حافظ يوسف حمودة
الصدمة التحفيزية هي نظرية جديدة في إطار مفاهيمي جديد في علم الاجتماع السياسي تتناول كيفية ردم الفجوة بين الدول والمجتمعات المتأخرة مع غيرها من المتقدمة .
رغم التراكم الكبير في النظريات التنموية والنفسية والاجتماعية ، لا تزال المجتمعات المتأخرة تعاني من فجوة معرفية وسلوكية عميقة تحول دون تحقق النهضة الفعلية . فقد فشلت النماذج التقليدية التي ركزت على التمويل ، البناء المؤسسي ، أو الخطاب الأخلاقي المجرد في إحداث تحول جذري في العقلية الجمعية أو في كسر الجمود البنيوي الذي يعيق التغيير .
وتُظهر الدراسات الحديثة أن الخلل الأكبر ليس في غياب الموارد ، بل في غياب “الصدمة المعرفية” التي تُوقظ الوعي وتعيد ترتيب الأولويات الفكرية والسلوكية . فعبر عقود من التكرار ، طُبقت برامج إصلاح بلا إدراك حقيقي لحجم التفاوت الحضاري ، مما أدى إلى “تطبيع التخلف” كواقع يومي مقبول ، بل ومبرَّر أحيانًا ثقافيًا أو سياسيًا .
في هذا السياق المعرفي والاجتماعي المتأزم ، جاءت نظرية “الصدمة التحفيزية” (Motivational Shock) كاستجابة فكرية لتحدٍّ جوهري :
> كيف نُحوّل الوعي بالفجوة الحضارية من مجرد إدراك سلبي إلى دافع تحفيزي فعّال ؟
الصدمة التحفيزية لا تكتفي بوصف الواقع أو مقارنته ، بل تُحدث لحظة وعي حاسمة (Critical Awareness) ، تُولد من مواجهة صادمة مع تفوق الآخر وتردي الذات ، فتُصبح هذه المواجهة بمثابة “لحظة انعطاف” عقلية ونفسية ، تُفضي إلى تحفيز داخلي للتغيير الجاد .
> الصدمة التحفيزية كما أوردتها في التعريف المبسط هي لحظة وعي فجائية تنشأ عن صدمة واقعية أو مقارنة معرفية حادة ، تثير دافعًا داخليًا قويًا لتجاوز الجمود الذهني أو السلوكي ، وتدفع الفرد أو المجتمع إلى إعادة تقييم الواقع والسعي نحو تغيير إيجابي فعّال . وهنا تكمن أهميتها : إنها ليست نظرية تطويرية من الخارج، بل آلية تغيير من الداخل ، تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وواقعه ، بين الإدراك والفعل ، بين المقارنة والمبادرة .
لقد أصبح وجود مفهوم مثل “الصدمة التحفيزية” ضرورة ملحة لفهم سلوك المجتمعات المتأخرة وتحفيزها على تجاوز الجمود بالوعي .
في الحلقة القادمة سنتحدث بمشيئة الله عن أهمية نظرية الصدمة التحفيزية والنتائج المتوقعة عند تفعيل النظرية .
المصدر: صحيفة الراكوبة