اخبار السودان

السعودية والسودان.. البحر الأحمر بوابة شراكة استراتيجية في النفط والغاز

بينما وجّه السودان دعوة إلى المملكة العربية السعودية، الشهر الماضي، للتعاون في مجال النفط والغاز بمنطقة البحر الأحمر، مؤكداً أن أبوابه مفتوحة للمملكة بما يخدم هذا التعاون ويعززه، لا تزال الأوضاع الأمنية في البلاد تمثل تحدياً أمام فرصة شراكة استراتيجية سانحة.

وخلال لقاء وزير الطاقة والنفط السوداني، محي الدين نعيم، مع السفير السعودي علي بن حسن جعفر، أعلن السودان عمله على جذب الاستثمارات من مختلف دول العالم في مجال النفط والغاز، بهدف تأمين إمدادات الطاقة، في وقت تواجه فيه البلاد حرباً أهلية طاحنة منذ إبريل/ نيسان (2023)، فيما بدأت الحكومة السودانية تنفيذ مشروع ضخم لاستغلال الغاز الحر والمصاحب لإنتاج النفط.

وتستهدف الحكومة خططاً طموحة لزيادة إنتاج النفط إلى 75 ألف برميل يومياً في المدى القريب، بهدف الوصول إلى 155 ألف برميل يومياً خلال 3 إلى 5 سنوات، وفقاً لبيانات رسمية نشرتها وزارة الطاقة السودانية في فبراير/ شباط الماضي.

وعلى الرغم من هذه الطموحات، انقسمت آراء الخبراء إلى اتجاهين، أحدهما يرى أن الساحة الاستثمارية في السودان تواجه تحديات كبيرة، على المستوى الأمني، الأمر الذي يجعل من الاستثمار في السودان والدخول في شراكة معه رهاناً بمخاطر عالية، والآخر يرى أن الإعلان عن وجود حقول غاز محتملة في البحر الأحمر من شأنه أن يشجع روح الاستثمار الجريء لدى السعودية، وذلك بحسب إفادتين لـ “العربي الجديد”.

جدوى دخول البلدين في شراكة

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي السوداني، بكري الجاك، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إلى أن الساحة الاستثمارية في السودان تشهد تحديات جمة في الوقت الراهن، مما يثير تساؤلات حول جدوى وإمكانية جذب استثمارات أجنبية جادة. ويرى الخبير الاقتصادي السوداني أن الظروف الحالية تشكل عائقاً كبيراً أمام تدفّق الاستثمارات إلى البلاد، إذ تلقي الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة بظلالها على المناخ الاستثماري. كما أن عدم الاستقرار السياسي وتصاعد التوترات الداخلية يخلق بيئة غير مواتية للمستثمرين الجادين، سواء من دول الخليج أو من أي مكان آخر في العالم، بحسب الجاك.

مشروعات استراتيجية

وفي المقابل، يشير الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إلى أن التعاون في مجال الطاقة بين السودان والمملكة العربية السعودية يشهد تطوراً ملحوظاً، إذ تبرز مشروعات شراكة استراتيجية كبرى، منها مشروع أطلانتس الواقع في الحدود الفاصلة بين البلدين في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية هذه المنطقة لما تحتويه من ثروات معدنية متنوعة كالذهب والنحاس.

ويهدف المشروع إلى زيادة إنتاج النفط والغاز في السودان، مما يسهم في تلبية احتياجات السوق المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني، ويتضمن عمليات استكشاف جديدة للحقول الغازية والنفطية، مع التركيز على المناطق الواعدة مثل البحر الأحمر، وتحسين وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم عمليات الإنتاج والتوزيع، بحسب الناير. ويرى الناير ضرورة أن تستمر جهود العمل المشترك بين البلدين عبر لجان مشتركة تضم وزارة المعادن السودانية والجهات المعنية في المملكة العربية السعودية، معتبراً أن تطوير هذه العلاقة في مجال الطاقة والتعاون مع شركة أرامكو من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في السودان.

ويشير الخبير الاقتصادي، في هذا الصدد، إلى أن معظم المواقع المستهدفة بالاستثمار تتميز بأنها تقع في مناطق آمنة ومستقرة، على الرغم من التحديات الراهنة المتمثلة في الأوضاع الأمنية، مشيراً إلى إمكانية بدء استثمارات ضخمة بين السودان والسعودية في مجالات الطاقة والغاز خلال المرحلة المقبلة.

وتعود فوائد متبادلة على البلدين من هذا التعاون، استناداً إلى ما يمتلكه السودان من موارد طبيعية هائلة في باطن الأرض لم تُكتشف أو تُستخرج بعد، بحسب الناير، الذي لفت إلى أن هذا التعاون سيسهل التعامل مع شركات مثل أرامكو والشركة السعودية للكهرباء لتلبية احتياجات السودان من الطاقة في المرحلة الانتقالية.

ويؤكد الناير أن الفرص الاستثمارية في السودان تمثل إمكانات كبيرة لدول الخليج عموماً في مجالات متعددة، حيث تمتلك البلاد موارد طبيعية ضخمة، منها مساحات شاسعة صالحة للزراعة تقدر بنحو 85 مليون هكتار، لم يُستغل منها سوى 25% حتى الآن، إضافة إلى ثروة حيوانية تقدر بنحو 110 ملايين رأس من الماشية.

كذلك تتنوع مصادر المياه في السودان، مع قدرة البلاد على إنتاج محاصيل مرغوبة في الأسواق العالمية، إضافة إلى امتلاكه أكثر من 30 نوعاً من المعادن، على رأسها الذهب والنفط، بحسب الناير، الذي يشدد على أن كل هذه الإمكانات تحتاج إلى استثمارات لتحقيق المنفعة المتبادلة للسودان والدول المستثمرة فيه.

العربي الجديد

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *