البرهان ينتشي بمكسب ميداني يتيم بعد قرابة عام من الحرب
يعكس توعد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان بمواصلة جيشه حصار قوات الدعم السريع عن حالة انتشاء بعد تمكنه من السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، لكنها ستزول سريعا مع استعادة قوات الفريق الأول محمد حمدان دقلو “حميدتي” مكاسبه الميدانية قريبا.
ويرى مراقبون أن انتشاء البرهان بهذا المكسب الميداني الوحيد منذ بداية الحرب في منتصف أبريل الماضي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يظهر قدرة الجيش على تمكنه من السيطرة على مواقع أخرى استراتيجية، خصوصا وسط أنباء عن انسحاب ناجح لقوات الدعم السريع.
وزار البرهان، وهو قائد للجيش مقر “سلاح المهندسين” في مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، عقب استعادة قوة من الجيش السيطرة على مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون (رسمية) الثلاثاء، بحسب بيان لمجلس السيادة.
وخلال الزيارة مساء الثلاثاء، قال البرهان “سنواصل حصار العدو المتمرد (يقصد الدعم السريع) في الجزيرة ونيالا وزالنجي والجنينة والخرطوم وبحري وكل مكان في هذا الوطن”.
وتابع “رسالتنا لمتمردي الدعم السريع أن القوات المسلحة والأجهزة النظامية العسكرية ستلاحقكم في كل مكان، وكذلك المواطنين حتى يتحقق النصر الكامل”.
ووصل البرهان إلى أم درمان بعد ساعات من إعلان الجيش استعادته مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي كانت تسيطر عليه منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
وفي ظل عدم صدور بيان رسمي من قوات الدعم السريع يوضح ما حدث أمام مقر الإذاعة والتلفزيون، فقد تحدث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن انسحاب ناجح لقوات الدعم السريع.
وذكر بعض النشطاء أن أعداد قوات الدعم السريع داخل الاذاعة ومحيطها كبير يقدر بـ3 ألف مقاتل و200 عربة قتالية، مشيرين إلى أن صور مسيرات جوية تظهر ما يقارب 20 عربة قتالية مدمرة تتبع للدعم السريع فقط.
واعتبروا أن حديث الجيش عن تدمير الجيش كامل لقوات الدعم السريع بالإذاعة ومحيطها عار عن الصحة خصوصا وأنه لم يأسر أي جندي من الدعم السريع كما لا يوجد حتى بالقرب من الـ20 عربة مدمرة أي قتلى، وهو ما يدفعهم إلى استنتاج أن قوات حميدتي انسحبت من المكان لأغراض سياسية.
ويبدو أن الجيش وظّف حالة كمون الدعم السريع في تعزيز قواته، حيث لا يستبعد مراقبون أن تكون الجولات التي قام بها البرهان خلال الفترة الأخيرة قد نجحت في إقناع أطراف إقليمية بتقديم الدعم العسكري إلى الجيش.
وبدت قوات الدعم السريع خلال الفترة الماضية متجاوبة أكثر من اللازم مع مبادرات التسوية ووقف الحرب التي تأتي من قوى مختلفة، وهو ما وظفه الجيش في حشد قواته وأعلن رفضه قبول مقترح الهدنة خلال شهر رمضان.
ويرى مراقبون سودانيون أن المكاسب الميدانية التي يعلن عنها الجيش ليست نوعية كما يروج لها أنصاره، وهي ناتجة بالأساس عن قرار الدعم السريع عدم الاعتماد على مسار الحسم العسكري كخيار وحيد وفتح الباب أمام التفاوض لحل الأزمة بشكل سلمي، وهو ما يفسر التفاعل السريع لقيادة القوات مع مبادرات الحل السياسي، سواء منها التي جاءت بمبادرة مشتركة بين السعودية والولايات المتحدة في محادثات جدة، أو العروض الأفريقية، بما في ذلك وساطة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) التي رفضها الجيش أو الوساطة المصرية.
ويشير المراقبون إلى أن المكاسب الميدانية يمكن استعادتها بمرور الوقت، لكن ثقة الناس من الصعب استعادتها، ولهذا تعطي قوات الدعم السريع للبعد الإنساني أولوية في المعركة بالرغم من أن ذلك يفهم لدى قادة الجيش على أنه تراجع وضعف.
ورغم ما يحصل عليه الجيش من دعم إقليمي وتسليح مستمر وتفوق في سلاح الجو، عجز على مدى أشهر عن تحقيق مكاسب ميدانية.
وكان مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا قال الأحد الماضي “أنه لا هدنة في رمضان إلا إذا نفذت الدعم السريع اتفاق جدة” مشددا على أن أن الدولة ستتفاوض من أجل إيقاف الحرب عندما يلتزم الدعم السريع بتنفيذ مخرجات جدة في إشارة لعدم الالتزام بالقرار الدولي ويؤكد عم اهتمام قادة الجيش بالوضع الإنساني الكارثي.
ويعتقد متابعون للمشهد السوداني أن المواقع التي تمت خسارتها يمكن استعادتها في المستقبل القريب حيث يحظى الدعم السريع بثقة عامة الشعب وينتظرون بفارغ الصبر انتهاء النزاع.
وأخفقت مساعٍ محلية وإقليمية حتى اليوم في إنهاء حرب السودان الأهلية التي خلَّفت نحو 13 ألفا و900 قتيل، وما يزيد على 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
والاثنين تجددت الاشتباكات بالعاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في أول أيام شهر رمضان، رغم الدعوات الإقليمية والدولية لوقف الأعمال العدائية خلال الشهر المبارك.
العرب
المصدر: صحيفة الراكوبة