الراقصة والطبال السياسة والفن في مرآة الانحدار
هلال وظلال
عبد المنعم هلال
لقد أصبح معيار الاحترام معكوساً وتبدلت القيم الرفيعة إلى أدوات لا تناسب العصر الراهن فالكرامة والصدق تحولا إلى رفاهية غير مرغوب فيها بينما أصبحت السلطة والمال محور الاهتمام نجد أن المطبلين احتلوا مواقع القيادة في حين يتصدر الطبالون الساحة الفنية بجانب (القونات) هذا الواقع يعكس حالة من الفوضى الاجتماعية حيث يتربع الجاهل والعنصري على مناصب صنع القرار بينما يهمش المثقف والمبدع وبدلاً من الاحتفاء بالقيم الأخلاقية والإنسانية أصبح الكذب والخداع الطريق الأقصر للوصول إلى الغايات.
عندما ننظر إلى المشهدين السياسي والفني اليوم نشعر بأننا نعيش في زمن مشوه فمن لا يمتلك الكفاءة ولا يستحق المكانة هو من يتصدر المشهد وكأن السياسة والفن الذين كانا يمثلان أرقى مراتب الفكر والإنسانية قد انحدرا إلى مستويات غير مسبوقة وتحول التفوق فيهما إلى مهارة في الاستغلال والمكاسب الشخصية بدلاً من الكفاءة والمبادئ.
أصبحت السياسة لعبة في يد الشعبويين الذين يستغلون جهل الجماهير ومخاوفهم لتحقيق السلطة وهؤلاء السياسيون يفتقرون إلى رؤية أو عمق ويعتمدون على خطاب شعبوي يستند إلى إشعال الخلافات العرقية والدينية وبدلاً من أن يسعوا لمصلحة البلاد يسعون لتحقيق مكاسبهم الشخصية إنهم يسخرون الإعلام والتضليل لخلق صورة مشوهة حيث يهمش المثقفون وأصحاب الرؤى الحقيقية والمطبلون هم الذين يديرون الأمور اليوم بينما أصحاب الحلول والمفكرين الحقيقيين يقفون على الهامش أما في عالم الفن فقد تراجعت القيمة الفنية وأصبح النجاح يقاس بمدى إثارة الجدل ونرى أن (الطبال) هو من يتصدر العناوين بينما يختفي الفن الهادف خلف ستار الإثارة الرخيصة لقد حلت الشهرة الفارغة محل الإبداع وأصبح الربح السريع هو الهدف الرئيسي والأعمال الفنية لم تعد تسعى لنقل رسائل عميقة بل أصبحت مجرد وسيلة لإرضاء أذواق جماهير متعطشة للسطحية والفضائح.
(الطبال) و(القونة) أصبحا أداة للنجاح الزائف والمشاهد هو من يدفع الثمن.
إن تدهور السياسة والفن يعكس أزمة ثقافية عميقة فالفنانون والسياسيون ليسوا إلا انعكاساً لما يعانيه المجتمع من انحدار في القيم ومع ذلك لا يزال الأمل موجوداً فالتاريخ يعيد نفسه وكما شهدنا في فترات سابقة انحداراً عميقاً كذلك شهدنا نهوضاً بعده.
علينا أن نعيد التفكير في قيمنا وأولوياتنا وأن نطالب بسياسيين وفنانين يعكسون الجمال والحقيقة بدلاً من أولئك الذين يسعون وراء الشهرة السطحية والمكاسب المادية السريعة.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة