الحل في الحل!! السودانية , اخبار السودان

أطياف
صباح محمد الحسن
الحل في الحل!!
طيف أول:
يعرف الحقيقة جيداً ويدرك مدى تأثيرها
الوعي وحده من يخرج من معارك الفكر سليماً يحمل كل المعاني العميقة في جوفه!!
ولم تقف حكومة بورتسودان على إدانة دولة كينيا لاستضافتها منصة إعلان حكومة موازية بقيادة الدعم السريع عندما قالت وزارة الخارجية “إن هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الأفريقية وإنتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها، في خرق ميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي والقواعد التي استقر عليها النظام الدولي المعاصر”
لم تقف على ذلك لكنها رفعت سقف غضبها وسخطها بلهجة تصعيدية غاضبة، حيث توعد الفريق ياسر العطا بمحاربة من يسعون لتكوين الحكومة الموازية، بقوله: «لأولئك الذين يقولون إنهم حكومة موازية، سنحاربهم في كل شبر من الأراضي السودانية، ونجعلهم يعرفون أن في الأمة السودانية أسوداً لها أنياب ومخالب قوية»
والعطا يكفيه أن يحارب قوات الدعم السريع وينتهي من الحرب لأنها هي السبب الرئيس في كل هذه التبعات التي تقلق الحكومة وتؤرقها، فإن اراد أن يقطع الطريق أمام الحكومة الموازية فلا شك أن نهاية الحرب ستنهي هذا الشعور بالغضب
فالذين ذهبوا الى نيروبي يحاولون رد التحية على الحكومة باسوأ منها، فحكومة بورتسودان هي بقرارتها غير المسؤولة تسببت في خلق هذا الواقع المعقد من فوضى سياسية وعسكرية وذلك عندما بادرت الحكومة الانقلابية بتغيير العملة في مناطق سيطرتها لخلق واقع اقتصادي لئيم، حاولت به الضغط على قوات الدعم السريع دون النظر للآثار السلبية المترتبة على المواطن، كما أنها ايضا قامت بإيصال المساعدات الى مدن بعينها وحرمت مواطنين آخرين، حتى داخل ولاية الخرطوم فقد كان مواطن الثورة ينال حظه من الإغاثة تحت إشراف والي الخرطوم ويحرم منها مواطن امبده لأن الله قدر له أن يكون في مناطق سيطرة الدعم السريع، حتى عندما سيطر الجيش على ولاية الجزيرة مارس القتل والذبح على أساس عرقي وعنصري كل هذه الجرائم المتباينة مارستها الحكومة بنظرة أنانية ضيقة
فالحكومة الموازية هي خطأ أنتجه خطأ، ولا يستقيم الأمر إلا باستقامة السلطة الانقلابية التي لن تتلافى الآثار الجانبية لحكومة تريد أن تقاسمها السلطة والقرار إلا بأن تعود الى رشدها، وهو أن تختار السلام لوقف هذه الفتنة السياسية التي تتجه الى فتنة إجتماعية وعنصرية بغيضة، يمكن أن تجعل وحدة البلاد على المحك لذلك يجب على حكومة بورتسودان أن تتحمل النتائج وتكف عن البكاء والشكوى وتبحث عن علاج جوهري ناجع وتقدم ضمانات جديدة على طاولة الحل السياسي الدولي إما بقرارات داخلية تتمثل في فتح جميع المعابر لدخول المساعدات لكافة الشعب السوداني، والتراجع عن قراراتها الاقتصادية المجحفة بحق المواطن، او بضمانات دولية تتمثل في قبول الحل السلمي للازمة لذلك فإن “الحل في الحل”!! لا غيره
فما يتم هناك وكما تحدثنا عنه بالأمس يمنح الدعم السريع شهادة ميلاد جديدة فالوجود السياسي للدعم السريع على منصة نيروبي يعيده للمربع الأول قبل الحرب، إذن ما خسره الدعم السريع عسكريا ربما يعوضه سياسيا وهذا ما قصده المجتمع الدولي عندما خرق البرهان اتفاقية الانسحاب لصالح الجيش، فبعدها كان الوعد أن يذهب الى التفاوض، وعندما نكص عهده، منح المجتمع الدولي الدعم السريع براحات سياسية للتحرك تعوضه عن خساراته على الأرض ليجد البرهان نفسه من جديد في مواجهة هذا “الشبح”!!
لذلك فإن اللغة التي يلوح بها العطا ما هي إلا أسلوب تقليدي فاشل لن يغير في ملامح الواقع شئ لأن الحرب تجاوزت مرحلة التهديد والهتاف، ودخلت مرحلة “جمع الرصيد” في العلاقات الدولية، فخسارة حكومة البرهان دوليا وإقليميا وإفريقيا ستجعله مجرد متفرج بين كرتي وهارون على اللعبة الخارجية، التي تديرها أصابع المحاور فإما ان يفوت هذه الفرصة بذكاء ويسحب البساط من الحكومة بإعادة كرة الحرب في ملعب “طرفي الصراع” لأن هذا الذي يحدث من تشتيت للكرة في الميدان السياسي الغرض منه إقامة جسور جديدة للدعم العسكري لقوات الدعم السريع، أي أن كل الأيادي الخارجية التي تريد أن تقدم دعمها لهذه القوات ستقدمه من الآن ولاحقا بغطاء سياسي، سيما أن الدعم السريع الآن بتحالفه مع الحلو اليوم او عبد الواحد غدا، يكون قد غير بوابات ونوافذ عرشه الذي كان آيل للسقوط، ففي الوقت الذي ينحسر فيه الحضور السياسي للبرهان خارجيا تتسع فيه الآفاق للحكومة الموازية لأنها تجمع عدد من اللافتات تحت مظلتها تمكنها من التواصل الإقليمي والدولي
ليس لكي تقف دولة جديدة يباركها العالم، هذا لن يحدث، ولكن لتكون أداة قوية صالحة للمحاربة!!
وبالرغم من أنها حكومة بلا ساقين لأنها اختارت مسرحها بين المدافع والمسيرات، ونظرت الى المرمى السياسي وحاولت الركض على معاناة المواطن وقتله وجوعه، وتخطت معاناته الإنسانية وأهملت رغبته في وقف الحرب وإشاعة السلام في محاولة لخياطة الجرح دون تنظيفه، إلا أنها ستشكل خطرا كبيرا على حكومة بورتسودان لا يفيد فيه إن كشر العطا عن أنيابه أو ابتسم!!
طيف أخير:
#لا_للحرب
المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفن دوجاريك: نشعر بقلق عميق تجاه تقارير عن حكومة موازية قد تشكلها الدعم السريع في السودان قد تضاعف احتمالات تجزئة البلاد.
المصدر: صحيفة التغيير