التاريخ لم يبدأ يوم 15 أبريل 2023
التاريخ لم يبدأ يوم 15 أبريل 2023
حمور زيادة
يريدوننا أن نمسح من حياتنا 30 عاماً وكل ما أرتكب فيها بما في ذلك صناعة الجنجويد
وأن نعيد كتابة التاريخ من 15 أبريل ليس قبل ذلك …!!!
______________________________________
لا تأكل الحرب بلادنا وحدها، لكنها تأكل تاريخها أيضاً.
مع الحرب لم يعد مهماً تاريخ الدكتاتوريات ومن قاومها. الحرب تعيد كتابة كل شيء وفق رغبة طرفيها.
الجيش ومن معه يعيدون كتابة تاريخ الكيزان، وتاريخ العسكر. ما عيب الكيزان؟ انهم من ابناء البلد، يحاربون مع الجيش ضد التمرد!
يعيدون كتابة تاريخ الجيش. لم يعودوا عسكراً انقلابيون يقلتون المواطنين، ويدمرون الديموقراطيات منذ الخمسمينيات من القرن الماضي.
فجأة يتم مسح 30 عاماً وأكثر من حياتنا. كل ما ارتكبه الاسلاميون والعسكر مغفور.
من المجرمون؟ انهم القوى المدنية التي ظلت منذ الخمسينيات تقف ضد الحكم العسكري. الذين ناهضوا حكم الإسلاميين وقادوا هذه الثورة. هم العدو. لأن كل شيء يبدأ من هذه الحرب لا من قبلها.
تجمع المهنيين؟ خونة. الحرية والتغيير؟ حلفاء المليشيا. من أبطال الوطن؟ الجيش وكتائب الكيزان.
أما الجنجويد ومن معهم فيريدوننا أن نتجاوز تاريخهم مع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وأن وجودهم نفسه خلل وخطيئة. فإن لم نؤيدهم فنحن نخب دولة 56. عنصريون نكره أن نرى أبناء الهامش في السلطة. يجب أن ننسى كل جرائم الجنجويد، السابقة والحالية. وننظر اليهم كقوى مهمشة. كأنهم ما كانوا حتى قبل شهور ثلاثة يد السلطة المركزية الباطشة ضد المركز والهامش.
لا يهم موقفك من الإبادة الجماعية في دارفور ولا موقفك من الحريات والمساواة لجميع المواطنين. إن لم تدعم الجنجويد الآن فأنت عنصري!
يريد الطرفان أن يبدأ التاريخ من 15 ابريل. ليس هناك قبل.
لكننا سنقاوم.
سنقاوم غسيل السمعة. سنقاوم إعادة الإنتاج. سنقاوم الابتزاز.
ونظل نذكر جرائم الكيزان والعسكر والجنجويد.
الحرب جعلت المستقبل لهم. ثلاثتهم أو بعضهم. وحلمنا بدولة مدنية انهزم. لكن رغم هزيمتنا سنظل نذكر جرائمهم.
قريباً سنرى ثوريين يتبرأون من الثورة ليعتبروها مؤامرة جنجويد أو هبة نخب 56. وسيجرمون القوى المدنية. ويتحولون إلى جستابو ضد كل ما له علاقة بالثورة. وسيتهمونها أنها دمرت البلاد وأهلكت العباد. سيفعلون ذلك ليركبوا سرج المنتصر، مع الجيش أو الدعم.
لكننا سنظل نذكر. أننا أردنا دولة مدنية، والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل.
الهزيمة لا تعني أننا كنا على خطأ.
ومن يتركون صف الثورة ويهرولون لتأييد الحاكم العسكري أو الجنجويدي المغامر لا يثبتوا أننا كنا على خطأ.
ستجد هذه البلاد المدنية والحكم الديموقراطي يوماً ما. مهما تكالب ضدها العسكر والجنجويد والكيزان، وتخلى عنها المعرصون.
ربما ينهزم جيلنا، لكن أجيال قادمة ستحقق الحكم المدني الديموقراطي، وتكون بلادنا بلا حكم عسكر وبلا حنجويد.
المصدر: صحيفة التغيير