التآمر على الدولة السودانية!!

حيدر الشيخ هلال
بتوقيع ما يسمى الميثاق (التأسيسي) قطع الدعم السريع والمؤتمرون معه أي مسعى يفضى الى إيقاف هذه الحرب بعملية تفاوضية، ولكن ما الذي اوصل الدعم السريع ليتخذ هذه الخطوة الانتحارية؟ هل فقد الدعم أي امل في استجابة الجيش لنداءات المجتمع الدولي والمسهلين، ام ان هناك ضغوط مورست على الطرفين من جهات خارجية استشعرت خطورة استفحال هذه الحرب فطالبت بإيقافها بأي شكل وإن كان تقسيم السودان, مقدمين حياة الانسان على أي اعتبارات اخرى؟ أم ان لعبة المصالح هي ما جعلت المحاور يقتنعون بإقتسام كيكة السودان عوضا عن الاقتتال عليها؟ .
من اخطر إفرازات هذه الحرب انها شكلت مرتع خصب للملايش الارهابية فهناك تقارير تتحدث عن دخول ملايش داعh$ية الى الاراضي السودانية، وهذا شئ غير مستبعد لان بؤر الصراع تمثل بيئة مواتية لانشطتها، فالفوضى تشكل غطاء جيد يمكن ان تستخدمه في تدريب عناصرها او مقار للتجنيد او مراكز قيادة متأخرة تنطلق منها عملياتها المختلفة!! .
ماتمر به منطقة الشرق الاوسط من توترات في ظل الحلول المطروحة من قبل ترامب وتزايد الغضب الشعبي الاسلامي والعربي عليها فمن الطبيعي ان تستثمر هذه الملشيات فيه وتسعى لعملية تحشيد لجمع المقاتلين وبالتالي فهي تحتاج غطاء لعمليات التدريب كما انها تحتاج التمويل والتسليح،، فإن العملية الكبرى التي تجري في المنطقة قد تم التمهيد لها بإزالة الاسد وتسليم البلاد لمن كان يتوقع منه اثارة البلبلة في الاقليم ومن المؤكد إن هذا تم بعد عملية ترويض نوعية سيأمن معها الاقليم أي تحركات مثيرة من طرف هؤلاء المقاتلين بالتالي ضمان عدم استضافتهم لأي حركات بذات الايدلوجية!! مما سيضطرها البحث عن ارض اخرى تشكل غطاء لانشطتها ولا يوجد افضل من السودان الغارق في الفوضى، الذي يعاني من سيولة امنية، والمفتوح على الحدود الغربافريقية التي كانت تشنط فيها جماعات مماثلة فاقتراب نظيراتها بالشرق الاوسط ودخولها الى الحدود السودانية سيغريها للتجمع مجددا والتحرك شرقا للالتقاء بها!! .
يبدو ان موازنات الاقليم المثقلة بالحمولات الفوضوية قد رجحت الرأي القائل إن الابقاء على الاقليم مستقرا في ظل دولتين سودانيتين افضل بكثير من استمرار القتال والفوضى التي قد تؤدي الى تكاثر هذه الملايش بالمنطقة متسببة في كارثة اخرى اشر واقبح!! .
فبطبيعة الحال إن مصر والتي بدأت وكأنها منزعجة من ميثاق (نيروبي) ستكون المستفيد الاول من عملية التفكيك التي ستضمن لها استقرار حدودها الجنوبية على الاقل!! كما إنها ستستثمر في قيام الدولتين بإبقائمها في دائرة الصراع لاستنزاف مواردهما، الامر الذي يجري الان مع السودان الموحد في ظل الحرب ولولا وصول ملايش الرعب، وإغراءات الوضع الجديد كمكسب اقتصادي لمصر على المدى البعيد لما اهتمت مصر بإيقاف الحرب من أساسه!! .
فمصر قد دعمت البرهان رغم علمها أن وراءه الاسلاميين مما يشكل خطرا عليها في حال استيلاءهم على السلطة، لهذا فقد طرحت نفسها كحليف قوي له تدعمه بالعتاد والطيران على أمل ان ينتصر بدونهم ولكن يبدو انها لم تكن تعرف ان اشكالية الجيش هي قلة ( المقاتلين) في المقام الاول، مما جعله يعتمد على ملايش البراء الاسلامية وغيرها، ومع انها ادركت هذه الحقيقة لاحقا الا انها ظلت تدعمه على مضض لانها لا يمكن ان تسمح باستيلاء مليشيا على عمقها الاستراتيجي (السودان الموحد)، لهذا قد أجلت هاجس عودة الاسلاميين بانتظار ماستتمخض عنه العملية السياسية، ولتدارك هذه المعضلة فقد تبنت منبر تفاوضي دعت اليه بعض الواجهات الكرتونية التي لا تملك أي ثقل جماهيري أو اعتراف دولي لتزج بهم في التشكيل الحكومي المرتقب عسى ولعل يشكلون ثقلا فيها يخفف من هيمنة اعداءها الاسلاميين!! .
ومع استطالة امد الحرب و فشل كل المساعي السلمية لايقافها وعدم مقدرة الجيش على حسمها، وتخوف مصر من انتشار الملايش الداع$hية، فإن مصر ستصفق لتقسيم السودان حفاظا على سيادة اراضيها وليس لديها أي مانع اذا ما استفردت مليشيا الدعم السريع بجزء منه!! بل ستكون اول المبادرين بالاعتراف بهم وستسعى لاقامة علاقات استراتيجية معهم تضمن بها خنق الحكومة الاخرى في منطقة (الجيش) خصوصا إذا كانت ملامحها اسلامية!! .
من ناحية اخرى فان الامارات التي يتهمها الجيش بدعم المليشيا، تحتاج الى الاراضي الصالحة والمياه الجارية وموارد ( السودان الموحد) ولكن في ظل استحالة تكويشها على الكيكة فهي سترضخ بلا شك لعملية التقسيم التي ايضا ستضمن لها موارد كبيرة من معادن سودان ( الدعم) وثروته الزراعية والحيوانية!! بالتالي اي عملية تجري لتقسيم السودان ستتعامل معه بنظرية ( المال تلتو ولا كتلتو) وعلى العموم فهي الرابحة بلا شك وستعوض اي ملياراات خسرتها في هذه الحرب ان وجدت!! .
عليه!! قلق المجتمع الدولي من تنامي الكارثة الانسانية بسبب عدد اللاجئين والنازحين الذي فاق التسعة ملايين سوداني كأكبر كارثة انسانية تمر على البشرية في السنوات الاخيرة،، والقتل والابادة التي يتعرض لها المواطن لم ولن تشكل أي دافع لايقاف الحرب، سوى شعارات تستخدم للاستهلاك السياسي أو استجلاب الدعم والاغاثات لسرقتها والاستيلاء عليها، بينما الدوافع الحقيقية التي شكلت اتجاهات المشهد السوداني الاخير وافرزت ماسمي (بميثاق التأسيس) بلا شك وراءها مؤامرة داخلية واقليمية ودولية يتحمل مسؤليتها الاخلاقية المجتمع الدولي الذي اهمل هذه الكارثة الانسانية وترك المواطن السوداني المسكين يواجه مصيره بين سندان الحرب المستعرة ومطرقة التقسيم القاسية!! .
#لا للحرب
#لازم تقيف
#وحدتنا تصنع السلام
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة