الخلق الرفيع مابين أبو جهل والجنجويد
السر جميل
الأخلاق هي أساس قوة شعوب وسّر تقدمها وبقائها، ويعتبر التحلي بها من علامات الإيمان الكامل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسمي الخلق على الإطلاق فى مكارم الأخلاق، بشهادة ربانية فقد مدحه المولى تعالى بقوله: “وإنك لعلى خلق عظيم” .. وقال عن نفسه صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي. كفار قريش عندما أرادوا إغتياله صلى الله عليه وسلم، إختاروا من كل قبيلة رجلاً، حتى يتفرغ دمه الطاهر بين القبائل، فتعجز قريش عن الأخذ بثأره، فرابطوا عند باب داره طوال الليل بإنتظاره حتي يخرج لصلاة الفجر، وكانوا قادرين على التسلل الي منزله.
ولكنهم لم يفعلوا، ليس خشية منه، ولكن ستراً لبنات الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أن أحدهم إقترح إقتحام البيت، فرد عليه أبو جهل الكافر معنفاً: أتريد أن تقول العرب عنا أنا تسورنا الحيطان وهتكنا ستر بنات محمد؟ كان عند كفار قريش نخوة ورجولة تمنعهم من إقتحام بيت وكشف ستر من فيه نساء. وعندما غضب أبو جهل من أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ضربها على وجهها، فظل يتبعها راجياً إياها بألا تخبر أحداً عن فعلته، قائلا لها: خبئيها عني، خبئيها عني، قاصداً لا تفضحيني ببن الناس، حتى لا يقول إني ضربت امرأة .
كفار قريش أرحم وذوي نخوة ومروءة من جاهليي الجنجويد حديثي العهد بالإسلام والمنقلبين عليه، فهم لم يكتفوا بتسور البيوت وكشف أستارها، بل دمروها على رؤوس ساكنيها، وهتكوا أعراض نسائها، وقتلوا كل من عليها بوحشية لا مثيل لها، وجعلوا ‘عاليها واطيها’. وتاريخهم حافل بكل ماهو غث ومشين في النهب والإغتصاب وسرقة البنوك والأسواق وتدمير البنية التحتية لا وزاع يمنعهم ولا خلق جليل وأدب رفيع يتصفون به، ولا خصلة كريمة تردهم ولا شرف يحرك ضميرهم، وهذا هو أدب الجنجويد لا يقف على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل الصفات، حتي لم يكونوا على أخلاق كفار قريش ولا قائدهم مثل رأس الكفر أبوجهل رغم جهل الباين وضلاله المبين شتان ما بين هذا وذاك، ورحم الله من قال: وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم .. فأقم عليهم مأتما وعويلا .. وقوله: وما السلاح لقوم كل عدتهم .. حتى يكونوا من الأخلاق فى أهب .. وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت… فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
[email protected]المصدر: صحيفة الراكوبة