عبد الله خليل
كان الملوك يحكمون من القصور، ويُصدرون قراراتهم عبر سلاسل من البروتوكولات والخُطب والمؤتمرات. أما اليوم، فإن الزعماء يحكمون من خلف الشاشات، وتحديدًا من المنصات الاجتماعية، حيث تُطلق التغريدة كالرصاصة، وتنفذ كالسهم في لحظتها، دون انتظارٍ ولا وسطاء.في هذا العصر، لم تعد أهمية المتحدث الرسمي كما كانت، ولم تعد القاعات الكبرى ميدانًا للقرار. تغريدة واحدة قد تُحرّك جيشًا، أو تُشعل حربًا، أو تُربك البورصة. إنها مدرسة جديدة في السياسة، أزاحت البيروقراطية، وأدخلت الحكم في زمن اللحظة، حيث لم تعد الكلمة تنتظر أن تُقرأ من منبر وسط الأضواء والكاميرات وحشود الصحفيين، بل تُستهلك وتُصدَّق فورًا، بمجرد أن تُنشر.ومع تسارع الاعتماد على الخوارزميات في اتخاذ القرار، بدأت تلوح فكرة أكثر جرأة: هل يمكن أن تُدار البلدان يومًا ما عبر الذكاء الاصطناعي والروبوتات؟ إذا كانت الحكومات تعتمد الآن على التحليلات الفورية وردود الفعل اللحظية من الجمهور، فلماذا لا تُفوّض “الخوارزم” نفسه بصياغة الرد واتخاذ القرار؟وهل سيأتي يوم تُصبح فيه تغريدة الزعيم… من تأليف خوارزمية لا أكثر؟بل لعلّ المتحدث الرسمي يصبح من الذكريات.
المصدر: صحيفة الراكوبة