اخبار السودان

الجذريون يحددون مواقفهم السياسية حسب اعتقاداتهم لا على الواقع الملموس

صديق الزيلعي

صديق الزيلعي

أواصل الحوار مع الصديق أحمد عثمان عمر، الذي توقف بسبب ظروف عمل أحمد. اليوم أكمل مقالاته مما يسمح لي بمواصلة الرد. كنت كتبت الرد على مقاله الأول بعنوان: “الدكتور أحمد عثمان عمر والإصرار مجددا على رفض التحالف”. وكان جوهره ان الحرب هي أكبر الكوارث التي واجهها وطننا، وللحزب الشيوعي تجارب عديدة في التحالف من اجل قضية واحدة. وعليه ان يتحالف مع الاخرين لإزالة هذه العقبة الكأداء، وبعدها يناضل من اقناع الجماهير ببرنامجه، ويخوض بها المعارك، فهناك متسع من الزمن لكل ذلك. والآن لا صوت يعلو على صوت انهاء الحرب. هذه الموضوع هو مناقشة حول مقاله الثاني سماه: ” قحت لم تغادر محطة الشراكة”.
جوهر طرحي ان أنصار التغيير الجذري يحملون تصورات جامدة في أذهانهم، عن الآخرين، ويبنون عليها مواقفهم السياسية. وهو موقف في تناقض تام مع الفكر الديالكتيكي، الذي ينبني على ان كل شيء في حالة حركة مستمرة. وقد لخص جوته ذلك في عبارة حكيمة: ” النظرية رمادية وشجرة الحياة في اخضرار دائم”.
كتب الصديق أحمد في صدر مقاله:
“هل نقد بعض منسوبي (قحت) للشراكة نفسها إن تم لا للمرحلة الانتقالية بصفة عامة في ورشة، يعني تخلي (قحت) عن الشراكة؟ وهل التخلي عن خط سياسي يتم بنقد أفراد في ورش أم بوضع خط سياسي بديل بشكل مؤسسي، تنبني عليه ممارسة سياسية ترفض الشراكة علناً؟ في تقديري أن نقد الأفراد مهما كانوا وكان مركزهم لخط سياسي ما في ورشة تقييمية تقيمها صحيفة، لا يعني مفارقة مؤسساتهم لهذا الخط، ولا تغير تحالفاتهم وفقاً لورقة نقدية قدمت في ورشة”.
هذا نموذج معبر يعبر بصدق عن موقف قوى التغيير الجذري، وجوهره التمسك بموقف العداء الثابت والتصورات المسبقة عن القوى الأخرى، وليس ما يحدث في الواقع الملموس من تغيير حقيقي. فرفض التحالف مع قحت موقف نهائي، مهما حدث من تغييرات في الواقع او الممارسة. تقوم حرب يتدمر السودان فلا تحالف مع قحت. الان لنرى هل كانت الورشة فعلا من بعض افراد قحت او ورقة نقدية في ورشة تقيمها صحيفة، كما ورد في مقال الصديق أحمد عثمان عمر.

انعقدت الورشة في الفترة من 20 وحتى 24 يوليو 2022 تحت عنوان: ورشة تقييم الفترة الانتقالية، بمبادرة من صحيفة الديمقراطي ومشاركة رسمية من قحت. صدرت المداولات في كتاب من تحرير الأستاذة رباح الصادق في كتاب من 604 صفحة. وأقول بصدق، من أخطاء قحت التي لا تتوقف ان مثل هذا العمل الهام وغير المسبوق من القوى السياسية، لم يجد حظه من النشر والتوزيع الكبير والتبشير به بشكل جماهيري يليق بأهميته. سأحاول، مستقبلا تقديم قراءة له، ولدي ملاحظات ناقدة لبعض ما طرح فيه، ولكني لا أرفضه جملة وتفصيلا. والآن لنرى ما حوته الورشة وحجم الإسهامات التي قدمت والنقاشات الناقدة والتوصيات النهائية التي وافقت عليها قحت، حسب ما ورد في كتاب الأستاذة رباح الصادق.
الجلسة الافتتاحية
كلمة صحيفة الديمقراطي البروفسير هشام عمر النور
كلمة قوى الحرية والتغيير الأستاذ الواثق البرير
كلمة نقابة المحامين الأستاذ على قيلوب
الباب الأول: تجربة قوى الحرية والتغيير الأستاذ محمد الفكي سليمان
نقاش
الباب الثاني: 1. الأداء الحكومي في الفترة الانتقالية م. خالد عمر يوسف
2. تقييم أداء الجهازين السيادي والتنفيذي بروف صديق تاور
نقاش الورقتين
الباب الثالث: الوثيقة الدستورية
1. الوثيقة الدستورية (منظور نقدي) الأستاذ مدني عباس مدني
2. الإطار السياسي للوثيقة الدستورية الأستاذ طه عثمان
نقاش الورقتين
الباب الرابع: العدالة وإصلاح النظام العدلي د. نصر الدين عبد الباري
النقاش
الباب الخامس: التوازن النوعي والعمري والجهوي بروف بلقيس بدري
النقاش
الباب السادس: السياسة الخارجية دكتورة مريم الصادق المهدي
النقاش
الباب السابع: المشروع الاقتصادي لحكومة الفترة الانتقالية د. إبراهيم البدوي
النقاش
الباب الثامن: اتفاق سلام جوبا د. يوسف الضي ادم
النقاش
الباب التاسع: لجنة تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو أستاذ وجدي صالح
النقاش
الباب العاشر: الإصلاح الأمني والعسكري لواء معاش كمال إسماعيل احمد
النقاش
نقاش التوصيات
الجلسة الختامية: الإعلان الختامي
كلمة صحيفة الديمقراطي بروف هشام عمر النور
كلمة الحرية والتغيير مهندس عمر الدقير
كلمة والدة الشهيد محجوب التاج أستاذة وداد عثمان
كلمة لجان مقاومة الحاج يوسف أستاذة هند الصادق
كلمة تنسيقية لجان احياء امبدة أستاذ نزار محمد سليمان
ملحق المشاركون في الورشة 78 مشاركا بالإضافة لمقدمي الأوراق

كل هذا الجهد المقدر والمحترم لدراسة التجربة والخروج بدروس للمستقبل يتم تجاهله بالمقاطعة والحرد ثم تهمل نتائجه وتوصياته ويتواصل التمركز في خندق منفصل.
يكتب الصديق أحمد عثمان عمر ما يلي:
” (قحت) غارقة حتى أذنيها في شراكة مع اللجنة الأمنية للإنقاذ. ومثال لذلك شراكتها المبنية على الاتفاق الإطاري. وذلك لأن الاتفاق بين التسوويين (قحت) والعسكريين الانقلابيين (اللجنة الأمنية للإنقاذ قبل انقسامها ودخولها في حرب)، بأي صورة يتم هو شراكة، لأنه يتضمن اعترافا بالانقلابيين كطرف أصيل في اتفاق يؤسس لطبيعة السلطة القادمة، وكشريك في صياغة مستقبل السودان السياسي، تؤسس إرادته مع إرادة التسوويين لخارطة العمل السياسي، وأسس إدارة الدولة ومؤسساتها ودستورها. وهذا يجعل شرعية السلطة القادمة، مستمدة من شراكة أسست لتوصيفها ومنحتها وجودها.”
هذا تكرار للحديث غير العقلاني الذي تكرر كثيرا من الجذريين بأنهم لن يفاوضوا السلطة القائمة (آنذاك) الا لكي توقع على تسليم السلطة، وبعدها تذهب الي المحاكم.

لقد كتبت، مرارا، عن مواقف الحزب الشيوعي من التفاوض مع سلطة الاسلامويين، ثم توقيع التجمع الوطني الديمقراطي لاتفاق مع الاسلامويين، ثم مشاركة الحزب الشيوعي في المجلس الوطني بثلاثة نواب، ثم تسجيل الحزب الشيوعي نفسه في مجلس الأحزاب، ودعوة المؤتمر الوطني لحضور المؤتمر الخامس. وكلها كانت سياسات عقلانية وتفهم توازن القوى في اللحظة المعينة، والواقع السياسي السوداني. لكن ماذا يسمي أنصار التغيير الذري الحاليين كل تلك المواقف؟
هناك قضايا مهمة سأتعرض لها في الحلقات القادمة.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *