتاح والحوار والتفاوض والسكك غير المُغلقة ، والقبول بهذا والعمل له ، والإبتعاد عن دائرة التعنت والصراعات والأعمال “الطفولية” العدائية التي تزيد فقط من تعقيدات الأزمة وعدم ربط الحل بالسُلطة والصراع عليها وإنما فقط بمصالح البلد العليا و جميّع شعبها ، مع وضع عامل الزمن في الحسبان وعدم التلكؤ وإضاعة الوقت.
المصدر: صحيفة التغيير