وجدي كامل
لا يساور عاقلًا شكٌّ في أن من نراهم أمامنا من شخصياتٍ يتمّ تسويقها لتولّي الوظائف التنفيذية، ما هم إلا دُمى اقتضتها ضرورة الاختفاء خلف المسرح، لتنظيم الإخوان الشرير.
نموذجُ رئيس الوزراء وصَحبهِ “الميامين” ــ من غير الكوادر المدسوسة والمُعيَّنين وزراء ــ نموذجٌ غالبًا ما يستقيل في منتصف الطريق، أو قبله، ليخلق جلبةً لنفسه كما اعتاد، بوسائل متعدّدة في تاريخه الشخصي. سيحاول الاعتداء على الأضواء مرةً أخرى، بادّعاء بطولةٍ زائفة، ولكن لن يغفر له عاقلٌ أو محترمٌ ما فعل.
لقد سعى بكل ما يملك من علاقاتٍ ولوبياتٍ مدفوعة الأجر إلى بلوغ الوظيفة العامة، أو بالأحرى إلى انتهاكها، وهو فسادٌ يُضاف إلى فسادٍ جُبِل عليه بطرق شتّى. وسيبرر لاحقًا بأنه لم يكن على تمام العلم بالبيئة السياسية التي سيعمل فيها، باعتبارها ليست “الراعي الرسمي للحرب”.
نعم، سيتنكر لكل تلك الحقائق التي تجاهلها عمدًا، مدفوعًا بمرضٍ في نفسه لم يَخفَ على أحد، ثم سيخرج علينا قائلًا: “لقد اكتشفتها! لقد اكتشفتها! وإني لنادمٌ أشدّ الندم”.
هكذا هي تراكيب وطبائع العابدين لذواتهم؛ يدّعون محبّة المجموع ونُصرة قضاياه، وهم لأنفسهم ناصرون.
الكفاءة العلمية والمهنية ليست بضاعةً في السوق السياسي تُباع وتُشترى، بل موقفٌ وطنيٌّ نزيه تجاه القضايا، وتقديرٌ دقيق للظرف السياسي المناسب لتقديم الخدمة العلمية والمهنية، إذا كان هناك إجماعٌ على فائدتها وتفوّقها في ميدان التنافس.
الذين يتناسون ذلك عمدًا، ويحاولون الغشّ بمقتضيات الوطنية والواجب والتضحية، ويبرّرون ذلك بأنّ “الوقت قد حان لتسديد الدَّين للوطن الذي علّم وربّى”، إنما يخدعون أنفسهم قبل غيرهم، ويفضحون وعيهم البائس، بافتراضٍ ساذجٍ أن هناك من ستنطلي عليه كذبتهم.
ما أرخصهم من بشر! وما أتعسنا بلزوجتهم وسيولتهم القاسية!
نشكو من السيطرة المطلقة للمهازل على المجال العام.
هذه ليست حربًا واحدة، إنها حروبٌ كثيفة، بوجوهٍ ولغاتٍ متعدّدة.
والمحترمون… صاروا أقليّة.
المصدر: صحيفة التغيير