أطياف

صباح محمد الحسن

طيف أول:

المتشدقون الذين كُتب ميلاد غيظهم، وبدأ خوفهم من الخروج بلا ميراث، الأوطان لا يُحفر اسمها

على جدار التاريخ بالدماء، السلام هو أعظم توقيع!!

ولم توفق وزارة الخارجية السودانية في بيان الرد على بيان الرباعية الأخير، إذ تركت الحكومة جوهر القضية الأساسية، وانبرت في كيل الاتهامات لدولة الإمارات التي اعترضت على وجودها ضمن الموقعين على البيان. وقالت “إن الخارجية السودانية تعرب عن استنكارها الشديد لمشاركة الإمارات في البيان، مشيرة إلى أن سجل أبوظبي في الحرب على السودان لا يؤهلها للحديث عن السلام”.

وبهذا تكون الحكومة كشفت عن عدم قراءتها الجيدة للبيان، وأن ردها جاء انفعاليًا بسبب ما خلص إليه من بنود وضعت نهاية لحكم الإخوان في السودان. ولو وقفت على الفقرة “5”، لوجدت أن البيان اتفق على منع تدفق السلاح لتغذية ميدان الصراع في السودان، وعدم منح المجال للأطراف الإقليمية والمحلية المزعزعة للاستقرار، الساعية للاستفادة من استمرار النزاع في السودان. وتقول الفقرة “إن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يؤدي إلى زيادة حدة النزاع وإطالة أمده، والإسهام في عدم الاستقرار الإقليمي. وبناءً على ذلك، فإن إنهاء الدعم العسكري الخارجي هو ضرورة لإنهاء النزاع”.

فطالما أن الإمارات موقعة على البيان، فهذا يعني أنها توافق على ما ورد فيه، أي أن المنع الأمريكي للدول الداعمة للصراع سيأتي أولًا قبل أن يتجه القرار إلى مخاطبة قادة ميدان الصراع.

وهذا يعني أن الحكومة احتجت على “ما قبل صياغة البيان”، وأهملت ما خلص إليه، مما جعلها تبدو في ساحة “مناكفة”.

ولو لم تكن الإمارات واحدة من الدول الموقعة، فهل كانت الحكومة ستقبل الحل المطروح؟

فالبيان اتهم نظامها بزعزعة الاستقرار، وتسببه في قتل الآلاف من السودانيين ودمار البلاد، مما خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وشكل مخاطر جسيمة على السلام والأمن الإقليميين. ومع ذلك، لم تعترض الخارجية على هذا الاتهام، ولم تستطع نفيه، بل حاولت تجاوز خطرها الداخلي لتحذر دول الخليج من مخاطر خارجية، قائلة “إن العدوان الإسرائيلي المتصاعد يمثل الخطر الحقيقي، وأن الانشغال بفرض وصاية على السودان لن يغنيهم عن مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة”.

ولخصت الخارجية رفضها للبيان بعدم قبولها التفاوض مع الدعم السريع، كما اعتبرت أن ما ورد في البيان يمثل “إيحاءات تمس السيادة الوطنية”، وتوحي بأن السودان دولة خاضعة لوصاية خارجية.

وبهذا تؤكد الحكومة السودانية رفضها لخطة الحل الدولية، ولكن هل طرحت الرباعية خطة الحل لتوافق عليها الحكومة أو ترفضها؟ هذا هو السؤال الذي ربما تكون الإجابة عنه قد تخطت التوقعات، بتجاوز الخطة فيه مساحات الترجي والانتظار.

فالبيان قال في فاتحته إنه توصل إلى رؤيته بعد مشاورات مكثفة بشأن الصراع في السودان، وهذا ما يجعل ردة فعل الحكومة لا تتجاوز حدود الرفض المتوقع، الذي لا يغير في الواقع شيئًا.

وبالرغم من أن الخارجية السودانية صبّت جام غضبها في البيان على دولة الإمارات، إلا أن صدمتها بسبب انتقال مصر إلى ضفة دعم السلام لم تُفصح عنها في البيان. حتى بيان الحركة الإسلامية، بتوقيع أمينها العام، وجد العذر لمصر، حيث قال “لئن تفهمنا اهتمام دول جوارنا في الإقليم وحرصها على إيقاف الحرب بالسودان والبحث عن فرص السلام، فإننا نرفض تدخل أي طرف أجّج الحرب وساهم في تطاول أمدها بتوفير المدد المادي والعيني”.

ولأن مصر علمت أن خطوتها ستشكل صدمة على حكومة بورتسودان، سارعت إلى تبرير موقفها ببيان أكدت فيه الخارجية المصرية أن انضمامها إلى المبادرة ينبع من موقفها الثابت الداعم لوحدة السودان، وصون مؤسساته الوطنية، واستعادة الأمن. وأن مشاركتها في البيان المشترك الصادر عن الرباعية يأتي لحرصها على استعادة السلام والأمن في السودان، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرص القاهرة على إنهاء الحرب الدائرة، وضمان وحدة السودان وسلامة أراضيه.

والملاحظ أن الرد على الرباعية لم يأتِ من قيادة الجيش، بصفته أحد طرفي الصراع الذين خصهم البيان بالذكر، وطالبهم بوقف الحرب، بل رفضته الأطراف الكيزانية المتمثلة في قيادة التنظيم والحكومة، وهو ما يؤكد أن فلول النظام البائد هي الأكثر حرصًا. على استمرار الحرب.

طيف أخير

نظم المركز المغاربي الأفريقي للإعلام بنيروبي ندوة عن الأزمة في السودان، بالتعاون مع “أمينة لايف فاونديشن”، و”كوفي عنان فاونديشن”، وقفت على أسباب فشل المبادرات لإحلال السلام، وما ينبغي فعله من جهود لإنهاء الحرب، وعلى رأسها الوقف الفوري للنار وإيصال المساعدات؛ ومن ثم بدء عملية سياسية للعودة إلى المسار المدني.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.