الجزيرة أبا في مواجهة الكارثة.. واقع مأساوي ونداء للمساعدة
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير : شبكة عاين
الجزيرة أبا: 26 يناير 2025 تعاني منطقة الجزيرة أبا من أسوأ أوضاع إنسانية إثر الفيضانات العارمة التي اجتاحت المنطقة في ديسمبر 2024، وفقد أكثر من 16,000 شخص منازلهم، فيما دُمرت 2,202 منزل بشكل كامل. واضطر المتضررون إلى النزوح إلى مخيمات موقتة تفتقر لأبسط مقومات الحياة من مأوى ومياه صالحة للشرب ورعاية صحية.
ورغم الجهود المحدودة من قبل غرفة الطوارئ والمنظمات المحلية والدولية، إلا أن المساعدات تبقى غير كافية لتلبية احتياجات المتضررين. وفقًا لتقرير غرفة الطوارئ الصادر السبت الماضي، بلغ عدد المنازل التي انهارت بالكامل 2202 منزل، بالإضافة إلى انهيار جزئي لـ6897 منزلًا. مع بداية الكارثة، عملت الغرفة على إحصاء عدد الأسر الوافدة إلى المعسكر وتوفير الإطعام لهم. حتى منتصف يناير الجاري، بلغ عدد الأفراد النازحين 16,388 فردًا، يشكلون 2781 أسرة.
الناشط في العمل الطوعي والإنساني ومسؤول غرفة الطوارئ بمخيم النازحين في الجزيرة أبا، عبد الله إسحق محمد عبد الرحمن، يوضح أن الغرفة تأسست في 14 ديسمبر 2024 كمبادرة مجتمعية للتعامل مع الكارثة التي سببها فيضان النيل. ويشير إلى أن الهدف الأساسي للغرفة كان تدارك كسر الجسور، إلا أن الارتفاع السريع والمضطرد لمنسوب النيل خلال الفترة بين 16 و19 ديسمبر أدى إلى غمر الجزيرة أبا بالمياه، مما أجبر السكان على النزوح. بحلول 20 ديسمبر، بدأت عمليات إجلاء المواطنين إلى منطقة النزوح في أبا الجديدة بحجر عسلاية.
تدخل إنساني محدود
رغم ذلك، فإن أكثر من 50% من الأسر التي فقدت منازلها غادرت الجزيرة أبا وأرض المخيم نتيجة للأوضاع السيئة. ويفتقد المخيم إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية. لا توجد حمامات أو مياه كافية، والخيم المتوفرة لا تغطي الاحتياجات، حيث تم توزيع القليل منها فقط للمرضى وأصحاب الحاجات الخاصة.
عبد الله اسحق، أكد أن التدخل الإنساني حتى الآن محدود للغاية. من بين المنظمات التي تدخلت، كانت منظمة “بلان سودان”، التي قدمت خدمات صحية ليومين، وأمنت المياه للمعسكر بشكل غير منتظم. كما ساهمت غرفة طوارئ السوق الشعبي بكوستي، ومنظمات محلية مثل “كلنا قيم”، التي تدير مطبخًا ثابتًا يقدم وجبات يومية، إلى جانب منظمة “كوستي للثقافة والفنون”، و”أحلام الصغار”، و”كلنا سودان”. بالإضافة إلى ذلك، قدم المجتمع المضيف، خصوصًا شباب منطقة حجر عسلاية، مساعدات لاطعام النازحين.
الأوضاع في المعسكر لا تزال صعبة، حيث يفتقر إلى خدمات المياه، والصحة، والإيواء، مع عدم توفر الخيم والبطاطين بشكل كافٍ. معظم سكان المعسكر يفترشون الأرض، مما يزيد من حدة المعاناة.
دعم ضعيف
أوضح المنسق الإعلامي في الجزيرة أبا، النور آدم سليمان، أن دعم المجتمع المحلي للأسر المتضررة من كارثة الفيضانات ضعيف جدًا، حيث لا يتجاوز 1% من احتياجات المنطقة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان بسبب الحرب والنزوح.
وأضاف سليمان: أن “المبادرات الفردية تكاد تكون معدومة نتيجة لضعف الموارد، بينما تقتصر الجهود بشكل أساسي على أبناء الجزيرة أبا المقيمين خارج المنطقة، الذين يقدمون المساهمات عبر علاقاتهم الشخصية أو من خلال المبادرات الفردية”.
وأشار سليمان، إلى أن الجانب الإعلامي في المنطقة يواجه صعوبات كبيرة، حيث لا توجد حملات إعلامية كافية أو منظمة لتسليط الضوء على الكارثة بشكل فعال. وأوضح أن الجهود الإعلامية الحالية تقتصر على مبادرات فردية ومحاولات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنها غير كافية لجذب انتباه المنظمات الإنسانية أو وسائل الإعلام الدولية.
من جهته، أكد حامد شوكة، ممثل لجان التنسيق بين المعسكرات واللجان الخدمية، أن معسكر النازحين في الجزيرة أبا يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والخيام. وأوضح أن الخيام التي وصلت إلى المعسكر غير كافية.وأشار إلى أن العديد من الأسر لا تملك سوى الله، حيث انهارت منازلهم وأصبحوا يفترشون الأرض في مواجهة البرد القارص.
وأضاف: أن “هناك حاجة ماسة لإنشاء وحدات صحية في المعسكر لعلاج المرضى، الذين لا يستطيعون توفير وجبة واحدة لأطفالهم”.
وأكد شوكة، أن الوضع الصحي في المعسكر كارثي، حيث لا توجد رعاية صحية كافية، وتعاني الأسر من الأمراض المزمنة التي لا يتوفر لها علاج. ولفت إلى أن معسكر النزوح يتكون من “رواكيب” فقط، وأن غياب دورات المياه جعل النازحين يلجؤون إلى الخلاء لقضاء حاجاتهم، مما يسهم في تفشي أمراض الكوليرا بشكل كبير.
وأشار شوكة، إلى أن الوضع في المعسكر لا يزال مأسويًا على كافة الأصعدة، بما في ذلك نقص الرعاية الصحية والغذاء. وأضاف أن ديوان الزكاة قام بسحب مكتبه من المعسكر إلى داخل الجزيرة أبا، بينما تتواصل جهود مجموعة “بذرة خير” التي توفر وجبات يومية للنازحين عبر دعم أفرادها.
وأوضح أيضًا أن بعض المنظمات قد تدخلت لتقديم مساعدات، لكنها كانت محدودة، حيث تم توزيع بعض البطاطين والخيام البسيطة والطاقات الشمسية لإنارة المصابيح، بالإضافة إلى أدوات للطهي، ولكن هذه المساعدات لم تكن كافية لتغطية احتياجات المعسكر بالكامل.
خسائر مالية بفعل الكارثة:
ويشير مسؤول التنسيق بين اللجان في المنطقة، منصور علي عبيد، إلى أنه وبحسب الحصر الذي قامت به لجنة الطوارئ المحلية، بلغ عدد المنازل المدمرة كليًا 2202 منزلاً، بالإضافة إلى 6896 منزلاً تضررت جزئيًا.
كما تعرضت المرافق العامة مثل المدارس والمساجد والمرافق الصحية والأندية لخسائر كبيرة، فضلاً عن الخسائر الزراعية. إجمالاً، تقدر الخسائر الناجمة عن الفيضان بمبلغ لا يقل عن 350 مليون دولار.
وصف منصور، تدخل الدولة ممثلة في ولاية النيل الأبيض بأنه “خجول ولا يتناسب مع حجم الكارثة”. وأوضح أن هناك بعض التدخلات من قبل محلية ربك وديوان الزكاة وديوان الأوقاف، بالإضافة إلى مساهمات من وزارات المالية والبنية التحتية في إعادة تشغيل محطة المياه ومعالجة الجسور.
وأشار إلى أن التدخلات من شركة سكر كنانة وهيئة النقل النهري كانت محدودة، مشدداً على أن الدولة لم تقدم الدعم الكافي.
وأضاف منصور: “هناك تقصيرًا من الجهات الحكومية في تقنين وضع معسكر النزوح بأبا الجديدة، مما حال دون تشييد الحمامات والمرافق الصحية، وأبطأ من تدخل المنظمات الدولية”.
مساعدات المنظمات الوطنية والدولية:
وذكر منصور أنه على الرغم من الجهود المبذولة، لم تغط المساعدات احتياجات المنطقة بشكل كافٍ. حيث أشار إلى أن بعض المنظمات الوطنية والمبادرات قدمت مساعدات غذائية للمجتمع المحلي، بالإضافة إلى مواد غير غذائية وحقائب كرامة للنساء في سن الإنجاب.
كما شاركت بعض المنظمات الدولية، مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة بلان العالمية، في تقديم مساعدات في مجالات الإيواء والمياه والصحة، وفقا لمنصور.
ولكن، منصور، أكد أن هذه التدخلات لم تغط سوى أقل من 20% من احتياجات المنطقة، خصوصًا في مجال الإيواء. وأعرب عن أمله في تدخل أكبر من مفوضية العون الإنساني بالولاية لدفع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة للمشاركة بشكل أكثر فعالية في الوضع الراهن.
مطالبات لتحسين الوضع:
يطالب منصور الجهات الحكومية وغير الحكومية المساعدة في تخفيف الضرر عن المتأثرين بضرورة توفير مساكن للمتضررين في منطقة أبا الجديدة، حيث يعاني النازحون من برودة الطقس في المنطقة المكشوفة، ويفترشون الأرض ويلتحفون السماء. كما دعا لتوفير معونات غذائية عاجلة، خاصة أن السكان فقدوا كامل مدخراتهم ومحاصيلهم.
ودعا منصور لتوفير مركز صحي في منطقة النزوح، مع توفير الأدوية اللازمة، بما في ذلك الأمصال الخاصة بالثعابين والعقارب، وتوسيع قدرات مستشفى الجزيرة أبا. ونبه إلى ضرورة تشييد المراحيض وتوفير مياه الشرب النقية في ظل تفشي حالات الكوليرا.
وأكد على أهمية تقديم مساعدات لسكان الجزيرة أبا لإعادة بناء منازلهم من خلال مواد بناء ودعم فني. نبه منصور إلى ضرورة ترميم وصيانة الجسور الواقية للجزيرة أبا ومراجعة جميع المناطق الهشة، مع العمل على منع حدوث كارثة مماثلة في المستقبل.
وطالب بإعادة وحدة صيانة الجسور التابعة لوزارة الري والموارد المائية، التي تم سحبها قبل عدة سنوات، مشيرًا إلى أن الوحدة كانت تحتوي على آليات ثقيلة وفنيين ومهندسين قادرين على القيام بمهام الصيانة الدورية.
أخيرًا، دعا منصور إلى تعويض المزارعين عن الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها نتيجة الفيضانات.
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum
المصدر: صحيفة التغيير