اخبار السودان

الحرب تعمق انقسام الرأي بين المثقفين السودانيين

بين استمرار الحرب في السودان وإنهائها، تتعمق خلافات الرأي بين عموم السودانيين،  خاصة مجموعات المثقفين، الذين ينطلقون من أسباب مقنعة لكل منهم لدعم هذا الرأي أو ذاك.

التغيير: عبد الله برير

يدور جدل كبير بين مجموعات من المثقفين السودانيين بشأن الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عام ومآلاتها، ويختط كل منهم رؤية مبنية على ميول ذاتية وزاوية نظر مختلفة، فيتبنى بعضهم مساندة الجيش السوداني في مواجهة قوات الدع السريع، فيما يرفض آخرون الحرب تماماً ويدعون إلى وقفها.

ويقدم من يتبنون خيار مساندة الجيش عدة حجج أهمها  التخلص من الدعم السريع، ويعتقد هؤلاء أن هزيمة القوات المسلحة ستكون نتائجها أكثر ضرراً حال حكم (آل دقلو) البلاد، مساندين في ذلك قطاعات ترى أن هزيمة الدعم السريع أخف الضررين.

فيما يوجد قطاع واسع يرفض الحرب باعتبار أن الانتصار لأي طرف فيها يعني إجهاضاً للديمقراطية ووجوداً عسكرياً في السلطة يمهد للمزيد من الاستبداد والديكتاتورية.

تباين كبير

المتخوفون من انتصار الجيش السوداني في الحرب يعتقدون أن غلبته تعني عودة نظام الإخوان المسلمين واستعادة التجربة المريرة للنظام البائد، ويرون أن انتصار الدعم السريع أكثر ضرراً بسبب البداوة والتبعية المباشرة لأسرة (آل دقلو).

وظهر التباين العميق في وجهات النظر ومنطلقاتها منل خلال الجدل الذي يثار على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات المختلفة، كل يروج لبضاعته ويدعمها بما يراه مناسباً من براهين تعضد حجته.

ورسمت قوات الدعم السريع صورةً قاتمةً لما قد يترتب على توليهم مقاليد الحكم في البلاد بعد الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها في قرى ومدن الخرطوم والجزيرة ودارفور وغيرها من ولايات السودان.

ويرى مراقبون أن التصريحات الأخيرة هنا وهنالك من قادة الجيش، تصب في اتجاه تكريس هيمنة العسكر وإبعاد السياسيين والمدنيين من المشهد والإتيان بحواضن إسلامية هشة تخدم أجندة النظام البائد.

وبين هذا الرأي وذاك، تباينت رؤى بعض الفاعلين في المشهد الثقافي السوداني بشأن الحرب ومآلاتها.

د. أسامة تاج السر

الطرفان سيان

ورأى الشاعر والناقد السوداني د. أسامة تاج السر، أن الوطن موبوء بالأنا دون الآخر، ومصلحة سادته فوق كل اعتبار.

وأسامة لـ(التغيير): لا انتصار الجيش سيعيده إلى سابق عهده، ولا انتصار الدعم، نحن في مرحلة سواء فيها النصر والهزيمة، وهذا لن يعرفه غير الشعب المطحون المغلوب على أمره.

ونبّه تاج السر إلى أن (ثمّة فاتورة هائلة اسمها الحرب، وثمّ سماسرة في الجوار يشعلون ويوقدون، وهم بلا شكّ ينتظرون ثمنًا مضاعفًا، ومن يدفع ذهبه اليوم من الطرفين المتحاربين، سيمتنُّ بما أنفق على شعبه، ثمّ يسترده بفاتورة باهظة الثمن).

وأضاف: نحن كمن يملك بيتًا متصدِّعًا من خشية الله، وخشية الناس، وخشية الفقر، ثم يأتيك رجلٌ وقورٌ ويقول لك إنّ هذا البيت متصدّع، وسوف يهوي عليك، ولا بدّ من إصلاحه، ثمّ يُمسكُ في شهامة ونبلٍ معوله، وهو مشمّر عن ساعديه وساقيه، فيجعله ركامًا. فعل كل ما فعل دون أن يطلب فلسًا واحدًا؛ لأنّه سيضاعف فاتورة البناء، وما عليك إلا أن تبيعه بسعر زهيد.

وتابع تاج السر: عن نفسي وقناعتي، لا أرى في انقسام السودان إلى عشرين دولةً أمرًا سالبًا، لأنّ كلّ الإشارات تشير إلى هذا الأمر، فلن يستطيع أحد الطرفين أن ينتصر انتصارًا كاملًا مهما ادّعى من القوة والعتاد.

وختم بالقول: أصبح السودان مثل بيت العائلة الممتدة، وكلّ فريق ينتظر ميراثه من جدٍّ مات قبل قرون. فإن كان لا بدّ من التقسيم؛ فعلى الجميع أن يعمل على رعاية حقّ الجوار. فما هو أخطر من التقسيم، هو أن تظلّ الحرب مشتعلة بعد كلّ هذه الفداحة الهائلة.

الشاعر عمر السناري

لا مقارنة

من جانبه، اعتبر الشاعر عمر محمد نور السناري أن الجيش لا يمكن مقارنته بمليشيا هذا أولاً، ورأى أن انتصار القوات المسلحة يعني أن تعود الأمور الى نصابها.

وقال عمر لـ(التغيير): لاحظنا ما جرى في مناطق دارفور والجزيرة من تفلتات وصلت حد التصفيات والاعتقالات بدون اي ذنب واخذ أموال الناس وغيرها من الأشياء التي لم يفعلها الجيش.

وأضاف: أن يتخوف الناس من عودة مشروع الحركة الاسلامية مرة أخرى هذا شئ طبيعي لأنهم أصلا لم يغيبوا عن المشهد ظلوا بعد سقوطهم يعارضون بشراسة ويتوعدون خصومهم بالهزيمة حال قيام انتخابات وغيره من الاحاديث.

وتابع: لكن في رأيي أن الجيش لن يقدم على هذه الخطوة اعني أن يسلم مقاليد البلاد لسلطان الحركة الإسلامية وذلك لاعتبارات دولية واقليمية كثيرة هذا بخلاف أن الحركة الاسلامية نفسها لن تقدم على هذه الخطوة.

واختتم السناري: نعم سيكون لها دور في المرحلة القادمة لكن لا اعتقد ان يصل الى حد العودة مجددا.

لا عودة للإخوان

الصحفي السياسي الطيب إبراهيم، استبعد عودة نظام الإخوان المسلمين، وأكد أن الثورة اطاحت بهم.

ويعتقد الطيب في حديثه لـ(التغيير)، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يبحث عن مخرج فهو مغضوب عليه من قبل (الكيزان).

وتخوف ابراهيم من ان سيطرة قوات الدعم السريع على مقاليد الحكم تعني تدشين عهد الفوضى والانتهاكات وبالتالي غياب حالة الدولة.

من ناحيته، أكد أبو موهبة بابكر، وهو خريج جامعة الخرطوم، أنه سيساند الجيش رغم تحفظه عليه.

وقال لـ(التغيير): بعد فض اعتصام قيادة القوات المسلحة بالخرطوم وانقلاب 25 أكتوبر أصبح أبغض سوداني بالنسبة لي هو عبد الفتاح  البرهان.

لكنه استدرك: الآن بعد مشاهدة انتهاكات الدعم  السريع ايقنت ان هذه المليشيا تفوق ما فعله الجيش بسنين ضوئية.

مخاوف

بدوره، أقر الصحفي سالم سعيد بأن انتصار القوات المسلحة يعلن رجوع الاخوان المسلمين للمشهد.

وقال لـ(التغيير): انتصار الجيش يعني عودة الإسلامين ولكن في رأيي  هم افضل من قوى الحرية والتغيير. واضاف: انتصار الدعم السريع يعني حالة اللا دولة وإلغاء الوطن تماماً حسب تعبيره.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *