اخبار السودان

الدعم السريع والكيزان والجيش والحركات المناصرة له وجوه متعددة لعملة واحدة

عمر البشاري

عمر البشاري

أكثر من يعمل لصالح تقوية الدعم السريع إلى الآن هم الكيزان والحركات المسلحة المحاربة والرأي العام الذي يكونه ويدعمه البلابسة…ودعاة استمرار الحرب.

لأنهم ابتداءا هم من أوجد الدعم السريع كوسيلة لممارسة العنف لفرض إرادة الدولة كمشروعية أمر واقع بعيدا عن العدل والحق اي عن المنطق والأخلاق كركائز يقوم عليها ويتجه إليها الاجتماع الإنساني كلما ارتقي أو هكذا نظنه…
وذلك عندما أسسوا قوات الجنجويد وحرس الحدود لقمع التمردات المطالبة بالعدالة والحقوق لأهل الهوامش والاطراف المنسية في بلاد السودان.

وفعلوا ذلك بعد ديسمبر باصرارهم على الانقلاب على الثورة عرقلة مسيرة التحول المدني الديمقراطي السلمي والمسير بالمجتمع نحو العنف وذلك بمشاركة الدعم السريع نفسه..

ثم حاليا بالتمسك بالعنف في القضاء على الدعم السريع ورفض كل محاولات التفاوض وصولا إلى السلام واستعادة مسار الانتقال السلمي المدني الديمقراطي الذي سيعيد زمام المبادرة إلى العمل السياسي السلمي ويرتفع به صوت الجماهير في كل بقاع السودان للتعبير عما ترغب فيه وتريده بالوسائل السلمية ويبدأ فيه أصوات أصحاب البنادق في الأضمحلال والتراجع والأنزواء…
هذا الإصرار على العنف المدفوع بالكيزان وأنصار النظام القديم كما قال بيريللو وكما رأينا الصادق الرزيقي متحكر على مقربة من برهان في مؤتمره الصحفي الأخير ببورتسودان معبرا عن الخط الإعلامي والفكري والسياسي الذي يسيطر على إرادة الجيش…
هذا الاتجاه للعنف والإصرار عليه يجرد الجماهير من العقلانية والقدرة على التنظيم المدني السلمي ويحشر الرأي العام في عوالم من الغوغائية والديمغاوجية والفوضوية ومزيدا من الانحلال والتفكك لكل الجهود الرامية نحو استعادة السلم وصوت العقل والمنطق والأخلاق..
وهذا لو تلاحظون هو الميدان الذي يملك فيه الدعم السريع رصيدا ضخما بل هو الميدان الوحيد الذي فيه إمكانية لنجاح الدعم السريع وتحقيق مكاسب على الأرض فهو قوة عنف صماء بامتياز بحكم ظروف التكوين والنشأة..ولا يعلم عن العمل السياسي الإداري المدني إلا اسم الديمقراطية ومحاربة الفلول كورقة توت يحملها الآن يتقي بها فضح حقيقته وتعريه دعاويه ولو نظريا وأمام العالم والإقليم وهذا الميدان الذي اختاره البلابسة والكيزان والحركات هو ميدانه الذي يجيد اللعب فيه وينجز متطلبات كسبه واستمراره فالتحول السلمي المدني الديمقراطي سيكون من أول شروطه إبعاد كل الجيوش ومن يستثمرون فيها ويستفيدون منها عن الاقتصاد والسياسة وتلك بداية النهاية لآل دقلو والدعم السريع…وقبلهم الحركات المسلحة المرتزقة سياسيا بالعنف المستثمرة والمنتفعة من استمرارية الحرب وهي بداية الزوال الكلي والنهائي والمنظم للكيزان
وكلما اصررنا على اللعب شروط الكيزان القائمة على العنف حقق الدعم السريع مزيدا من المكاسب وسار في أتجاه الوجود العملي المنظم المقنن واتجاه ابتلاع الدولة أو تكوين دولة جديدة…
وموهوم وحالم من يظن ان العدل والديمقراطية وحكم القانون من شروط قيام الدول فالقانون وعلوم السياسة تعرف الدولة بأنها مشروعية احتكار العنف ولم تحدد لتلك المشروعية ضوابط أخلاقية فقد تكون قائمة على الغلبة في الأمر الواقع وليس إجماع الناس وارادتهم وتلك من شروط الديمقراطية وليس الدولة بطبيعة الحال و الواقع يقول أن هناك العديد من الدول القائمة على مشروعيات ومشاريع لا تستند على الديمقراطية
والأمثلة كثيرة فأليك كوريا الجنوبية كمثال لدولة قائمة على أمر واقع يعتمد على السلاح والعنف والقنابل النووية…
الأطروحة التي أزعم أنها تفسر الواقع الذي نعيشه هي أن الكيزان والدعم السريع والحركات المسلحة المناصرة للجيش المتحالفة معه وجوه لذات العملة وهي تعمل بنفس المنطق وتستخدم نفس الوقائع والوسائل والآليات ويرغب في نفس النتائج المآلات والنهايات وهي تقسيم السودان أو الائتلاف على حكمه بالعنف في سياساته الداخلية والاستتباع في سياسته الخارجية والحرب الدائرة تحقق لهم ما يريدون .
وأي أتجاه للسلام والتحول المدني الديمقراطي سيبدأ باضعاف صوت البنادق ونزع مشروعيات العنف بالأمر الواقع التي تحمى وجود هذه القوى المعتمدة على طول ونجاعة البنادق التي تحملها.
هذه الاطروحة تشرح قوة المنطق الكامنة خلف دعوانا للسلام ورفضنا المبدئي للبلبسة واستمرارية الحرب
وهي لا تعتمد فقط على رفض الحرب ونتائجها الكارثية والمآسي الإنسانية المترتبة عليها بل هناك دوافع نفعية أصيلة وصلبة قائمة خلفها تتجاوز الرغبة في تجنب الكوارث الإنسانية الناجمة عن الحرب آنيا
والنتائج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ستترتب عليها لاحقا لو اعتمدنا عليها كوسيلة لتسوية الخلافات والنزاعات بيننا كشركاء وطن فرضت علينا الحياة أن نعيش فيه سويا نتقاسم خيراته أن صُلح ونتجرع مرارته أن تُلف وخسر .
ودمتم.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *