
حنان موسى
الخرطوم،20 ديسمبر 2025 (مركز الألق) مازال الحزن والخراب يخيمان على ولاية الخرطوم، وتنعكس التشوهات على المواطن الذي بدأ عودة خجولة إلى العاصمة التي دمرتها الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.بعد ما يقارب الثلاث سنوات، يعاني الناس التردد والخوف، ويحاولون معايشة عنت الوضع الأمني والاقتصادي ونقص الخدمات، في ظل انعدام فرص العمل ومهددات أصداء الحرب هنا وهناك.
الخرطوم، أكثر اكتظاظا بالسكان مقارنة بضواحي الولاية ومدنها الأخرى، إذ تصل نسبةالعودةفيها بهاما بين ٧٠٦٠% وهذا بالتحديد في المناطق الطرفية، نسبة لأن سكانها كانوا قد نزحوا إلى ولايات ومناطق محازيةلولايةالخرطوم، مثل (جبل أولياء) والمناطق المحيطة بها، أو مناطق جنوب الخرطوم، إلا أن منطقة الخرطوم وسط لا يوجد بها سكان، والعودة ضعيفة جدا.
أما مناطق شرق النيل والحاج يوسف وأم درمان القديمة وأمبدة، فإنها تشهد عودة أكبر للمواطنين، وكان أغلبهم قد نزحوا إلى مناطق ولاية النيل الأبيض،كسلا، عطبرة، بورتسودان، وهؤلاء تمكنوا من العودةبسرعة وبتكاليف أقل.
وفي الواقع، لم تعد بعض الأسر لارتباط ابنائهابالمدارس في المناطق التي نزحوا إليها، أو بالعمل. أما بالنسبةللاجئين خارج السودان فمازالتأعدادالعائدين ضعيفة.
لا توجد فرص عمل
بالنسبة للعمل في دواوينالدولة،فقد عادت بعض الوظائف والمهن، مثل التعليم،أما العاملون بالوزارة المتبقيةفلم يباشرواأعمالهم، ربما لأن الوزارات نفسها تعرضت إلى اضرار كبيرة في البنية التحتية بسبب الحرب، وتحتاج إلى صيانة أو ينقلها إلى أمكان أخرى، وهناك اقتراح متداول بشكل غير رسمي هو أن تصبح منطقة وسط الخرطوم منطقة سياحية، ويتم إخراج الوزارات إلى مناطق طرفية، وهذا أمرمعيق للعمل، فيما تظل فرص العمل ضيقة نسبة لدمار المباني الحكومية، وهناكبعض الموظفين والعمال عادوا إلى الولايات بحثا عن العمل، ومعظم الأسر في الخرطوم تعتمد في معيشتها على الذين يعملون خارج الخرطوم.وفيما يتصل بالوضع الاقتصادي وسوق العمل فإن فئة النساء هي الأكثر عملابالأسواق لكن بعائد قليل.
المساعدات
حتى منتصف شهر ديسمبر الجاري، لم تصل المنظمات التي من شأنها تقديم المساعدات أو الإغاثة إلى ولاية الخرطوم بشكل فعلي أو واقعي ملموس على الأرض.فقدواجه العالقون في المدينة معاناة وعاشوا ظروفاإنسانية صعبة، تمثلت في انعدام الغذاء والدواء.
وفيما يتصل بالوضع الصحي بعد عودة المواطنين إلى الخرطوم فقد واجهوا تحدي الحميات التيوالأمراض التي تسببها المياه الملوثة، وأرجع بعضهم السبب إلى استخدامأسلحة كيمائية أثناء الأعمال العسكرية النشطة بين الطرفين.
وعانى المواطنون من الحميات والملاريا والكولرا وغيرها من الأمراض المجهولة، وتشير التقارير الطبية إلى استمرار الحميات، فضلا عن توقف المستشفيات الكبيرة عن العمل، مما خلق الضغط على المراكز الصحية ذات الإمكانات المتواضعة.
غلاء تذكرة المواصلات الداخلية
فيما بتصل بقطاع المواصلات والنقل، فسعر تذكرة المواصلات مرتفع، ولا يستطيع المواطن التنقل إلى مسافات بعيدة، وقد تصل تكلفة المواصلات داخل ولاية الخرطوم للشخص الواحد حوالي ٢٥ ألف جنيه (ما يقارب 7 دولارات)للمشوار عبر المواصلات العامة.
التعليم والبنية التحتية
بالنسبة للبنية التحتية في المدينة، فقد تعرضت المدارس لتخريب كبير، وبالنسبة للعملية التعليميةهناك شح في إعداد المعلمين ٦٠ %منهم نزحواوآخرين خارج السودان وعانوا من أوضاع اقتصادية قاسية.بجانب ذلك، تعاني المدارس من نقص حاد للمعلمينوتم تعيين معلمين جدد وفتح فرص للمعلمينلسد النقص.
الجدير بالذكر أن المعلمين لم يتمكنوا من صرف مرتباتهم، وحتى بعدصرف جزء منها فمازال المرتبضئيل في حدود ١٤٠ ألف جنيه للشهر (ما يقارب 40 دولار)، وآخرين في حدود الـ ٨٠إلى ٥٠ ألف جنيه، فاصبح التعليم مهنة طاردة، ومنهم من قدم لإجازة دون مرتب مما أحدث نقص، وهذه واحدة من التحديات التي اضطرت الجهات الرسمية إلى سد النقص بتعينات جديدة وفتح فرص للراغبين في مجال التدريس.
بجانب ذلك هناك نقص في الموارد بالنسبة للمدارس، وبعض المنظمات باشرت إجراء ورش عمل لبعض المحليات والوحدات الإدارية لحل مشاكل المدارس المالية، وقد تحل جزءا من المشاكل.
للوضع الأمني
يظل الوضع الأمني هو الأكثر صعوبة، فظاهرة انتشار السلاحتسيطر على المشهد.هناك اعتداءات في الأحياءوجرائم متكررة في مناطق (أمدرمان ودار السلام)ممن يطلقون على أنفسهم (قوات نظامية)، فضلا عن انتشار السرقات. وفي المجال العام البصري تنتشر مظاهر بالسيارات المحروقة والهياكل المشلعة بكميات كبيرة،أيضا تعرضت المباني لتخريبكبير بسبب استهدافها بالأسلحة الثقيلة.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد (مركز الألق)، وهي صورة قلمية للأوضاع العامة التي تعيشها ولاية الخرطوم بعد ما يقارب الثلاث سنوات من الحرب. ترينا المادة واقعا مدمرا لعاصمة كاملة أهيل عليها التراب وباتت الحياة فيها بدائية للغاية وتكاد تكون معدومة، ولا يجد العائد إليها إلا الخوف والخراب.
المصدر: صحيفة التغيير
