الجنيه السوداني.. انهيار متسارع في غياب المعالجات
تواصل تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار بوتيرة متسارعة منذ مطلع الأسبوع الجاري، حيث تعددت أسعاره ثلاث مرات خلال يوم واحد.
وأفاد متعاملون بالنقد الأجنبي لراديو دبنقا إن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازي بلغ اليوم الخميس 1750 جنيهاً بزيادة قدرها أكثر من 450 جنيه عن الأسبوع الماضي بنسبة تبلغ 36 في المائة. فيما بلغ سعر صرف الدولار في البنوك التجارية 1260 جنيهاً بفارق قدره نحو 500 جنيه عن السوق الموازي.
توقف البيع بالجملة
وأدى الانخفاض المتزايد لقيمة الجنيه إلى توقف البيع بالجملة في عدد من الولايات كما أدى لارتفاع أسعار الغاز والمحروقات، حيث أعلنت ولاية كسلا يوم الأربعاء زيادة سعر البنزين إلى 2027، والجازولين 1920 جنيها.
وأرجعت اللجنة الاقتصادية باللجنة العليا للطوارئ وإدارة الازمة بولاية الخرطوم في تعميم يوم الاثنين، الزيادة التي طرأت في اسعار الغاز المستورد إلى ارتفاع سعر الدولار كمكون اساسي في استيراد الغاز وحددت السعر الرسمي لأنبوبة الغاز للمواطن ب 23600 جنيه للأسطوانة زنة 12.5 كيلو.
وقال الصحفي والمحلل الاقتصادي أحمد بن عمر لراديو دبنقا إن سعر صرف الدولار، قبل الحرب، كان يبلغ 650 جنيها للدولار الواحد، وأشار إلى التأثير الكبير لانهيار القطاع المصرفي بعد الحرب على قيمة الجنيه حيث فقدت المصارف أكثر من 50 في المائة من قدرتها في المعاملات، وأكد إن البنوك التجارية فشلت في السيطرة على سعر الصرف وأصبح السوق الموازي هو المصدر الوحيد للعملات الأجنبية.
ولكن الخبير الاقتصادي الدكتور حامد التجاني أستاذ الإدارة والاقتصاد في عدد من الجامعات يرى، في مقابلة مع راديو دبنقا، أن سعر العملة بالسودان أكثر استقرارا مقارنة مع الدول التي شهدت حرباً مماثلة. مشيراً إلى أن العملة الوطنية فقدت قيمتها بنسبة 50% تقريباً ويمكن أن تهبط إلى أقل من ذلك في ظل المتغيرات، ورهن استقرار سعر العملة بانسحاب الدعم السريع من مناطق الإنتاج.
أسباب الارتفاع
وعزا الصحفي المحلل الاقتصادي أحمد بن عمر القفزات المتتالية لسعر صرف الدولار إلى عمليات تحويل بعض المستثمرين لأموالهم إلى خارج البلاد بالعملات الأجنبية، واعتماد الحكومة على السوق الموازي لتوفير احتياجاتها لشراء الأسلحة والعتاد الحربي والمدخلات الحكومية، بجانب استيراد الوقود وسد الفجوات في القمح فضلاً عن استيراد مدخلات الزراعة مثل الجازولين والحبوب والاسمدة.
آثار الارتفاع
وتوقع تحريك الدولار الجمركي الأسبوع المقبل من 950 جنيهاً ليعادل سعر الصرف الجديد للدولار، مما سيؤدي لقفزة جديدة في أسعار الدواء والوقود وجميع السلع المستوردة. وأكد إن جميع أرجاء البلاد تشهد ندرة في السلع وعدم توفر القوة الشرائية مبيناً أن المواطنين يعتمدون على الأساسيات.
وأشار إلى تأثير انخفاض قيمة الجنيه على قيمة المرتبات التي تآكلت بنسبة كبيرة فعلى سبيل المثال فإن مرتب الموظف الذي يبلغ 200 الف جنيه سوداني كان يعادل قبل الحرب 352 دولار ولكنه الآن يساوي 117 دولار فقط، كما أدى الدولار إلى ضغوطات تضخمية تسببت في زيادة تكاليف العلاج وغيرها تكاليف الحياه.
لا أمل في العلاج
وبشأن السناريوهات المتوقعة، قال البروفيسور حامد التجاني يقول إن الحكومة لا يمكن أن تقوم بأي معالجة في ظل الحرب الحالية ولا بد أن تأتي مساعدات عينية تتمثل في الإغاثة. وأكد إن عائدات الذهب من ولايات الشرق والشمال والذهب هي المورد الأساسي للحكومة، ويتم توظيف جزء كبير منها في الإمداد العسكري مبيناً أن المتحركات تستهلك أموال ضخمة.
ويتفق أحمد بن عمر مع رأي البروفيسور التجاني بأنه لا يمكن إجراء أي معالجة لقضية سعر الصرف في ظل الحرب الدائرة. متوقعاً أن يشهد سعر الصرف تدهوراً متسارعاً وكلياً في حال استمرار الحرب في ظل غياب دور بنك السودان وعدم توفر المساعدات الفنية، وتمدد تجار العملة والسوق السوداء أسوة بما حدث في سوريا واليمن وحذر من فقدان السيطرة بشكل كامل على العملات الأجنبية مما يمكن أن يؤدي إلى حالة من الهلع وحدوث سيناريوهات سيئة للغاية وتحويل المواطنين لأموالهم إلى الدولار ورهن معالجتها بوقف الحرب.
انهيار المصارف
وأشار إلى أن البنوك العاملة الآن هي التي تعتمد على محولات خارجية مثل بنوك الخرطوم ام درمان الوطني وفيصل والسلام البركة التي تعمل على محولات خارجية بينما تعتمد بقية البنوك على الخدمات البنكية الإلكترونية ( (EBS الذي توقف منذ اندلاع الحرب وتوقع الانهيار التام لخمسة وعشرين بنكاً تعمل في السحب والإيداع فقط حيث بدأ عملاءها يغادرونها تباعاً، وعزا اعتماد المواطنين على التطبيقات الإلكترونية خاصة بنكك المملوك لبنك الخرطوم واوكاش لبنك ام درمان الوطني وفوري لبنك فيصل، لفقدان الجنيه قيمته وارتفاع الأسعار وتعذر حمل عملات ورقية ضخمة.
ووعزا اعتماد معظم المواطنين على تطبيق بنكك لأن بنك الخرطوم به أكبر عدد لحسابات المودعين وتوفر أرصدة ضخمة، وخلال الحرب اصبح الوسيلة الوحيدة لتحويلات المغتربين وشراء الاحتياجات من المحلات التجارية في بعض المدن.
وتوقع أن يسيطر بنكك على سوق التحويلات الإلكترونية والعمليات التجارية خاصة في ظل عدم توفر السيولة.
دبنقا
المصدر: صحيفة الراكوبة