“الراكوبة” تكشف معلومات جديدة حول التجاوزات والفساد بمعتمدية اللاجئين

بورتسودان: الراكوية
كشفت معلومات جديدة حصلت عليها “الراكوبة” عن استمرار الفساد والتجاوزات في معتمدية اللاجئين في السودان، حيث لم يتم اعفاء المفوض عطرون بعد تورطه في عمليات فساد كبيرة وتسريب للمعلومات.
ومعتمدية اللاجئين هي وكالة حكومية أُنشئت بموجب قرار وزير الداخلية رقم (52) بتاريخ 9 مايو 1968. ولها هيكل إداري أقره مجلس الوزراء عام 2005.
وتعمل معتمدية اللاجئين وفقًا لقانون اللجوء لعام 2014، واتفاقية وميثاق الاتحاد الأفريقي لعام 1969، واتفاقية جنيف لعام 1951، والبروتوكول الدولي لعام 1967 المتعلق بالحماية الدولية للاجئين.
ويُعيّن المفوض من قبل مجلس الوزراء بناءً على توصية وزير الداخلية.
بعد اندلاع حرب 15 أبريل، حدث فساد كبير في هذه المؤسسة بقيادة المفوض عطرون وإدارته، التي تتكون من مجيب الرحمن وعوض ميدان رئيسًا للمفوضية.
وتم تسريح جميع موظفي المحافظة وإقالتهم من وظائفهم (سواءً كانوا موظفين حكوميين أو موظفين بعقود). لا نعلم الغرض من ذلك. ثم استحدث المحافظ أسلوبًا جديدًا لتوزيع الموظفين على المناصب الحكومية والرئاسية، معتمدًا على سياسة الانتقاء والاختيار، واختيار الموظفين غير المؤهلين، وقلة الخبرة والمعرفة، وتعيينات جديدة، مع استبعاد الموظفين الحكوميين المؤهلين والمدربين (الفصل الأول).
وفي السياق، ارتفعت أصوات المتضررين من ظلم إدارة المحافظة، فاستجابت وزارة الداخلية بتشكيل لجنة تحقيق وتقصي برئاسة اللواء سامي الصديق.
كما استعانت اللجنة بعوض ميدان، وهو جزء من فساد المؤسسة. وبسبب علاقته بوزير الداخلية، دار الحديث عن قرارات إصلاحية، لكنها لم تر النور بسبب صمت وزارة الداخلية.
وبدأت اللجنة تحقيقها، بمساعدة عوض ميدان، بـ”من تراه مناسبًا”. واستدعت اللجنة عددًا من الموظفين. والأهم من ذلك، أن لجنة الوزير لم تستدعِ مفوض اللاجئين، عطرون، للتحقيق في فساده.
وذكر ميدان لبعض الموظفين أن من بين قرارات اللجنة (بحكم صلته باللجنة) إعادة جميع الموظفين إلى وظائفهم، وإصدار قرارات وزارية عديدة لمعالجة الفساد الذي أفسده عطرون في المؤسسة، والذي أثر على الأمن القومي وتعاملاتها المباشرة مع وكالات الأمم المتحدة. إلا أن هذه القرارات لم تُعلن وفقا موظفين تحدثوا لـ”الراكوبة”.
أُحيل عطرون إلى التقاعد عند بلوغه السن القانونية للتقاعد، وعُيّن مفوض لشؤون اللاجئين. ولم يسعَ إلى الإصلاح، بل سار على نهج عطرون الموصوف لدى الموظفين الذين تحدثوا لـ”الراكوبة” بالفاسد. كما لم يُلغِ النفقات، وعُيّن موظفون من خارج المؤسسة في مناصب جديدة.
كما رقّى ميدان إلى منصب مدير المكتب التنفيذي للمفوضية، رغم تسريب عطرون للمعلومات والرسائل الرسمية. وبناءً على ذلك، فصله عطرون، مانحًا إياه كامل حقوقه القانونية في الفصل.
وبعد ذلك القرار، توجه ميدان إلى الوزير، الذي ادعى علاقته بوزير الداخلية. وبفضل تعاونه مع لجنة الوزير، صدرت قرارات وزارية بإعادته إلى منصبه دون أن يُشرك من اشتكوا إليه. إلا أن المفوض عطرون ، بصفته المسؤول التنفيذي الأعلى في المعتمدية، رفض قرارات الوزير بإعادة ميدان إلى منصبه لأسباب ذكرها في رده على وزير الداخلية.
وتجدر الإشارة إلى أن أسباب إقالته شملت تسريب معلومات، وإثارة الرأي العام، وتعطيل العلاقات العامة في المفوضية، وإثارة عداوة صارخة مع زملائه وفقا للموظفين.
كما تشير معلومات مؤكدة تلقتها “الراكوبة” إلى أنه كان غير مؤهل أكاديميًا وانتحل صفة عميد في القوات المسلحة بالفرقة الرابعة عشرة مشاة في كادوقلي.
ومع ذلك، خلال فترة توليه منصب المفوض بالإنابة، أُعيد ميدان إلى منصبه، وعُيّن موظفون متعاقدون في إدارات قيادية بالمفوضية. كما تم التعاقد مع متعاقدين لإدارة شؤون بعض الولايات والمعسكرات، مثل معسكر تانيدبا بولاية القضارف. كما تم تعيين مندوبين انتهت مهامهم، مثل مندوبي مكتب الدمازين.
ويستمر الفساد، حسب حديث الموظفين حيث مُنح العاملون عقود حقوقهم كاملة، ولكن أُعيد تعيين بعضهم في مارس/آذار 2025.
تعتبر وزارة الداخلية ولجنتها وإدارة محمد ياسين عاجزة عن العمل على إصلاح المؤسسة واستعادة وضعها السابق قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، والالتزام بهيكل الخدمة المدنية السليم وقواعد الأقدمية.
ومن اللافت أن وزارة الداخلية يشرف عليها عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش شمس الدين كباشي، ويقول الموظفون إن العلاقة الشخصية بين كباشي ووزير الداخلية تعد إحدى العقبات وترك باب الفساد مفتوحا بالمعتمدية حيث يتم تعيين أشخاص بعينهم من جهات محددة.
وتشير معلومات أخرى تلقتها “الراكوبة” إلى فشل تدخلات جهة أمنية تعمل مع المعتمدية ومحاولات قامت بها في إعادة الأمور لمسارها الصحيح بالمعتمدية ووقف التجاوزات والفساد واعادة الموظفين المفصولين المؤهلين.
كما شوّه عطرون الهيكل الإداري للمحافظة، وحدّث إدارات ضمن هيكل حكومي مُعتمد من مجلس الوزراء، مثل إدارة الدعم والإمداد ومكتب مسؤول الإعلام والعلاقات العامة. كما قلّص الإدارات في الإدارات الحيوية برئاسة المعتمدية، وقلّص عدد الموظفين الحكوميين في الإدارات والمعسكرات.
وطالب الموظفون بإجراء تحقيق في معتمدية اللاجئين قبل انهيارها الكامل، وذلك بتعيين مفوض جديد يتمتع بالمعرفة والخبرة الكافية بقوانين الخدمة المدنية وعمل مفوضية اللاجئين، وتشكيل لجنة لمراجعة الوظائف المشغولة والبحث عن شاغليها، وإلغاء التعيينات الجديدة.
وكشفت تحقيقات سابقة نشرتها وسائل إعلام، مستندة إلى وثائق رسمية تعيين موظفين غير مؤهلين في مناصب قيادية داخل الهيئة، بينهم مدير تنفيذي، تم فصله ثم أعيد إلى العمل أثناء الحرب وهو متعاقد.
وحوى كشف التعيينات الجديد، الصادر حديثًا من المعتمد الحالي المكلف محمد يس التهامي بتاريخ 16 مارس 2025، والذي تحصلت عليه «سودان تربيون»، تعيين موظفين وتكليف آخرين في مواقع مختلفة، مما تضمن مخالفات عديدة وشبهة فساد.
وتم تعيين الموظفة السابقة (ص، ا) في مكتب شؤون الولايات، وفقًا لكشف التعيينات في قسم الفحص القانوني الخرطوم، رغم أنها لا تحمل مؤهلات تخص الوظيفة التي تستدعي الخبرة القانونية.
وتضمن الكشف تعيين مشرف معسكر أم راكوبة في القضارف، (ع ب م)، رئيسًا لفريق تسجيل الخرطوم، مما يخالف اللائحة الخاصة بالتعيين.
كما شمل الكشف تعيين (ط م) في درجة أقل بوظيفة مسجل، رغم أنه كان مديرًا للتقييم والتعليم والمتابعة في المعتمدية بمكتب الخرطوم، وهو ما يخالف اللوائح التي تمنع تعيين موظف في درجة أقل من درجته السابقة، إضافةً إلى تعيين شخص من خارج المؤسسة بعد الإعلان عن وظيفته للمنافسة في مارس 2025.
بالإضافة إلى ذلك، تم تخفيض موظفين في وظائف المشروعات التعاقدية ومنحهم حقوقهم، ثم إعادتهم للعمل في وظائف مختلفة دون طرح الوظائف للمنافسة، رغم وجود موظفين حكوميين خارج الخدمة.
وأكد موظفون أن بعض مكاتب المعتمدية في الولايات تُدار من متقاعدين متعاقدين، مثل مكتب النيل الأبيض ومعسكر الطنيدبة بولاية القضارف، إضافة إلى موظف منتدب في مكتب الدمازين، مما يشكل مخالفة لقانون الخدمة المدنية.
المصدر: الراكوبة+ سودان تربيون
المصدر: صحيفة الراكوبة