تعيش مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان السودانية كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يرزح آلاف المواطنين تحت وطأة حصار خانق أدى إلى انعدام شبه تام للمواد الغذائية الأساسية، ودفع بالأهالي إلى حافة الجوع والمرض.
الدلنج: التغيير
ترسم المشاهد اليومية في المدينة صورة مؤلمة لمعاناة غير مسبوقة، فيما تتصاعد النداءات الإنسانية لفك الحصار وإدخال المساعدات.
وبحسب مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي، وإفادات شهود العيان، يبدو الوضع في الدلنج مأساويا، حيث تخرج الأسر منذ ساعات الصباح الباكر، وتصطف لساعات طويلة قد تتجاوز الخمس ساعات أمام المحلات التجارية بحثًا عن أي طعام، إلا أن جهودهم غالبًا ما تبوء بالفشل.
وأصبحت سلع أساسية مثل السكر، الدقيق، والزيت نادرة للغاية، وإن وجدت، فإن أسعارها الفلكية تجعلها بعيدة عن متناول الغالبية العظمى من السكان.

وبحسب إفادات من داخل المدينة، هناك من المواطنين من لم يجد كيلو سكر أو كيلو دقيق لأكثر من أربعة أيام. وتزداد المأساة مع آخرين لم يتناولوا وجبات حقيقية لأكثر من أسبوع، بينما حرم البعض من شرب “شاي الصباح” لأكثر من خمسة أيام، وهو جزء أساسي من روتينهم اليومي.
هذا الوضع دفع الأطفال إلى البحث عن حبات الذرة المتناثرة على الأرض أمام الدكاكين في السوق، في مشهد يختصر عمق المأساة الإنسانية.
قصص مؤلمة
وتتجسد هذه المعاناة في قصص إنسانية مؤلمة، من بينها قصة رجاء محمد، وهي أم لثمانية أطفال من حي “الطرق” بالدلنج، لا يوجد من يعول رجاء وأطفالها، وقد أصيبت بمرض نتيجة الجوع المتواصل.
قصص مثل رجاء تعكس واقعًا مريرًا تواجهه مئات الأسر في المدينة، حيث أصبح الجوع ليس مجرد شعور، بل مرض ينهك الأجساد ويفتك بالصحة.
وتشير التقارير إلى أن الأسر، رغم حضورها المبكر وتكبدها عناء الانتظار لساعات طويلة، غالبًا ما تعود إلى منازلها خاوية الأيدي، ليبيت الأطفال والكبار دون طعام، حتى وإن كانت لديهم الأموال اللازمة للشراء. هذه الفاقة ليست ناتجة عن الفقر بالدرجة الأولى، بل عن غياب السلع تمامًا من الأسواق بسبب الحصار المفروض.
نداءات استغاثة
في ظل هذا الوضع الكارثي، وجهت الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية نداءً عاجلاً إلى جميع الجهات العاملة في المجال الإنساني للقيام بمسؤولياتها في رفع المعاناة الإنسانية عن سكان مدينتي الفاشر وكادوقلي، بالإضافة إلى الدلنج.
كما دعت الشبكة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى ضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية وفتح المسارات الآمنة لوصول السلع الغذائية والمساعدات دون قيود. وأكدت على رفضها القاطع لاستخدام منع وصول السلع والتضييق الاقتصادي “كأداة في الحرب الحالية”، مؤكدة أن حياة المدنيين يجب أن تكون فوق أي اعتبار.
هذه المناشدة تأتي في وقت حرج، حيث ينفد صبر الأهالي وتتدهور الأوضاع بسرعة، مما يستدعي تدخلاً دوليًا عاجلاً لتفادي كارثة إنسانية أوسع نطاقًا.
المصدر: صحيفة التغيير