الحل الثالث!!

أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
أمنحني خذلانا متعدد الوجوه
وأترك لي وطنا واحدا ، كما الوجع عليه
فكم من حلم حنطه الزمن
بات مصلوباً على ذاكرة الحروب
وكم من ألم أتعبه الأنين!!
وخيوط رفيعة تتشابك في مابينها لتنسج غزلاً سياسياً خفيفا ، يستدعي عندك رغبة جامحة في نقضها تفسيراً ، أن كيف تشعل الدعم السريع المستندة على القوى المدنية، قنديل حكومتها بموافقة المجتمع الدولي، وفي الوقت ذاته لم تحظَ الحكومة بدعم دولي !!
حيث إمتعنت اكثر دول العالم عن مباركتها وبالرغم من أن هذا كان متوقعا ، لعدة أسباب أخرى، ولأن العالم في خطته لوقف الحرب، لم يسعى لمساندة أحد “طرفي الصراع”
وكان دائما يدعو لوقف إطلاق النار، وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية ، وحتى عندما كشف عن ملامح الحل السياسي بعد وقف الحرب ، قال أنه يدعم حكومة مدنية بجيش مهني واحد!!
لكن ماتم أمس الأول في نيروبي هو مهدد واضح لوحدة البلاد أي أنه يأتي مخالفا للرؤية الخارجية ومن قبل ذكرنا أن التقسيم الجغرافي للبلاد ليس لايحظى بدعم من المجتمع الدولي الآن، لذلك ربما يكون هذا سببا واضحا، لغضه النظر عن تظاهرة القوى المدنية الموالية للدعم السريع بنيروبي.
بالرغم من أنها كانت من أفضل الفرص التي عبدت الطريق للتقسيم، وهيأت له مسرحا مناسبا ، ولكن رغم ذلك إمتنعت كبرى الدول حتى الطامعة في السودان والمقدمة مصلحتها على مصلحته ، عن إستغلال هذا العرض المغري!!
ولهذا تأتي الرغبة الأكيد لنقض هذا الغزل بإبرة الإستفهام التي لاتقبل الحياكة على تفصيل أعوج فإن كان المجتمع الدولي لايريد الإعتراف بحكومة الدعم السريع لماذا سمح لها بإضاءة شمعتها!! ومعلوم أن الدعم السريع يقع تحت سيطرة المحاور التي لها علاقاتها المباشرة بالدول الكبرى
مما يعني أن الحكومة وجدت الضوء الأخضر لرفع لافتاتها
إي أن ثمة سماح تم لإعلان الميلاد دون الإلتزام برعاية ودعم ، فهل ثمة اهداف بعينها للمجتمع الدولي يريد أن يحققها عبر هذه الحكومة الموازية!!
وأول هذه الأسباب ربما تكون بهدف الضغط على حكومة بورتسودان وكسر شوكتها بصناعة حكومة موازية تقاسمها القرار والحكم وتضعف هيمنتها على البلاد وتحول عزلتها من دولية الي عزلة محلية داخلية ، ومعلوم أن فقدان السيطرة السياسية أشد خطرا على حكومة بورتسودان من فقدان السيطرة العسكرية!!
ثانيا : يبدو أن ظهور عبد العزيز الحلو كان مقصودا لكي يعطي الحكومة وزنا أثقل وهذا يدل على أن الدعم السريع اصبحت لاتفي الغرض في مسرح “المنازلة السياسية” كورقة رابحة دوليا لذلك تم ( رتق) مافقدته من زخم وقبول بظهور الحلو الذي ظل يحتفظ برصيده وتاريخه السياسي والعسكري طوال الحرب !!
ثالثا : ربما يريد المجتمع الدولي إيجاد سلطات وطنية “أمينة” على الأرض لإيصال المساعدات الإنسانية للمواطن بعيدا عن حكومة بورتسودان التي عرفت “بشفشفة” الإغاثات
حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة في آخر تصريحات له نزع الحق من المنظمات الحكومية بالبلاد وقال يجب ٱن تكون حكرا على المنظمات الدولية وهذا يعني أن الأمم المتحدة تفقد لاعبا رئيسيا على الميدان، بعيدا عن طرفي الصراع وهنا يمكن أن يلعب الحلو دورا مهما في إيصال المساعدات الي المواطنين !!
رابعا : عدم ظهور عبد الواحد محمد نور على منصة الحكومة يعني أن الرجل يتم إدخاره لفرصة أخرى ومن قبل ذهبنا ( إنه سيتم تقديم حركة عبد الواحد محمد نور سياسيا الي واجهة الإقليم وذلك بدعم كبير من دولة فرنسا بإعتبارها واحدة من الدول المشاركة في عملية وقف الحرب عبر رؤية المجتمع الدولي) فغياب الرجل الآن يؤكد أنه ضمن تشكيلة “الحل الثالث”
مما يعني أن إعلان سلطة موازية تم بموافقة دولية لتنفيذ خطة قادمة ، عبر هذه الحكومة ، وليس لتشكيل حكومة لتنفيذ ماهو قادم !!
وصمت المجتمع الدولي عن الترحيب بها او رفضها يؤكد أنه تم السماح لها لغرض بعينه ، خاصة أن الحلو ليس بعيدا عن الحل الدولي، فحلمه الكبير لاتناسبه هذه الفكرة الضيقة!!
خامسا : مايعزز أن الحكومة تعد واحدة من آليات الضغط للمجتمع الدولي على حكومة بورتسودان هو أن عمرها ينتهي ببداية أول لقاء يجمع بين الجيش والدعم السريع
ألم يقل الهادي ادريس عندما سأله احمد طه ( ماهو، مصير حكومتكم إن ذهب البرهان وحميدتي للتفاوض) قال الهادي : سيتم حلها!! وهذه هي الإجابة لكل الإستفهامات عن مصير ومستقبل هذه الحكومة
إذن ماتم ماهو إلا عرض سياسي مؤقت بتخطيط دولي لايريد تقسيم البلاد، ولكنه يهدد به ، ولايريد منح الشرعية للدعم السريع، ولكن يسمح له بمغازلتها عبر هذه المنصة!! فمثلما منح الجيش مساحات إضافية للسيطرة في الميدان لإستعادة عافيته عسكريا، قد يكون الدعم السريع حصل على تعويض لإستعادة عافيته سياسيا، وعندما يصل كل واحد لإتمام نقصه تأتي الخطوة القادمة للجمع بينهما على طاولة واحدة !!
إذن العالم لايريد التخلي عن حله السياسي الشامل للأزمة السودانية بهذه التجزئة، ولكنه يريد الوصول الي حل كامل عبرها !!
وحتى قائد حكومة بورتسودان يدرك أن المطاف لن ينتهي بهذه الحكومة الموازية، لذلك لم ينتقدها ويهاجم قياداتها، بالرغم من أنها قالت إنها ستنزع منه الشرعية ، لكنه قفز لإنتقاد مابعدها ، وهاجم الدكتور عبد الله حمدوك، بالرغم من موقفه الواضح والرافض لحكومة الدعم السريع ، لأن الجنرال يدرك أن مابعد إيقاف الحرب “الحل الثالث” الذي يدعمه حمدوك أخطر عليه من حكومة تُولد في ظل الحرب وتزول بزوال المسبب!!
طيف أخير :
#لا_للحرب
حزب الأمة القومي قال إنه لم يفوض الرئيس المكلف اللواء فضل الله برمة ناصر أو أي عضو آخر لتمثيله في مؤتمر نيروبي بهدف التوقيع على ميثاق سياسي يمهد لتشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة الدعم السريع).
وهذا هو التمثيل الشخصي الذي يضعف الحكومة المرتقبة.
الجريدة
المصدر: صحيفة الراكوبة