اخبار السودان

الجانجويد كما عرفتهم

عمر القوني

 

استدراكات على سلسلة مقالاتي عن الجانجويد كما عرفتهم

 

بعد نشر الجزء الثالث والأخير من سلسلة مقالاتي عن الجانجويد كما عرفتهم، عثرت على مقالة كتبتها الأستاذة رشا عوض، على موقع سودارس بعنوان “يوميات جمهورية الجنجويد: موسى هلال في طريقه الى الجبهة الثورية!” وذكرت معلومات لم أعلمها عن نشأة الجانجويد، وذكرت الأستاذة رشا معلومات عن التاريخ السيئ للمجرم موسى هلال وعلاقته بالمجرم الآخر علي عثمان محمد طه، وأنا لم أذكر تلك المعلومات لأني لم أسمعها من مصدري المطلع على خفايا الأمور في أروقة الحكم في السودان بداية عام 2003م، فذكرت الأستاذة رشا والتي هي من قلائل الكتاب السودانيين الذين يستحقون الاحترام هذه الأيام أن موسى هلال شارك في جريمة نهب البنك التي ذكرتها في الحلقة الأخيرة، وأنه كان يقضي عقوبة السجن في بورتسودان من جراء تلك الجريمة، وأنا قد ذكرت أن محدثي قال إن موسى هلال كان في السجن “بسبب جرائم نهب مسلح كان قد ارتكبها في دارفور” ولكنه لم يحدد جريمة السطو المسلح على البنك، ولم أكن قد سمعت بوقوع هذه الجريمة حتى سمعت الرجل الجانجويدي يتفاخر بها عندما كنت في الفاشر.

أما عن فكرة الإفراج عن موسى هلال والإغداق عليه بالمال والسلاح ليقوم بقتل وإبادة أهل دارفور، فقد نسبت الأستاذة رشا الفكرة إلى علي عثمان محمد طه، والجنرال عبدالله صافي النور “القائد بسلاح الطيران وحاكم دارفور السابق وابن عم موسى هلال”، وهذا يؤكد صدق مصدري في نسبة الفكرة إلى علي عثمان ولكنه لم يذكر اسم الجنرال هذا، وأنا لا أعلم من هو هذا الجنرال ولا أظنني سمعته به قبل عثوري على مقال الأستاذة رشا، ولكني لا أستبعد علاقته بالحركة التي يسميها البعض بالإسلامية، وعلى العموم ينبغي إدراج اسم علي عثمان وهذا الجنرال في قائمة المطلوبين لدى الجنائية الدولية إن لم يكونا في القائمة أصلاً.

وفاتني كذلك أن أذكر أن أحد كبار عضوية المؤتمر الوطني حدثني أن الإبادة والجرائم التي حدثت في دارفور لم تكن مقصودة لذاتها، ولكنها حوادث عرضية لم يتم التخطيط لها، ولكن بعد اطلاعي على مقال الأستاذة رشا تيقنت أن مصدري كان صادقاً عندما نسب إلى علي عثمان القول إن الغرض من إخراج موسى الهلال من السجن وتسليحه هو “تأديب الغرابة حتى لا تقوم لهم قائمة”، أي أن الإبادة الجماعية التي ارتكبها موسى هلال والجانجويد في دارفور كانت هي الغرض الأساسي من طريقة إدراة الحرب في دارفور. وسوف أعود إلى تشخيصي لنفسية علي عثمان في غضون ذكرياتي معه في الثمانينات وبداية التسعينات في سلسة مقالات أخرى.

ومعلومة أخرى مهمة نسيت ذكرها أنني قبل سنوات عديدة عملت في الحكومة الفيدرالية في كندا في دائرة الهجرة، وزاملني هنالك رجل آخر من أصول إفريقية يعود أصله إلى دولة مالي في غرب إفريقيا، وكان يعمل في قسم آخر غير قسمي، وكنت أحياناً أجالسه في فترة الغداء في ساحة الطعام، لنتناول الغداء معا ونتجاذب أطراف الحديث، فصدمني يوما بذكر “أناس قساة القلوب جداً جاءوا من اتجاه السودان وتشاد، يشبهون قبيلة الفولاني أي الفلاتة ولكنهم لا يتحدثون بلغة الفولاني بل بالعربية، وأن هؤلاء الناس يرتكبون جرائم قتل بلا رحمة، فيهجمون على القرى النائية فيقتلون أهلها ويغتصبون النساء، ولا يرحمون حتى الأطفال الرضع، بل حدثني أن هؤلاء الأجانب يستمتعون بإشعال النيران في البيوت حتى يهرب أهلها فيصطادونهم بالرصاص وهو يضحكون مستمتعين، ويقذفون الأطفال في النيران بلا شفقة، فأصابتني صدمة لأني عرفت من هم أولئك القساة غلاظ القلوب، فهذه الجرائم هي نفسها التي حدثني عنها علي الحسيني رحمه الله، وسمعتها من بعض النازحين الذين نجاهم الله، هذه بصمات جانجويدية لا تخفى، وكذلك وصفه لهم بأنهم يشبهون الفولاني ولكنهم يتحدثون العربية، فكل القبائل السودانية المستعربة في شمال وشرق وغرب السودان تشبه نوعاً من الفولاني رأيتهم في عدد من دول غرب إفريقيا أثناء زياراتي إلى المنطقة في التسعينيات، من الكاميرون إلى موريتانياً، وهم يختلفون عن القبائل الإفريقية الأخرى في اللون وقسمات الوجه، وهم أشبه الناس ببعض السودانيين الذين يدعون النسب العباسي.

فالجانجويد الذين ينسبهم بعض السودانيين إلى مالي ينسبهم أهل مالي إلى السودان وتشاد، Go figure! .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *