أدت الحروب والنزاعات إلى تضاعف عدد الأشخاص الذين نزحوا قسراً في أنحاء العالم خلال العقد الماضي، في ظل ضعف تمويل مفوضية اللاجئين.

التغيير: وكالات

وصلت أعداد النازحين قسرا جراء الحروب والعنف والاضطهاد في جميع أنحاء العالم إلى مستويات مرتفعة يصعب تصورها، لا سيما مع تبخر التمويل الإنساني، بينما يكمن الجانب المشرق الوحيد في انتعاش العودة الطوعية إلى الوطن، لا سيما إلى سوريا.

ووفقا لتقرير “الاتجاهات العالمية” السنوي الصادر عن مفوضية شؤون اللاجئين اليوم الخميس، فقد بلغ عدد النازحين قسرا 122.1 مليون شخص بحلول نهاية أبريل 2025 بزيادة عن الفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغ فيها العدد 120 مليونا وهو ما يمثل ارتفاعا سنويا على مدى حوالي عقد من الزمن في أعداد اللاجئين وغيرهم من المجبرين على الفرار من ديارهم.

ولا تزال النزاعات الكبيرة في السودان وميانمار وأوكرانيا من العوامل الرئيسية للنزوح، بالإضافة إلى الفشل المستمر في وقف القتال.

سوريا والسودان: تبادل الأماكن في أزمة النزوح العالمية

بعد أكثر من 13 عاما من الصراع الأهلي، اعتُبرت سوريا سابقا أكبر أزمة نزوح عالمية، حيث نزح 13.5 مليون شخص. لكن هذا لم يعد الحال.

في ديسمبر الماضي، أحيت الإطاحة بنظام الأسد أملا جديدا في عودة معظم السوريين إلى ديارهم قريبا. حتى مايو، عاد نحو نصف مليون لاجئ و1.2 مليون نازح داخليا إلى مناطقهم الأصلية.

ولكن هذا ليس السبب الوحيد الذي جعل سوريا تفقد لقبها بوصفها أكبر أزمة نزوح في العالم.

فقد أدت أكثر من عامين من الحرب الأهلية في السودان إلى تجاوزه لسوريا في أعداد النازحين ليسجل أكبر أزمة نزوح داخلي على الإطلاق. فمنذ أبريل 2022، نزح 14.3 مليون شخص منهم 11.6 مليون نازح داخليا. هذا العدد يمثل ثلث إجمالي سكان السودان،

يُسلط تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الضوء على الحجم الهائل لهذه المشكلة، مشيرا إلى حالات نزوح “مرتفعة بشكل لا يُطاق”.

ومع ذلك، يحمل التقرير أيضا “بصيص أمل”، على الرغم من التأثير المباشر لتخفيضات المساعدات في عواصم العالم هذا العام.

يقول المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “نحن نعيش في زمن يتسم بتقلبات شديدة في العلاقات الدولية، حيث تخلق الحروب الحديثة مشهدا هشا ومروعا يتسم بمعاناة إنسانية حادة”.

البحث عن مكان للعيش بسلام

صادقة وابنها لاجئان واجها نزوحا متكررا. فرا من ميانمار بعد مقتل زوج صادقة في عام 2024. في بنغلاديش، عاشا في مخيم للاجئين الروهينجا المسلمين، لكن المخيم كان مكتظا، مما دفعهما إلى الفرار مرة أخرى عبر قارب.

صعدت على متن القارب دون أن تعلم إلى أين يتجه. في النهاية، تم إنقاذ السفينة بعد أسابيع في البحر، والآن، تعيش هي وابنها في إندونيسيا. قالت صادقة: “نحن نبحث عن مكان يمكننا العيش فيه بسلام.”

هناك قصص لا حصر لها مثل قصة صادقة. ومع ذلك، قال غراندي إن هناك “بصيص أمل” في التقرير. هذا العام، تم إعادة توطين 188,800 لاجئ بشكل دائم في البلدان المضيفة في عام 2024، وهو أعلى رقم يتم تسجيله على مدى 40 عاما.

علاوة على ذلك، عاد 9.8 مليون شخص إلى ديارهم في عام 2024 بمن فيهم 1.6 مليون لاجئ و8.2 مليون نازح داخليا معظمهم في أفغانستان وسوريا.

البحث عن حلول دائمة

بينما يمثل عودة 8.2 مليون نازح داخلي إلى ديارهم ثاني أكبر عدد مسجل في عام واحد، أشار التقرير إلى استمرار التحديات التي يواجهها العائدون. على سبيل المثال، شهد العام الماضي ترحيل العديد من اللاجئين الأفغان والهايتيين من بلدانهم المضيفة.

وأكد التقرير أن العودة يجب أن تكون طوعية وأن كرامة وسلامة العائد يجب أن تُصان بمجرد وصوله إلى منطقته الأصلية. وهذا يتطلب بناء سلام طويل الأمد وتقدم أوسع في التنمية المستدامة.

قال غراندي: “يجب أن يكون البحث عن السلام في صميم جميع الجهود الرامية إلى إيجاد حلول دائمة للاجئين وغيرهم ممن أجبروا على الفرار من ديارهم.”

تخفيضات قاسية في التمويل

في العقد الماضي، تضاعف عدد الأشخاص الذين نزحوا قسرا في جميع أنحاء العالم، لكن مستويات التمويل التي تلقتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ظلت دون تغيير إلى حد كبير.

وأوضح التقرير أن هذا النقص في زيادة التمويل يعرض المجتمعات النازحة الضعيفة أصلا للخطر ويزيد من زعزعة استقرار السلام الإقليمي.

وقالت المفوضية إن “الوضع لا يطاق، الأمر الذي يفاقم من حالة الضعف التي يمر بها اللاجئون وغيرهم من الفارين من الخطر”.

* مركز أخبار الأمم المتحدة

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.