تستمر الحرب العبثية، حرب بات واضحا ان استمرارها نفسه بات هدفا لجهات كثيرة، مليشيات تتناسل وتحشيد من كل أطراف الحرب، وجهات خارجية تشارك أيضا في جني ثمار استئمار حرب لا خاسر فيها سوى الوطن ومواطنيه.
قبل اشتعال الحرب نزلت على الجهات المتنفذة من العسكر وساسة العهد المُباد حُمى الدمج، فنادوا بإلحاح بضرورة الدمج الفوري للدعم السريع الذي صنعوه يوما خدمة لأهدافهم ومصالحهم.
الدعوة للدمج كانت دعوة حق اريد بها باطل الحرب، ضمن سعيهم المحموم لاستفزاز الطرف الاخر ودفعه للمعركة. وحين استعرت الحرب أصبح تناسل المليشيات تقليدا عاديا بدلا من دعم الجيش الذي يرفعون شعارات دعمه، ودخول طرفا الحرب في تفاوض لتحقيق السلام ومن ثم دمج كل المليشيات في الجيش القومي الواحد.
الجهات التي تقف وراء استمرار الحرب وتفريخ المليشيات تسعى علنا لتفكيك هذه البلاد، لقد سعى النظام البائد الحالي بكل الطرق لإيقاظ نار القبيلة والعصبيات، بدلا من محاربتها بسلاح الوعي لصالح الانتماء للوطن الواحد، وكان طبيعيا ان يثمر ذلك السلوك الرسمي كل هذه الحروب والفتن التي تهدد وحدة بل وجود هذه البلاد.
حكومة السيد كامل ادريس لا تبشر بخير كثير كونها خضعت لإرادة من يحملون السلاح، فلم يعد من معنى للحديث عن حكومة تكنوقراط، كما أن الرجل لم يحمل برنامجا واضحا، في ظروف لا تكفي النوايا الطيبة وباقات الزهور لإحداث تغيير في واقع مزر ومأزوم، مجاعة غير معلنة، نزوح أبعد الكثيرين عن ديارهم وعرّضهم لفقدان مواردهم في ظل غلاء فاحش في كل شيء، واخضعهم لاستغلال سماسرة الحروب. اوبئة تقتل الأطفال الذين ابعدوا قسرا عن العملية التعليمية بكل ما في ذلك من خسارة لهم ولأسرهم ولوطنهم.
كان حريا بالرجل ان يشترط الدعوة للسلام شرطا أوحد لقبوله للمنصب، بدلا من رهن ارادته للعسكر ومتنفذي النظام البائد الذين قامت الثورة بسبب اجرامهم وفسادهم وتجبرهم على البلاد والعباد طوال عقود الضيم والنهب والاستبداد، فمجرد وجودهم في المشهد ولو من خلف ستار (مستغلين لظروف الحرب التي دفعوا باتجاهها أملا في ان تصبح جسرا يمهد لعودتهم لسلطة طردهم منها الشعب الذي عادوا يزعمون سعيهم لإنقاذه!) هو احتقار لهذا الشعب وثورته العظيمة وطموحه لتحقيق دولة العدالة والحرية والوحدة والسلام.
#لا_للحرب
المصدر: صحيفة الراكوبة