
رشا عوض
هناك علاقة عضوية بين اجهزة المخابرات الغربية وجماعات الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين ولا سيما فرعها السوداني، تم توظيف هذه الجماعات للتصدي للشيوعية طيلة سنوات الحرب الباردة، لهذا الهدف تم تمويلها بالمليارات وفتحت لها خزائن الخليج بالحاح من واشنطن! ودعمتها امريكا عسكريا في حرب افغانستان.
حتى الان هناك دوائر غربية مخابراتية نافذة لها رغبة اكيدة في الاحتفاظ بهذه الجماعات واستغلالها سياسيا في عدة جبهات، حتى الصhيونية لها اذرعها داخل هذه الجماعات.
الموقف الاستئصالي الراهن ضد هذه الجماعات سببه ملابسات ظرفية اهمها وجود الجمهوريين بقيادة ترامب في البيت الابيض وتداعيات ما يسمى ب ” طوفان الاقصى” ولكن لا شيء ثابت في السياسات الدولية ولا سيما الغربية حيث تتغير الحكومات والسياسات.
الادعاءات الطهرانية العريضة التي تدعيها جماعات الاسلام السياسي تجاه الغرب كلها طلس فارغ للاستهلاك المحلي في مشاريع البلطجة المحلية ، فهذه الجماعات باحثة عن السلطة المطلقة في بلدانها وفي سبيل السلطة يمكنها التحالف مع الشيطان ، وليس لهذه الجماعات مشروعا سياسيا منتجا ولا تشكل تحديا حضاريا للغرب او حتى للشرق! فهي بطبيعتها غير قادرة على انتاج اي شيء سوى الاستبداد العاري والتخلف، اي متغيرات سلبية في علاقة الغرب بهذه الجماعات هي متغيرات ظرفية محكومة بمنطق متغيرات السياسة لا منطق المفاصلات العقدية او الاخلاقية ، ولذلك لا تصلح مثل هذه المتغيرات لان تكون ” تعميدا اخلاقيا” لعصابات الاسلام السياسي باعتبارها حائط دفاع حضاري وقيمي او كمشروع تحرري للامة الاسلامية ، هذا “طلس” لا ينطلي على العارفين بتاريخ هذه الجماعات وسلوكها العملي وتورطها في اسوأ واقذر نوع من الصفقات السرية مع امريكا والغرب ، وخصوصا جماعتنا في السودان.
لكل هذه المعطيات يجب عدم الاعتماد على الغرب بشكل مطلق في تخليص رقبة وطننا من هذه العصابة ، بل يجب ان يكون التخلص منها مشروعا وطنيا غير قابل للمساومة ، لانها ببساطة اكبر معول هدم للدولة والشعب والقيم والاخلاق، واكبر عائق للتقدم !
التخلص من العصابة الكيزانية هو شرط نهضوي وطني يجب ان نتصدى له فكريا وسياسيا في المقام الاول ولا نعتمد في ذلك على غرب او شرق ولا اي متغيرات ظرفية اقليميا ودوليا ، هذا المشروع المسموم يجب ان نطرد سمومه من العقول والنفوس والضمائر لان هذه ضرورة لعافيتنا السياسية والحضارية بل ضرورة للحياة من حيث هي.
جميل جدا ان يكون الظرف الاقليمي والدولي في هذه اللحظة التاريخية طاردا لجماعات الاسلام السياسي ولكن الاهم هو اكتساب كل شعوب هذه المنطقة لحصانة ذاتية ضد هذا الفيروس المدمر، وقد اكتسبت قطاعات كبيرة من الشعب السوداني لهذه الحصانة بدليل خروجهم في ثورة ديسمبر المجيدة ليس فقط ضد البشير بل ضد النظام ككل وافشل الشعب خطة استغلال الثورة في التخلص من البشير ثم اختطاف الثورة نفسها لصالح نسخة انقاذي جديدة ! اهم اسباب فشل هذه الخطة هو ان الشعب السوداني ثار ضد الكيزان كمشروع ونظام فساد واستبداد!! ولكن الكيزان حتى هذه اللحظة يغالطون هذه الحقيقة الساطعة ويدعون ان معارضتهم مجرد مؤامرة غربية منبتة عن الداخل! واشعلوا هذه الحرب واستغلوها ابشع استغلال في عملية غسيل الادمغة ومحو الذاكرة وتكريس الاكاذيب وعلى رأسها ان الكيزان ضحايا مؤامرة غربية في حين انهم جلادون لشعبهم على مدى ثلاثين عاما والكرت الاحمر تم اشهاره في وجه نظامهم الفاسد بواسطة ملايين من الشعب السوداني لا بواسطة غرب او شرق كما يدعون!
المصدر: صحيفة التغيير