الجيش السوداني يشارك في محادثات جنيف
د. عمر بادي
بشرى اليوم الخامس لمحادثات جنيف يتم إعلانها امس صبيحة 18 أغسطس الجاري ، وقد كان حدسي صائباً حين قررت التريث في التشاؤم وأن أمد حبال التفاؤل في أيام المحادثات الأولى والتي تقرر لها أن تستمر لتكون عشرة أيام ، عسى ولعل أن يأتي ويشارك الجيش في المحادثات ، واليوم يعلن قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن وفد الجيش سوف يشارك في محدثات جنيف! لقد سبق ذلك مراسلات ومحادثات علي أعلى مستوى بين وزير الخارجية الأمريكية بلينكين والبرهان وبين الموفد الأمريكي بريليو والبرهان وكانت العقدة في تنفيذ مقررات إعلان جدة أولا ، وأخيراً تم الإتفاق علي أن يحضر وفد الجيش إلي جنيف ويجتمع مع الوفد الأمريكي ويحضر وفد حكومة السودان إلي القاهرة ليجتمع مع الوفد السعودي في كيفية تنفيذ مقررات إعلان جدة التي يعتبرها الجيش أهم مطالبه والتي تتمثل في خروج الدعم السريع من منازل المواطنين ، ثم بعد ذلك تتواصل المفاوضات في جنيف. الوضع محفوف بألغام التعنت من الوفد الحكومي ولكن تأثير الميسرين يظل بادياً! .
البشريات للمواطنين كثيرة وسوف تتعمّق عندما تبدأ مفاوضات جنيف وكل خطوة منها سوف تكون خيراً يقود إلي خطوات أخرى في طريق السلام ووقف الحرب. إعلان جدة الذي وقّع عليه الجيش والدعم السريع في يوم 11 مايو 2023م كانت صيغته إتخاذ جميع الإحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين مما يهدف لإخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين وعدم إستخدام المواطنين كدروع بشرية وفتح مسارات للمساعدات الإنسانية. أما إتفاق جدة في يوم 21 مايو 2023م كانت صيغته إلتزام الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين وإلتزام الجيش بإعادة إعتقال منسوبي النظام السابق.
من المتوقع أن تبدأ المحادثات بتنفيذ إلتزام قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين ، ولكي يتم ذلك يطل التساؤل أين يذهبون؟ فطيران الجيش السوداني قد ضرب معسكرات قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى من الحرب ، وإذا خرجوا من بيوت المواطنين وإنتشروا في الميادين و(النقعة) فماذا يمنع طيران الجيش من ضربهم؟ هذا يتطلب وجود آلية للتنفيذ والآلية هو عمل الميسرين ، وربما يتطلب الأمر منع الطيران أو وقف العدائيات. أيضا يأتي تنفيذ إلتزام الجيش بإعادة إعتقال منسوبي النظام السابق ، فهل يستطيع الجيش عمل ذلك؟ وفي الأسابيع الأخيرة شوهد بعض منسوبي النظام السابق ممن كانوا معتقلين وهم خارج السودان.
أما بخصوص فتح المسارات للمساعدات الإنسانية والتي لها الضرورة القصوى مع تفشي المجاعات و الأوبئة بين المواطنين فقد وافق الجيش علي فتح معبر أودري في غرب السودان بين السودان وتشاد لإدخال المساعدات الإنسانية إلي دارفور وكردفان وقد سمحت قوات الدعم السريع بذلك ، ولا بد من إيجاد آلية لذلك من الميسرين. أيضاً في شرق السودان ومن بورتسودان تجري عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية عن طريق الجو والبحر من كل من السعودية وقطر والكويت وتركيا وقد بلغت مئات الأطنان من مواد الإغاثة يتم تسليمها لمفوضية العون الإنساني لتقوم بنقلها وتوزيعها علي المتضررين وهنا أيضا لا بد من إيجاد آلية لذلك من الميسرين.
إذا توصلت مفاوضات جنيف لكل ما ذكرته أعلاه فحتماً سوف تتوصل لوقف العدائيات ومن ثم وقف الحرب ، وتتبقى بعد ذلك المفاوضات السياسية عن مستقبل الجيش وقوات الدعم السريع و الإنتقال إلي التحول الديموقراطي.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة